خبير: أردوغان يغازل التكفيريين بتحويله "آيا صوفيا" لمسجد
آيا صوفيا
في عام 537 ميلاديًا، بنيت كنيسة آيا صوفيا خلال العصر البيزنطي، وظلت لمدة 916 سنة حتى دخول العثمانيين إسطنبول عام 1453، فحولوا المبنى إلى مسجد، وظل كذلك حتي عام 1934، حينما تحول إلى متحف بموجب مرسوم صدر في ظل الجمهورية التركية الحديثة، إلا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سعى لإرضا قوى اليمين المتطرف والجماعات الإرهابية فحول المتحف إلى مسجد.
وشهد "آيا صوفيا"، أمس، أول صلاة جمعة، وحمل خطيب المسجد السيف العثماني الذي يعود للسلطان محمد الفاتح، فتحولت بيوت الرب لأداة وسلاحًا دعائيًّا بيد أردوغان وجماعته لاسترداد شعبتهم خلافتهم مرة أخرى.
دار الإفتاء أكدت أن أردوغان يواصل استخدام سلاح الفتاوى لتثبيت استبداده في الداخل باسم الدين، وتبرير أطماعه في الخارج باسم الخلافة المزعومة، وإبراز مطامعه السياسية في الخارج.
ولفتت الدار إلى ورقة المساجد التي يستخدمها أردوغان جيدًا في الداخل التركي، بهدف المكاسب السياسية وإنقاذ شعبيته المترنحة نتيجة وباء كورونا والانهيار الاقتصادي لبلاده؛ مؤكدة أن تحويل الكنيسة القديمة "آيا صوفيا" إلى مسجد، وما رافقه من نشر مقطع فيديو لأردوغان وهو يتلو القرآن في رمضان الماضي، هي موضوعات استهلاكية لكسب الطبقات المتدينة.
وأكدت الدار، عبر موقعها الرسمي أن قضية تحويل آيا صوفيا إلى مسجد طُرحت منذ عقود، بيد أنها ظلت أداة وسلاحًا دعائيًّا بيد مختلف السياسيين في حملاتهم لاستقطاب الناخبين، لا سيما المتدينين منهم.
ومع توظيف النظام التركي لشعارات تسييس الدين، عاد موضوع تحويل آيا صوفيا إلى مسجد ليصبح سلاحًا انتخابيًّا بيد أردوغان وجنوده يرفعونه كلما احتاجوا إلى أصوات العامة من الناس، حسبما ذكرت الدار.
بدوره قال إسلام بحيري الباحث في الشئون الإسلامية، عبر صفحته: "المشهد في صلاة جمعة آيا صوفيا، اليوم هو مشهد الخليفة الموهوم، وكيف استخدم الإسلام؟".
وأضاف: "مفيش مشاكل خالص إنك تكون قاتل سفاح تدعم الإرهاب في كل البلاد العربية بالمال والعتاد والسند، وتسفك بسببه دماء مئات آلاف الأرواح البريئة، وتقتل أجناسًا كاملة ذبحًا وتتفاخر بكده من أرمن مسيحين للأكراد المسلمين، لمجرد إنك شايف إن إبادتهم مريحة نفسيًا ليك، وتنهب خيرات الدول من غاز لبترول لأراضي، وتسطو على مقدرات بلاد بالاغتصاب والبلطجة".
تابع: "مفيش مشاكل تمامًا تتآمر وتخون وتعتدي وتحتل أجزاء من دول مستقلة زي العراق وسوريا وقبرص وجزر اليونان وبحر إيجه وكريت وليبيا ومياه المتوسط، وإنك تزور الحقائق وتمجد القتلة الأجداد وتثني عليهم وتعيد اغتصاب ما اغتصبوه من قبل، وتعبث باستقرار دول فيها ملايين البشر وتدعم معارضيهم القتلة وتفتح لهم القنوات والأموال اللي بتسعى لتدمير حياتهم وتقسيم مجتمعهم وتفتيت بلادهم، ومفيش أي مشكلة تعيش قاتل خائن متآمر سفاك دماء سارق معتدي مزور وضيع بلا شرف ولا مبدأ»".
