بعد انتهاء تطوير حدائقها.. تعرف على التاريخ المعماري للقناطر الخيرية
القناطر الخيرية
أعلن الدكتور محمد عبدالعاطي وزير الموارد المائية والري، الانتهاء من تأهيل وتطوير حدائق الري في القناطر الخيرية، والتي تتميز بموقع فريد بين فرعي النيل دمياط ورشيد بإجمالي 68 فدانا موزعة على 10 حدائق تابعة للوزارة، وذلك استغلالاً لفترة الإغلاق بسبب أزمة كورونا.
وقال المهندس عبداللطيف خالد رئيس مصلحة الري، إنه جرى الانتهاء من أعمال تطوير حديقه "عفله" أشهر وأكبر تلك الحدائق بمسطح 13 فدانا، وتقع على البر الأيسر لفرع دمياط بين قناطر محمد علي القديمة والجديدة، وتطل على النيل بممشى أهل مصر، وتتميز بوجود أنواع من الأشجار الفريدة المعمرة التي يزيد عمر بعضها على 100 عام مثل "التين البنغالي".
"الوطن" تستعرض في عدد من النقاط تاريخ بناء القناطر الخيرية التي تعد تحفة هندسية..
فكرة إنشاء القناطر
لم تكن فكرة إنشاء القناطر الخيرية من مستحدثات فكر محمد على أو مهندسيه بل كان لها جذور سابقة فقد ذكر نابليون بونابرت في مذكراته أنه من الأعمال الجليلة التي لا مناص من تنفيذها في يوم ما لأن إنشاء سدود على فرعى دمياط ورشيد سوف تضاعف مياه النيل، وحين تولى محمد على السلطة في مصر عام 1805م بدأ هذا الحاكم في تحويل معظم أراضي الدلتا إلى الري المستديم وذلك ضمن خطة طموحة لتحديث مصر.
الهدف من إنشاء القناطر
استدعى استخدام الأرض الزراعية بكفاءة أكبر وزراعتها بالمحاصيل القابلة للتصدير وكان أهمها محصول القطن وهو محصول صيفي يحتاج إلى الماء في وقت يكون فيه النيل شحيحا وبدأت أولى محاولات توفير الماء خلال موسم التحاريق لري القطن عام 1820م بتعميق ترع الدلتا لعمق قد يصل إلى ستة أمتار لكي تصل إلى منسوب النيل المنخفض في موسم التحاريق وفشلت هذه المحاولة فشلا ذريعا حيث كان رفع الماء منها باهظ التكاليف إضافة إلى صعوبة تطهيرها من الطمي عقب كل فيضان وفى عام 1825 تم استبدال نظام تعميق القنوات بنظام أخر يتم فيه رفع منسوب المياه في النيل والقنوات الكبرى بعمل سدود عرضية بها ولكن هذا النظام لم يلق النجاح مثل سابقة لتكلفته العالية في تطهير الطمي الذي يتجمع خلف هذه السدود به كل فيضان والذي كان يحتاج إلى حوالي أربعمائة ألف فرد كل عام يعملون بنظام السخرة لتطهير هذه السد فكان لابد من التفكير بطريقة عملية لرفع مستوى النيل في المواضع التي تستمد منها الترع ماءها مما حدا بمحمد على إلى جمع مهندسيه وأرباب الفن لتحقيق هذا الهدف وبعد الدراسات وافقت اللجنة المشكلة على مشروع المهندس الفرنسي لينان دي بلفون والذي اقترح فيه بناء القناطر على فرعى النيل شمال نقطة افتراق الفرعين بنحو عشرة كيلو مترات وبدأ العمل عشوائيا دون استعداد كاف وتوقف العمل عام 1835م بسبب تفشى وباء الطاعون بعدها تم استبدال مشروع لينان بمشروع آخر أعده المهندس الفرنسي موجل بك.
بطء وتراخي في إنشاء المشروع
كانت فكرة مشروعة هي أن تقام القناطر في جزيرة شلقان على بعد قليل من أمام نقطة افتراق الفرعين وبدأ العمل في مشروع موجل بك عام 1843م تحت إشرافه وتوفى محمد على باشا أثناء العمل عام 1848م وفى عهد عباس باشا الأول سار العمل في القناطر الخيرية ببطء وكان موجل بك يلح عليه في إتمامها ولكن عباس الأول لم يبال بما يقول موجل بك وأوقفه عن العمل واستمر العمل في إنشاء القناطر الخيرية يسرع حينا ويبطئ احيانآ أخرى إلى أن انتهى العمل بها في عهد سعيد باشا وتحت إشراف المهندس مظهر بك عام 1861م وقد جلبت حجارة القناطر من منطقة طره والبساتين.
وصف القناطر الخيرية
بنيت القناطر عند قمة الدلتا على مساحة 22 كم تقريبا وتعتبر سد عظيم على نهر النيل شمال القاهرة وأول عمل للري أقيم على أعظم عمل صناعي للري في العالم بدأ التفكير فيه ليكون الري مستديماً وحجز المياه أمام قنطرة لتأخذ الرياحات المياه وتوصلها إلى أراضي الدلتا كلها وتعتبر القناطر أعجوبة فنية وأثرية، وتتكون من قنطرتين أقيمتا على فرعى رشيد ودمياط عند رأس الدلتا، ويبلغ طول قناطر فرع دمياط 535 متر وتحتوى على 71 فتحة تم إغلاق عشرين فتحة بصفة نهائية وكل فتحة عرضها خمسة أمتار ما عدا فتحتين في الوسط عرض كل منهما خمسة أمتار ونصف متر ولهذه القناطر هويس بعرض 12م ×65.
