صانع قذائف «آر بى جى» فى العراق.. بائع تين شوكى فى مصر
مرتدياً جلبابه المكوى، والكوفية «المزركشة» التى تزينه، تجده واقفاً أمام عربته، التى تمتلئ عن آخرها بحبات التين الشوكى، غارقاً فى ذكرياته، ومردداً كلمات الأغنية المفضلة عند ابنه الصغير «الدنيا زى المرجيحة»، والتى تعبر عن حاله.
عم خلف إبراهيم، بائع التين الشوكى بمنطقة شبرا الخيمة، والذى يحتل مكاناً مميزاً بجانب محطة السكة الحديد، بشكل يجعله قبلة للمسافرين من كل مكان، لم يكن يتخيل أن يكون «التين» هو حاله، بعد أن كان من أشهر صانعى قذائف «الآر بى جيه» فى الجيش العراقى.
«أوعى يغرك المظهر، أنا اتكرمت من صدام حسين شخصياً»، قالها عم خلف، الأسيوطى المنشأ، فالذكاء والالتزام، اللذان تميز بهما، خلال فترة عمله بمصانع الجيش العراقى، جعل المهندسة العراقية المشرفة عليه «خلود»، تعتبره من أمهر العاملين وتقرر تكريمه.
علاقة عم خلف بالرئيس الراحل صدام حسين، ما زال يفتخر بها حتى الآن: «كنت مبسوط لما وقفت وسط العمال، وجه سلم عليا وادانى ساعة ذهبية»، تلك القصة التى ما إن قالها لزبائنه، حتى تُرسم الدهشة على وجوههم، فهم لا يتوقعون أن يكون ذلك الرجل العجوز البسيط، قد قابل رئيس دولة وكُرّم منه.
«الحرية هناك كان ليها طعم مختلف، أكبر من الحرية اللى كانت موجودة فى مصر فى عهد مبارك بمراحل»، هكذا عبّر عم خلف عن حنينه للسنوات العشر التى قضاها فى العراق، حيث اضطر لمغادرتها بعد أن قامت الحرب مع إيران.
عودة عم خلف إلى مصر بنهاية الثمانينات لم تكن بالأمر الهين، فعمله السابق بزراعة الأراضى بأسيوط لم يعد ممكناً بالنسبة له، بعد منع وزارة الزراعة زراعة محاصيل معينة، فغادر الصعيد، وقدم إلى العاصمة، وبعد بحث مضنٍ، أصبحت «عربة التين»، هى مصدر دخله الوحيد، حيث يعيل منها أسرته المكونة من ثلاثة أولاد وأمه المريضة.