بالوثيقة السياسية وإعلان دستوري للحكم المدني.. "السوان بتفرح"
احتفالات بالسودان بعد التوقيع على الوثيقة السياسية
على مدار 5 أشهر، منذ الإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير، تشهد السودان أحداث متعاقبة وتغييرات عديدة، قبل أن تبدأ مسارها نحو تاريخ جديد يمهد لمستقبل أكثر، ببداية الانتقال للحكم المدني، عقب التوقيع أمس على الإعلان الدستوري.
ويحتفل السودان، اليوم، ببدء تنفيذ الاتفاق الذي تمّ التوصّل إليه بين المجلس العسكري الانتقالي وقادة الحركة الاحتجاجية، للانتقال إلى الحكم المدني الذي يأمل السودانيون أن يجلب لبلدهم مزيدا من الحرية والازدهار الاقتصادي.
وخلال حفل يقام في قاعة تطلّ على نهر النيل، يوقّع قادة المجلس العسكري وزعماء الحركة الاحتجاجية على وثائق الاتفاق الذي يحدّد فترة حكم انتقالية مدّتها 39 شهرا، وفقا لوكالة "فرانس برس".
ويشارك في الحفل الرسمي، الذي أطلق عليه "فرح السودان"، رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ونظيره الإثيوبي آبي أحمد وعدد من القادة في المنطقة، ووزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو، ووزيرا خارجية أوغندا وجيبوتي ورئيس البرلمان العربي.
وفي 4 أغسطس الجاري، جرى التوقيع بالأحرف الأولى على الإعلان الدستوري، المجلس العسكري في السودان وقوى الحرية والتغيير، بوساطة أفريقية، الذي سيحدد آليات الحكم في المرحلة الانتقالية، بعد 8 أشهر من الحراك الشعبي ضد نظام البشير، حيث جرى تحديد المرحلة الانتقالية بأن تكون 39 شهرا.
الإعلان الدستوري.. حدد آليات الفترة الانتقالية لبداية الحكم المدني
وحدد الإعلان الدستوري بالسودان، تقاسم السلطات وتسوية النزاعات المعلقة الأخرى، وعدة آليات، أبرزها ضرورة العمل على تسوية أوضاع المفصولين تعسفيا من وظائفهم، ووضع إصلاح قانوني، بالإضافة إنشاء آليات لوضع دستور جديد للبلاد، وتعزيز دور المرأة والشباب، وتوسيع فرص مشاركتهم في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
كما ينص على إنشاء مجلس سيادي "مدني - عسكري" مشترك، ويترأس قائد عسكري المجلس المكون من 11 عضوا خلال الأشهر الـ21 الأولى، يليه زعيم مدني في الأشهر الـ18 التالية، إضافة لحكومة تكنوقراط يختارها المتظاهرون، ومجلس تشريعي بأغلبية من قوى إعلان الحرية والتغيير، الائتلاف الرئيسي الذي قاد الاحتجاجات، على أن تجتمع في غضون 3 أشهر.
وألغى الإعلان العمل بدستور جمهورية السودان الانتقالي لسنة 2005، ودساتير الولايات، على أن تظل القوانين الصادرة بموجبها سارية المفعول ما لم تلغ أو تعدل، محددا أن تكون الأولوية خلال الستة أشهر الأولى من الفترة الانتقالية للعمل الجاد لأجل إحلال السلام طبقا لما يرد في برنامج الفترة الانتقالية في هذا الشأن.
واشترط أن تلتزم أجهزة الدولة في الفترة الانتقالية بإنفاذ المهام الآتية، منها العمل على تحقيق السلام العادل والشامل وإنهاء الحرب بمخاطبة جذور المشكلة السودانية ومعالجة آثارها مع الوضع في الاعتبار التدابير التفضيلية المؤقتة للمناطق المتأثرة بالحرب والمناطق الأقل نموا والمجموعات الأكثر تضررا، وإلغاء القوانين والنصوص المقيدة للحريات أو التي تميز بين المواطنين على أساس النوع، ومحاسبة منسوبي النظام البائد على كل الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب السوداني منذ الثلاثين من يونيو 1989 وفق القانون.
