اقتصاديون: برنامج الإصلاح الجديد مع «الصندوق الدولي» سيدعم الاستقرار ويزيد النمو
برنامج الإصلاح يزيد من حجم الصادرات
أكد خبراء اقتصاد أن قرار الصندوق يُعد شهادة ثقة فى الاقتصاد المصرى، ويساعد على زيادة قدرة الدولة على الصمود أمام الصدمات المستقبلية، ويستهدف تمكين مصر من وضع خطة تنموية شاملة وزيادة موارد النقد الأجنبى.
وكان المجلس التنفيذى لصندوق النقد الدولى قد وافق على عقد اتفاق مدته 46 شهراً مع مصر، فى إطار «تسهيل الصندوق الممدد» بقيمة 3 مليارات دولار، ويتيح قرار المجلس التنفيذى صرف دفعة فورية بقيمة 347 مليون دولار، للمساعدة فى تلبية احتياجات ميزان المدفوعات ودعم الموازنة.
وتعليقاً على قرار الصندوق، قال عبدالمنعم السيد، الخبير الاقتصادى، إن السياسة النقدية راسخة بقوة فى تفويض البنك المركزى المصرى بشأن استقرار الأسعار، وستظل مدفوعة بالبيانات، بالتنسيق الكامل مع وزارة المالية، ويراقب البنك المركزى المصرى عن قرب تطورات التضخّم، وسيعمل على ضمان عودة التضخّم إلى هدف البنك المركزى، من خلال جميع الوسائل المتاحة للبنك.
وأضاف «السيد» أن الأسواق النقدية تدرك أهمية آليات التحويل، ولتعزيز آلية تحويل السياسة النقدية سيوقف البنك المركزى المصرى خطط الإقراض المدعوم ويضمن العبور الكامل لسعر الفائدة إلى سوق ما بين البنوك. هذا ضرورى لضمان أن يكون لدى البنك المركزى كل القوة التى يحتاجها لاستخدام الأدوات الموجودة تحت تصرّفه لضمان استقرار الأسعار.
«البنا»: زيادة حجم الصادرات السلعية
وقال الدكتور محمد البنا، أستاذ الاقتصاد والمالية العامة بجامعة المنوفية، إنَّ أهمية برنامج الإصلاح الاقتصادى الجديد تكمن فى أنه يأتى بعد نجاح مصر فى تحقيق أهداف برنامج 2016 - 2019، الذى ساعد كثيراً فى تجاوز تداعيات «كوفيد 19» وأزمة الطاقة والغذاء التى رتبتها الأزمة الروسية الأوكرانية.
وأضاف «البنا» أنَّ البرنامج يستهدف التحول من الاستقرار إلى النمو، لأنه من المتفق عليه أن برامج الإصلاح الاقتصادى والهيكلى تمهيد لمرحلة تالية هى النمو الاقتصادى، وإذا كانت برامج الإصلاح تعنى تحقيق الاستقرار فى الأوضاع المالية والنقدية وتحسين أوضاع ميزان المدفوعات، فإن المرحلة التالية معنية بتحقيق النمو الاقتصادى، أى التحول من الاستقرار إلى النمو.
وتابع: «مصر تصنّف ضمن الدول النامية التى يطلق على بعضها الاقتصادات الصاعدة، والاقتصاد المصرى يحتاج إلى تحقيق النمو المصحوب بتغيير هيكل الاقتصاد الوطنى، أى تحقيق التنمية الاقتصادية، التى تعنى بزيادة مساهمة قطاع الصناعة التحويلية فى توليد فرص العمل والإنتاج والدخل، وزيادة حجم الصادرات السلعية من المنتجات المصنّعة عالية التقنية».
وأكد «البنا» أنَّه لا يمكن إحداث التنمية المنشودة، اعتماداً على آليات السوق التلقائية، ولا بد أن تحدث التنمية من خلال خطة اقتصادية تنموية تقوم على التخطيط التأشيرى الذى يشرك القطاع الخاص بشكل أساسى فى وضع وتنفيذ الخطة التنموية، ليقوم بتنفيذ المشروعات الإنتاجية، بعيداً عن الروتين الحكومى.