أضاف: "أهم شيء بعد كل ده، تروح يوم الجمعة في آيا صوفيا، تقرأ الفاتحة ترتيلًا مع فواتح سورة البقرة، وتلبس العمامة البيضاء، وتظهر الخشوع في صلاتك، وتقدم نفسك كراعٍ للمسلمين في العالم، وإمام الإسلام الأوحد كل الحكاية، أردوغان بيعيد تمثيل مشهد أجداده الخلفاء، بس بشكل عملي".
فيما قال أيمن نصري رئيس المنتدي العربي الأوروبي للحوار وحقوق الإنسان بجنيف: تاريخيًا مسجد آيا صوفيا في الأساس هو كاتدرائية مسيحية بناها الإمبراطور البيزنطي منذ أكثر من 1500 عام، وتحديدًا عام 537 ميلاديًا، وتعني "الحكمة الإلهية" باللغة اليونانية، موضحًا أن الكاتدرائية استخدمتها عدة طوائف على رأسها الأرثوذكسية والكاثوليكية.
وأضاف لـ"الوطن": قرار المحكمة الإدارية التركية المسيّس بضغط من النظام التركي هو سقطة جديدة، وانتهاك يضاف إلي القائمة الطويلة من الانتهاكات والتجاوزات الحقوقية، وهذه المرة اعتداء صارخ على حرية العقيدة والمقدسات الدينية المسيحية، واستمرار لانتهاكات في حق الأقليات المسيحية المحرومة من أداء عباداتها.
وتابع بأن هذا القرار قوبل بعاصفة كبيرة من الرفض والغضب من الطوائف المسيحية في الشرق الغرب والمجتمع الإسلامي، وجاء الرفض من أكبر المؤسسات الدينية الكبيرة، وعلى رأسها مجلس الكنائس العالمي والفاتيكان والأزهر الشريف، حيث أجمعت كل الأطراف على أن هذا التصرف عدواني يحمل الكثير من مشاعر العنصرية والتعصب الديني، ومحاولة لمحو الهوية الدينية المسيحية، في وقت تبذل فيه عدد من دول المنطقة وعلى رأسها مصر والإمارات مجهودات كبيرة لنشر ثقافة السلام بين الأديان والطوائف ونبذ العنف والتعصب الديني وتعزيز ثقافة العيش المشترك، من خلال استضافة عدد من الشخصيات الدينية الكبيرة، وتنظيم مؤتمرات لدعم التقارب الديني بين الأديان السماوية.
وقال نصري: توقيت إصدار القرار مشبوه يستخدمه النظام التركي لخدمة مصالحه السياسية نتيجة للخلاف السياسي الواضح مع بعض دول الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسها فرنسا وألمانيا، ويأتي في ظل محاولات من النظام التركي لوضع هذه الحكومات تحت ضغط شعبي، لأن أغلبية شعوب الاتحاد الأوروبي مسيحية وترى في هذا التصرف انتهاك لحرمة المقدسات الدينية المسيحية.
وذكر أن النظام التركي يحاول استقطاب عدد كبير من المتعصبيين دينيًا للحصول على دعم معنوي، وتقديم نفسه على أنه خليفة المسلمين القادم الذي سيرفع راية الإسلام، كما يسعي لاستقطاب عددًا أكبر من التكفريين المنتمين لجماعات أصولية متشددة، للمشاركة في حروبه الاستعمارية في سوريا وليبيا، من خلال استخدام آلته الإعلامية المدعومة بالإعلام الإخواني، لتصدير فكرة أن النظام التركي يرفع راية الإسلام في مواجهة الغرب الكافر.