«هرابات سيناء»: صدقة جارية وفرت مياه الشرب للسيناوية وشاهدة على الحروب
«الهرابات» سبل مياه للسيناوية في حرب أكتوبر ومواجهة الإرهاب
عبد السلام ابو هولى يشرب من هرابة والده
فرض المناخ القاسي والموقع الجغرافي والطبيعة الصحراوية على أهالي سيناء، العيش في ظروف قاسية قد لا يستطيع غيرهم الاستمرار فيها، وأكسبتهم الخبرة والمهارة لتحويل كل ما حولهم من موارد إلى أسلحة يستخدمونها في صراعهم من الأعداء والطبيعة، وكان أهم تلك الأسلحة «الهرابة» أو ما يسمى «جابية» التي توفر لهم الماء على مدار العام.
«هرابة أبو هولي» في جنوب الشيخ زويد، واحدة من سبل الماء النقي، شاهدة على حرب أكتوبر وحروب مصر على الإرهاب مؤخرا، يستخدمها الأهالي من العام للعام كـ«صدقة جارية» وهي عبارة عن غرفة أسمنتية تحت الأرض تتصل بمجرى يجمع مياه الأمطار لداخلها حتى تمتلئ، ومساحتها في الغالب تكون بين 4 أمتار للعرض ومثلهم للطول بعمق 6 أمتار على الأقل، وهناك أحجام أكبر بحسب احتياجات كل شخص عن الأخر.
«الهرابات» مخزون مائي استراتيجي للقرى والمزارع
واعتاد أهالي القرى والمناطق الصحراوية بناء «الهرابة» بجوار البيت أو المزرعة أو العشش، وهى أشبه بمخزون مائي استراتيجي يستخدمه أبناء البادية من العام للعام، ويعتقد أهل البادية أن مياه الأمطار فيها شفاء لأمراض الضغط والكلى والسكر وما دون ذلك، ويستخدمون ماء «الهرابة» في أعمالهم اليومية من طهي وشرب.
أحد السكان: «هرابة» والدي استخدمها الأهالي في حرب أكتوبر
والدي هو أول من شيد «هرابة» عام 1972 في منطقة تجمع أبو هولي بجنوب الشيخ زويد، وشيدها بسبب نقص الماء وتعرض المنطقة لغارات متتالية في أعقاب حرب 1967، وهي أقدم «هرابة» في المنطقة ووفرت الماء للناس بعد هروبهم لمنطقة أبو هولي على أطراف المدينة بسبب الحروب، بحسب حديث عبد السلام صالح أبو هولى أحد سكان جنوب الشيخ زويد «للوطن».
«الهرابات» شاهدة على حروب مصر
وتابع «أبو هولي» قائلا: واضطر الأهالي لترك ديارهم مرة أخرى بسبب مواجهة القوات المسلحة للعناصر الإرهابية، بعد أن نقلتهم لمساكن بديلة لحين انتهاء تطهير الأراضي من بقايا الإرهاب، وحينما عادوا مرة أخرى ظنوا أن «الهرابات» تهدمت أو انهارت، ولكنهم وجدوها لم تمس بسوء وقاموا بتنظيفها واستخدمها من جديد في موسم الأمطار الحالي، ومن هنا أصبحت «الهرابات» شاهدة على الحروب.
ويقول أحمد أبو زياد سواركة، أحد سكان غرب الشيخ زويد بشمال سيناء، إن «الهرابة» هي الشيء الوحيد الذي ضمن لأهالي القرى أن لايعطشوا، بعد أن نظفوها فور رجوعهم وتعبئتها خلال الأيام الماضية حينما تساقطت الأمطار.
أهالي القرى والصحاري يفضلون مياه الأمطار
ويوضح الحاج عرفات خضر، أحد سكان قرية الجورة بجنوب الشيخ زويد لـ«الوطن» إن الهرابات هي مخزون مائي استراتيجي يستخدم من العام للعام، ويجرى تهيئتها وتنظيفها قبل بداية الأمطار وتهيئتها، وما إن ينزل المطر، تمتلئ بشكل تام، وتكفى البيت أو الحي للشرب طوال السنة، بحسب سعتها وعمقها، وتعتبر من البدائل المائية عند أهل البادية، علاوة على إن أهل القرى والمناطق الصحراوية يفضلون مياه الأمطار للشرب عن أي مياه أخرى.