سحب الجنسية وإلغاء إقامة محمود حسين الذى أعلن نفسه بعد وفاة إبراهيم منير قائد جبهة لندن لجماعة الإخوان قائماً بأعمال المرشد للجماعة الإرهابية المنحلة، بالإضافة إلى 31 آخرين إثر فتح ملف كبير لمافيا العقارات فى تركيا ضم فى قائمة الاتهام عدداً من أعضاء الجماعة المنحلة على رأسهم وجدى غنيم ومحمود حسين عبر التلاعب فى عمليات شراء العقارات للحصول على الجنسية ثم بيعها للمضاربة بالمكاسب فى البورصة ما كان أحد أسباب انهيارات البورصة التركية.
القرار لم يكن فقط منسجماً مع سلسلة إجراءات اتخذتها السلطات التركية لإزالة توتر عابر ساد العلاقات المصرية التركية، لكنه أيضاً يعكس المسار البراجماتى الغالب على سياسة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، السياسى المحنك فى إدارة ملفاته وفق مصالح تركيا على الصعيدين الداخلى والخارجى.
وهذا بالتأكيد يعنى علاقات وطيدة على جميع الأصعدة مع دولة مثل مصر تعتبر أهم القوى المؤثرة فى المنطقة، بالتالى لن تجازف تركيا بتهديد علاقاتها مع مصر من أجل جماعة أو حفنة تحولوا إلى مجرد ورقة محروقة تستجدى من يشترى ولاءها بعد عزوف زبائن سوق المصالح الدولية.
الصورة الأكثر إثارة للدهشة -فى إطار احتضان بريطانيا قادة فلول الجماعة الإرهابية- قرار وزارة الداخلية البريطانية إلغاء تأشيرة أحد الأسماء المشبوهة التى كانت تطل من «الدكاكين الفضائية» التى نقلت بثها إلى بريطانيا.
الحقيقة أن هذا الإجراء كان بعيداً كل البعد عما روجت الكتائب الإرهابية عن ارتباطه بالتعبير عن مواقف معادية لإسرائيل بعد عملية طوفان الأقصى.
تخاذل من يزعمون أنهم قادة وإعلاميو الجماعة الإرهابية المنحلة عن إظهار أى تعاطف مع فلسطين أو حتى المشاركة فى عشرات المظاهرات التى خرجت فى لندن للمطالبة بإيقاف إطلاق النار فى قطاع غزة خوفاً على تأشيراتهم فى بريطانيا.
حتى إن جيل شباب هذه الجماعة استنكر غياب قادتهم عن تصدر مشهد نصرة القضية الفلسطينية فى دول الغرب بعدما تاجروا لعقود بهذه الشعارات كذباً دون أن يقدم تاريخ الجماعة الإرهابية نموذجاً واحداً على التضحية من أجل القضية.
الأدهى من ذلك عزوف متعمد عن تقديم أى دعم إنسانى لسكان قطاع غزة والاكتفاء ببث سموم السخرية من الحكومات التى تقدم المساعدات وعلى رأسها مصر. حتى إن «دكاكينهم» الخبيثة اصطفت مؤيدة للموقف الإسرائيلى ضد مصر خلال مرافعات المحكمة الدولية فى لاهاى.
من يزعمون أنهم قادة التنظيم الإرهابى فى لندن حاولوا المراوغة على هذه التساؤلات المشروعة للتغطية على البعد الجوهرى.. فالحرية الممنوحة للأصوات المشبوهة والشاذة تقتصر فقط على حرية مهاجمة الوطن وبث الأكاذيب بهدف هدمه.
لم يكن غريباً على تاريخ الجماعة المنحلة هذا الجبن والتراجع الذى أبدته أمام تصريحات حاسمة لوزير الهجرة البريطانى مهدداً أعضاءها باستمرار إلغاء تأشيرات إقاماتهم فى حال تجاوز الخطوط الحمراء وهى طبعاً تقف عند أى نقد لوحشية الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى ورفض أى حق مشروع لهم فى إقامة دولتهم.
فى ظل كل المتغيرات الحاسمة التى خلقت تحالفات وأنهت أخرى وأشعلت صراعات إقليمية ودولية، تبدو الجماعة الإرهابية منفصلة كلياً عن العالم ومتغيراته، ما دفعها سريعاً إلى الخروج من المعادلات المؤثرة فى العلاقات الدولية والإقليمية. فى المقابل لا يجب إغفال تاريخ استخدام الغرب للجماعة المنحلة واستغلال شعار التدين خدمة لمصالحه فى هدم قيم الوطنية والانتماء فى الدول العربية.
حالياً مع عودة القضية الفلسطينية وإقامة دولتين لتصبح محور الاهتمام الدولى بعد عملية طوفان الأقصى يظل التساؤل القديم مطروحاً حول محاولة درس شعارات تقيد قوة واتحاد المقاومة الفلسطينية داخل أى إطار دينى.
رغم الدلائل المؤشرة على انتهاء استغلال الغرب لتلك الجماعة وتنظيمها الدولى بعدما فقدت كل تأثير شعبى ليس فقط فى مصر بل على نطاق دول المنطقة العربية ما يضع أمام الفصائل الفلسطينية تحدياً سياسياً حاضراً فى جميع المبادرات التى طرحت من أجل إنهاء الأوضاع المأساوية فى قطاع غزة.
تحدى وجوب استبعاد أى تيار دينى تحت أى مسمى أعلن عبر تاريخه العداء تجاه أى دولة وطنية والعمل على مخططات تحويل الدول الوطنية العربية إلى كيانات دينية مفتتة ومنقسمة.
القضية الفلسطينية ليست صراع هوية دينية هى قضية سياسية حسمت بقرارات دولية تشمل شعب فلسطين بمسلميه ومسيحييه.. كتلة وطنية تحارب من أجل الحق فى إقامة دولة على أرض هى تاريخياً وطن له.
مع سقوط آخر أوراق التوت عن زيف وكذب التنظيم الإرهابى، وبعد عملية طوفان الأقصى تأتى الضربة التالية التى حولت قادتهم وبعض مدعى ممارسة الإعلام -بينما المهنة الوحيدة التى يتقنونها هى البذاءة وسلاطة اللسان- يبقى مصير الترحيل والتشرد بين الدول هو آخر إنجاز قدمته هذه الجماعة الإرهابية لأعضائها.