"الصحة" و"التكنولوجيا" يتصدران بوصلة الاستثمار المباشر في مصر
سياسات الدولة الاقتصادية تحافظ على الجاذبية الاستثمارية للسوق المصرية
ميزت السياسات الاقتصادية التى قامت بها الدولة منذ بداية برنامج الإصلاح الاقتصادى فى 2016، وصولاً إلى الإجراءات والقرارات التى اتخذتها خلال أزمة كورونا، الاقتصاد المصرى دوناً عن باقى اقتصاديات المنطقة، بل والكثير من أسواق العالم، حيث تأثرت معدلات نمو معظم اقتصادات العالم سلباً، بينما ظل معدل النمو المتوقع للاقتصاد المصرى عند مستويات إيجابية.
كما وقعت المؤسسات الدولية على هذه السياسات الناجحة بالإبقاء على التصنيف الائتمانى للاقتصاد المصرى عند تقييمات مستقرة وإيجابية.
وبالمثل، استجاب الاستثمار المباشر الأجنبى والمحلى، لهذه السياسات التى تمكنت من العبور بالاقتصاد المصرى إلى بر الأمان، حيث حقّقت الاستثمارات المباشرة للقطاع الخاص نمواً بـ 20.6% خلال التسعة أشهر الأولى من العام المالى 2019/ 2020، ليصل إجماليها إلى 453.2 مليار جنيه بنهاية مارس الماضى، وفقاً للنشرة الإحصائية الشهرية للبنك المركزى، تركز معظمها فى قطاعات الغاز والطاقة، وقطاع الخدمات الصحية، والنقل والصناعات التحويلية.
ورغم تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية عالمياً نتيجة فيروس كورونا، الذى أصاب الأسواق، تمكنت مصر من جذب استثمارات أجنبية مباشرة بـ5.92 مليار دولار خلال التسعة الأشهر الأولى من 2019/ 2020، لتستكمل بذلك ما حققته خلال 2019، كونها أكبر الدول المُتلقية للاستثمارات الأجنبية المباشرة فى أفريقيا، وفقاً للتقرير السنوى لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأنكتاد)، ووفقاً لتقارير أخرى، استحوذت الإمارات والسعودية ومصر على حصة 65.4% من إجمالى تدفّقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى المنطقة خلال الربع الأول من العام الحالى، والبالغة 11.2 مليار دولار.
عمر رضوان: المستثمر الأجنبي يراهن على خبراته.. وعماد برسوم: خطط الدولة للتعاون مع القطاع الخاص تحفز المستثمر المحلي
من جانبه، قال عمر رضوان، رئيس المسئولين التنفيذيين بشركة مصر كابيتال - الذراع الاستثمارى لبنك مصر، إن صناديق الاستثمار المباشر تلقت خلال الفترة الأخيرة تمويلات ضخمة سيتم توجيهها لعدة قطاعات خلال الفترة الراهنة، فى مقدمتها قطاع الصحة، وذلك نتيجة الاهتمام الكبير الذى يحوذه هذا القطاع عالمياً مدعوماً بأزمة فيروس كورونا، التى ضربت دول العالم، مشيراً إلى أن الاستثمار المباشر ينشط بشدة فى القطاعات الدفاعية خلال الأزمات التى تمر بها الأسواق، لا سيما القطاع الصحى كما نشهد حالياً.
وأضاف: «كما ينضم قطاع الطاقة المتجددة بجانب القطاعات الأكثر رواجاً وجذباً للمستثمرين، سواء المحليين أو الأجانب، مدعوماً بمكاسبه الضخمة، واستدامته فى المستقبل، ويدخل هذه القائمة أيضاً قطاع التكنولوجيا المالية «fintech»، خاصة مع موجة التحول الرقمى التى يشهدها العالم، وإدخال التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعى ومجال الـ«Big Data» وتحليل البيانات، حيز القطاع المالى والمصرفى».