في 48 ساعة.. السودان يخطط لمستقبله بوثيقة سياسية وإعلان دستوري
كما شمل معالجة الأزمة الاقتصادية بإيقاف التدهور الاقتصادي والعمل على إرساء أسس التنمية المستدامة وذلك بتطبيق برنامج اقتصادي واجتماعي ومالي وإنساني عاجل لمواجهة التحديات الراهنة، والإصلاح القانوني وإعادة بناء وتطوير المنظومة الحقوقية والعدلية وضمان استقلال القضاء وسيادة القانون، والعمل على تسوية أوضاع المفصولين تعسفيا من الخدمة المدنية أو العسكرية والسعي لجبر الضرر عنهم وفق القانون.
وألزم بضمان وتعزيز حقوق النساء في السودان في كل المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ومحاربة كل أشكال التمييز ضد المرأة مع مراعاة التدابير التفضيلية المؤقتة في حالتي السلم والحرب، وتعزيز دور الشباب من الجنسين وتوسيع فرصهم في كل المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ووضع سياسة خارجية متوازنة تحقق المصالح الوطنية العليا للدولة وتعمل على تحسين علاقات السودان الخارجية وبنائها على أسس الاستقلالية والمصالح المشتركة بما يحفظ سيادة البلاد وأمنها وحدودها.
وتتضمن أيضا تشكيل لجنة تحقيق وطنية مستقلة بدعم أفريقي عن الاقتضاء وفق تقدير اللجنة الوطنية، لإجراء تحقيق شفاف ودقيق في الانتهاكات التي جرت في الثالث من يونيو 2019، والأحداث والوقائع التي تمت فيها انتهاكات لحقوق وكرامة المواطنين مدنيين أو عسكريين، على أن تشكل اللجنة خلال شهر من تاريخ اعتماد تعيين رئيس الوزراء، وأن يشمل أمر تشكيلها ضمانات لاستقلاليتها وتمتعها بكافة الصلاحيات للتحقيق وتحديد المدى الزمني لأعمالها.
الوثيقة السياسية.. وضعت أطر لهيئات الدولة وحل الأزمة السياسية
وقبل التوقيع على الإعلان الدستوري، سبقه في 17 يوليو الماضي، توقيع قادة الاحتجاج في السودان والمجلس العسكري الحاكم، بحضور الوسيطين الإثيوبي والأفريقي، بالأحرف الأولى على وثيقة الاتفاق السياسي، ما يمهد لحل الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد.
ويتضمن الإعلان السياسي الموقع اليوم، 22 بندا تستعرضها 6 فصول، تنص على "المبادئ المرشدة، الترتيبات الانتقالية، المجلس التشريعي، لجنة التحقيق، مهام المرحلة الانتقالية، والمساندة الإقليمية والدولية"، وفقا لموقع "سكاي نيوز".
وشمل بند "الترتيبات الانتقالية"، تشكيل مجلسين، هما "السيادة والوزراء"، على أن يتألف الأول من 11 عضوا "5 عسكريين و5 مدنيين وشخصية مدنية يتم اختيارها بالتوافق بين الطرفين"، ليتولى حكم البلاد لفترة انتقالية تستمر 3 أعوام، على أن يترأس العسكريون أولا الهيئة الانتقالية لـ21 شهرا، على أن تنتقل الرئاسة إلى المدنيين لـ18 شهرا.
وفيما يخص مجلس الوزراء، تختار قوى إعلان الحرية والتغيير رئيسا للحكومة الذي يحدد بدوره عدد من الوزراء لا يتجاوز الـ20، عدا وزيري الدفاع والداخلية اللذين يختارهما العسكريون في المجلس السيادي بشرط عدم جواز ترشح من شغل منصبا في مجلس السيادة أو مجلس الوزراء أو ولاة الولايات أو حكام الأقاليم، في الانتخابات التي تلي الفترة الانتقالية مباشرة".
الفصل الثالث من الوثيقة تتضمن "المجلس التشريعي"، إذ اختلف الطرفان بشأن نسبة العضوية، واتفقوا على أن يحدده مجلس السيادة، بشرط تحديده في فترة لا تتجاوز 90 يوما من تاريخ تشكيل المجلس.
أما الفصل الرابع فهو خاص بـ"لجنة التحقيق" فيما يتعلق بتشكيل لجنة مستقلة، بعد تشكيل الحكومة الانتقالية للتحقيق في أحداث فض الاعتصام أمام وزارة الدفاع في الثالث من يونيو الماضي، وغيرها من الأحداث.