وقال إنَّ خطة التنمية تستهدف تنويع بنية الاقتصاد الوطنى من خلال تحقيق معدلات نمو عالية فى القطاعات الأساسية، كالزراعة والصناعات التحويلية، وأن يكون توجّه الصناعات للخارج، وليس للإحلال محل الواردات، لزيادة موارد البلاد من النقد الأجنبى، وأن يتم حشد الموارد المحلية قبل رأس المال الأجنبى عن طريق تشجيع الادخار المحلى والمدخرات الصغيرة، ورفع القيود البيروقراطية عن كاهل المشروعات المحلية بكل أحجامها، والحد من تعدّد الجهات الرقابية المعوّقة للاستثمار والإنتاج.
وشدّد على ضرورة أن ترتكز الخطة التنموية على مشروعات تولد فرص تشغيل عالية لاستيعاب الداخلين الجُدد لسوق العمل والعاطلين فى الوقت نفسه، ومن ثم زيادة مستويات التشغيل والدخل وإعادة توزيع الدخل لصالح الفئات متوسطة الدخل، مع الاهتمام برأس المال البشرى.
وأضاف «البنا» أنَّ المدخلات من رأس المال البشرى تشكل أهمية كبرى فى نجاح خطة التنمية الشاملة، التى يُقصد بها العمالة المعرفية، أى قوة العمل المزودة بقدر كافٍ من المعرفة والمهارات الأساسية، والتى تتمتع بحالة صحية جيدة، الأمر الذى يستلزم الإسراع فى تطبيق مشروع التأمين الصحى الشامل، والاهتمام بالتعليم والبحث العلمى.
«الشواربي»: تشجيع القطاع الخاص وتوفير مناخ جيد للاستثمار
وأكدت الدكتورة شيرين الشواربى، أستاذة الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ومساعد وزير المالية للعدالة الاقتصادية سابقاً، أنَّ صندوق النقد الدولى معنى بالأساس ببعض مؤشرات الاقتصاد الكلى، مثل ألا يتجاوز عجز الموازنة العامة للدولة نسبة معينة، وكذلك بالنسبة لمعدلات التضخّم وضبطها حتى لا تتخطى المستويات المستهدفة، بجانب ضبط أسعار الصرف.
وأضافت «الشواربى»: «قد يضع صندوق النقد بعض الشروط التى تساعد على الاستقرار والانضباط المالى والنقدى، أى المتعلقة بالاقتصاد الكلى، لكنه معنى بالأساس أكثر بتشجيع القطاع الخاص وتعزيز دوره وتوفير مناخ جيد للاستثمار والتنافسية عبر شروط عامة».
وتابعت: «الصندوق ليس معنياً بالإصلاحات الهيكلية والإجراءات المرتبطة بذلك، وقد يشير إلى أهميتها، لكن دون الدخول فى تفاصيلها، وبالطبع لن يربط أبداً صرف الأقساط بالإصلاحات».
«شعيب»: سد الفجوة التمويلية
وقال الدكتور بلال شعيب، الخبير الاقتصادى، إنَّ قرض صندوق النقد الجديد سيعمل على سد الفجوة التمويلية وإصلاح الخلل الهيكلى بميزان المدفوعات من خلال تعزيزه وفاء الدولة بالتزاماتها وتوفير مصادر للدولار، بعدما تسبّب الكثير من الأزمات العالمية فى نقص المعروض منه.
وأضاف «شعيب» أنَّه تزامناً مع أزمة التضخّم العالمية وزيادة أسعار السلع الاستراتيجية التى نقوم باستيراد البعض منها من الخارج، مثل القمح والنفط، مما يزيد أعباء الموازنة العامة للدولة ويشكل ضغطاً كبيراً، ليأتى قرض الصندوق فى الوقت الراهن لسد الفجوة التمويلية ويعطى فرصة لالتقاط الأنفاس على المدى القصير والمتوسط، وبالتالى يهيئ فرصة لتطبيق إجراءات إصلاحية تمكن الحكومة من زيادة حصيلتها الدولارية.
وأوضح أنَّ برنامج الإصلاح الاقتصادى الجديد مع صندوق النقد قادر على إعطاء دفعة للنشاط الاقتصادى وتوفير مناخ يمكّن الدولة من إدخال مستلزمات الصناعة ودفع عجلة الإنتاج، وبالتالى تمكين المصنّعين من تعظيم قيمة الصادرات بالنسبة للواردات.