بروفايل| أشرف غنى البحث عن الاستقرار
دقائق معدودة مرت على أدائه اليمين القانونية كرئيس للبلاد فى أول انتقال ديمقراطى للسلطة فيها، قبل أن يدرك الرئيس الجديد أنه أمام مهمة ليست بالسهلة فى ظل توترات دفعت ببلاده إلى الهاوية منذ زمن بعيد. قرر أن يكون أداؤه اليمين مناسبة جيدة لفتح صفحة جديدة فى تاريخ بلاده ربما تسفر عن أى تحسن حتى ولو كان طفيفاً فى أوضاع البلاد، فاستغل مراسم أداء اليمين لدعوة حركة «طالبان» إلى إجراء محادثات سلام مع الحكومة، علّها تنهى عقوداً طويلة من الحرب الأهلية والتفجيرات الانتحارية.
يجد الرئيس الأفغانى الجديد أشرف غنى نفسه فى موقف صعب ربما لا يكون لديه أدنى فكرة عن كيفية الخروج منه، فهو رئيس يأتى فى ظل تزايد انقسام البلاد وتنامى نفوذ حركة «طالبان» وتزايد التفجيرات الانتحارية فى مختلف أنحاء البلاد، خاصة أن «طالبان» سبق أن رفضت دعوات سلفه حامد كرزاى المتكررة، بعد أن اتهموه بأنه «دمية» فى أيدى «واشنطن».
«غنى» مجرد «موظف لدى الأمريكيين» فى نظر معارضيه - وتحديداً حركة «طالبان»، تهرباً من الخوض فى المفاوضات للتوصل إلى اتفاق سلام ينقذ ذلك البلد، بينما يصف هو نفسه بأنه «روح حرة». هو معروف بنشاطه وقدرته على العمل، إلا أن من عملوا معه وأحاطوا به أكدوا أنه «سريع الغضب» يحاول الجميع الابتعاد عنه تجنباً لما سموه بـ«الغطرسة».
«توحيد البلاد ومواجهة مختلف المشاكل التى تعانى منها».. هكذا يتحدث الخبير الأكاديمى والاقتصادى الذى أصبح رئيساً لبلاده بعد 24 عاماً عاشها فى الولايات المتحدة بعد أن غادر أفغانستان فى 1977، عن هدفه. سبق لـ«غنى» الترشح لرئاسة أفغانستان عام 2009 ولكنه حل فى المركز الرابع، فى حين أن «خطاباته النارية» عن توحيد البلاد واستعادة الاستقرار، جعلته يحظى بنتائج أفضل هذه المرة.
رغم فوز «غنى» بالرئاسة بعد 13 عاماً تولى فيها حامد كرزاى الحكم بعد الإطاحة بحكم «طالبان» الذى بدأ عام 1996، فإن الجدل حول تزوير أصوات الناخبين فى الانتخابات الرئاسية التى أجريت فى يونيو الماضى، أجبرته على تقاسم السلطة مع منافسه عبدالله عبدالله، الذى أصبح رئيس «السلطة التنفيذية»، وهو دور أقرب إلى «رئيس وزراء»، ليتشارك الاثنان حكم البلاد.
على مدار 35 عاماً، شهدت أفغانستان أسوأ اضطرابات فى تاريخها، بداية من الاحتلال السوفييتى عام 1979، مروراً بالحرب الأهلية الدامية التى أسفرت عن قرابة 100 ألف قتيل، وحكم «طالبان» الذى فرض الشريعة الإسلامية بتفسيرها المتشدد، ما أدى إلى تراجع الحريات وحقوق الإنسان وزيادة الاستقطاب والتشدد فى البلاد، وهو ما استغلته الولايات المتحدة لغزو أفغانستان بعد أحداث 11 سبتمبر، حتى عينت بعد ذلك «كرزاى» رئيساً للبلاد بينما اختبأ مقاتلو «طالبان» وفرّ بعضهم إلى باكستان، لتبدأ بعدها مرحلة التفجيرات الانتحارية التى عادت بالبلاد عقوداً طويلة إلى الوراء.