وأوضح أيضاً أنه لم يختلف الوضع كثيراً حول القطاع التعليمى الذى أصبح واحداً من أهم اللاعبين الواعدين فى الاستثمار المباشر.
وأشار إلى أن المستثمر الأجنبى يضع نصب عينيه القطاعات التى تمتلك فرص نمو مستقبلى واعدة، لذا تذهب معظم الاستثمارات الأجنبية المباشرة حالياً إلى القطاعات المتعلقة بالتكنولوجيا، بجانب القطاع المالى الذى يمتلك به الأجانب خبرات كبيرة، نتيجة تشابه محدداته ومعاييره رغم اختلاف الأسواق.
أما عن المستثمر المحلى، فإنه يمتلك ميزة الوعى والدراية بالسوق المحلية، مما يجعله قادراً على خوض قدر أكبر من المخاطر، مقارنة بالمستثمر الأجنبى، لذا فمن المتوقع أن يركز المستثمر المحلى على القطاعات ذات الطلب الاستهلاكى المرتفع.
ويرى عماد برسوم، العضو المنتدب بشركة «ازدهار» للاستثمار المباشر، أن السوق المصرية تعتبر من أكبر الأسواق الجاذبة للاستثمار المباشر، مستنداً فى ذلك إلى القاعدة الاستهلاكية الضخمة التى تتكون من 100 مليون مواطن، مما يجعل السوق المحلية جاذبة بشكل كبير للاستثمارات المباشرة فى القطاعات الاستهلاكية.
وأوضح أن القطاع الطبى بما يشمله من شركات أدوية ومستشفيات سيكون من القطاعات المرشّحة بقوة لإقبال المستثمرين خلال الفترة القادمة، وذلك نتيجة احتياج السوق إلى مزيد من الخدمات الطبية الجديدة والضرورية للمواطنين، مشيراً إلى الاستثمارات التى ضختها مؤسسة المملكة المتحدة للاستثمار المؤثر والتمويل للتنمية «CDC»، بالتعاون مع البنك الأوروبى لإعادة البناء والتنمية «EBRD»، وصندوق استثمار إنجليزى، للاستحواذ على 99.6% من شركة «أدويا» للصناعات الدوائية، فى صفقة قاربت الـ2 مليار جنيه منذ أسابيع قليلة.
وأضاف عماد برسوم، أن قائمة القطاعات الأساسية التى سيركز عليها المستثمرون خلال الفترة القادمة، تتضمن قطاع المقاولات الذى يتمتع بانتعاشة كبيرة مدعومة بمشروعات البنية الأساسية التى تنفذها الدولة بالاستعانة بشركات القطاع الخاص، وهو ما حدث عند تأسيس شركة «نيرك» لصناعات السكك الحديدية باستثمارات 10 مليارات دولار، بالتعاون مع شركة سامكريت للاستثمار، وشركة حسن علام القابضة، وشركة أوراسكوم للإنشاءات.
وأشار إلى أن الزخم الكبير الذى يشهده قطاع التكنولوجيا المالية والقطاع الطبى، نشط حركة الاندماجات والاستحواذات فى هذه المجالات، حيث تسعى الشركات الصغيرة والمتوسطة التى تعمل فى السوق المصرية بهذه القطاعات إلى الاندماج لتكوين كيان أكبر يكون قادراً على ضخ المزيد من الاستثمارات.
وقال عمرو هلال الرئيس التنفيذى لبنك استثمار «رينيسانس كابيتال» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن الخريطة الاستثمارية شهدت تغييرات جذرية خلال الفترة الأخيرة على الصعيد المحلى والعالمى، حيث تتوجه أنظار المستثمرين لعدد من القطاعات الاستثمارية المستفيدة من تداعيات وباء كورونا، بالإضافة إلى القطاعات الاستراتيجية القادرة على التأقلم مع مختلف المتغيرات الاقتصادية، لتتصدّر القائمة كل من القطاعات المالية وتكنولوجيا المعلومات، خاصة فى ظل توجّه الدولة لتحقيق الشمول المالى.