عيوب في القناطر الخيرية
نظرا لوجود عيوب وتصدعات في القناطر الخيرية تشكل العديد من اللجان لإصلاحها بدءا من 1891م مرورا بعصر إسماعيل إلى أن وقعت البلد في أيدي الاحتلال الانجليزى وفى عام 1885 حصلت مصر على قرض من مؤتمر لندن خصص منه مليون جنية لإصلاح الري ومنشأته وبدأ التفكير على الفور في إصلاح القناطر الخيرية واستمر العمل بدءا من 1886 حتى انتهى في يونيو 1890م وفى نفس العام تم إزالة جميع السدود الترابية وأصبحت القناطر الخيرية صالحة للعمل وبالرغم من إتمام الإصلاح في عام 1891 إلا أنه في عام 1896ظهرت شروخ في القنطرتين 807 من قناطر فرع رشيد ورغبة في صيانة القناطر الخيرية استقر رأى رجال نظاره الإشغال العمومية على إنشاء سدود خلف القناطر لتشاطرها جزءا من قوة التوازن عند الحجز عليها وقد بدا العمل في إنشاء السدين 1898 وكان طول سد فرع رشيد 500م وأشرف على البناء الميجور براون ورفيقة مستر جورج بروك وبواسطة هذين السدين أمكن رفع منسوب القناطر الخيرية والاستفادة من الفيضان وقد لعبت القناطر الخيرية دورا هاما في زيادة المساحة المزروعة وتنظيم الملاحة وحركة الري بالنيل.
قنطرة فم الرياح المنوفي
شيد موجل بك قنطرة الرياح المنوفى في عام 1850م وكانت تتكون عند نشأتها الأولى من ست فتحات وهويس بعرض 15م وفى عام 1886 جعل عرض الهويس 9م وتم تحويل الباقي إلى فتحة سابعة ونظراً للطبيعة الرملية لأرضية قنطرة الرياح المنوفى فقد تهدم بناؤها فجأة في 26/12/1909 م ولم يبق منها سوى الإضافات التي تمت عام 1886م وما بعدها وبدأ العمل في بناء قنطرة جديدة مكانها لتتكون من 9 فتحات وهويس عرضه 8م وتم بناؤها في أغسطس 1910.
قنطرة فم الرياح البحيرى
تم بناء هذه القنطرة عام 1863 ولكنها لم تستعمل إلا في عام1890م وكانت مكونة آنذاك من 3 فتحات عرض الواحدة 4م وهويس عرضة 8م وقد أضيفت فتحتان إلى هذه القنطرة عام 1900م وتم تحويل الهويس القديم إلى فتحتين وأضيف هويس جديد عرضه 8 متر.
فوائد القناطر الخيرية
إمكانية ري 3.8 مليون فدان خلف القناطر أمام ( أوطي ) منسوب للتحاريق دون استخدام الآلات ومع إتباع نظام الغمر أثناء الفيضان يمكن زراعة ثلاثة محاصيل، كما يمكن ري الأراضي أمام القناطر حتى القاهرة بنفس الطريقة، كذلك إتمام ري أراضي الوجه البحري في الفيضانات الواطيه، وتحسين الملاحة في الترعة، بالاضافة الى إمداد ترعة المحمودية بالمياه طول العام عن طريق ترعة الخطاطبة، و وجود مياه جارية بالخليج المصري طول العام بمنسوب الفيضانات، كما ألغت القناطر السواقي وباقي أدوات الري المعمول بها في ذلك الوقت، وتم الاحتفاظ بالمياه في ترعة السويس القديمة، كما ارتفع ربح الزراع إلى ثلاثة أضعاف لأن ري الأراضي ثلاث مرات يزيد المساحة بواقع 1.5 مليون فدان.
تكاليف إنشاء القناطر
بلغت تكاليف إنشاء القناطر والسدود الخلفية في ذلك الوقت 287 ألف جنيه وقد أنعم الخديوي في 15 أبريل عام 1889 على المهندسين القائمين بالأعمال بالرتبة الثانية.
فكرة إنشاء الحدائق والمتنزهات
عند البدء فى بناء القناطر الخيرية ومع بداية أعمال الحفر نتجت كميات هائلة من الطمى ألقيت على ضفتى فرعى النيل ومنطقة الإنشاء حيث كونت تلالاً وودياناً خصبة ورأى القائمين على العمل أن تزرع هذه الأراضى وأن تنشأ بها حدائق ومنتزهات وجلب لزراعتها من مصر والخارج الاشجار والنباتات النادرة وأجمل أنواع الزهور وأنشئت بها الغابات وغرس بها أفضل أنواع النخيل حيث تحولت إلى مساحة لجذب الزوار ورئة ومتنفساً لأهل مصر، أما الحدائق فقد وصلت مساحتها إلى 180 فدانا مزودة بالمرافق والخدمات من دورات مياه وكافتيريات وخلافه وهى موزعة على المنطقه كلها ويحصل على مقابل دخول رمزى روعى فى تقديره البعد الاجتماعى.