العلاقات السياسية بين مصر وألمانيا.. "قوية رغم تغيير القادة"
تتمتع مصر وألمانيا بمكانة كبيرة ومهمة، فكل منهما له ثقل سياسي واضح في المحافل الدولية داخل المنطقة الإقليمية والجغرافية التي تنتمي إليها الدولتان.
فالقاهرة مفتاح الشرق والمؤشر لاستقرار وأمان منطقة الشرق الأوسط، وبرلين هي الرابط لشمال أوروبا بجنوبها وشرقها بغربها، وإحدى القوى الاقتصادية الكبرى في العالم، لذلك تتسم العلاقات بين البلدين بالقوة والصداقة، فضلًا عن كون مصر تشهد طفرة إيجابية مؤخرًا بعد تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي مقاليد حكم البلاد، وهو ما تعكسه زيارة وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير إلى مصر، اليوم.
وتعود العلاقات الدبلوماسية بين مصر وألمانيا إلى ديسمبر 1957، كما تربط بين البلدين اهتمامات ومصالح مشتركة ثنائية ودولية منها عملية السلام بالشرق الأوسط، والعلاقات بين القاهرة والاتحاد الأوروبي والتعاون الأورومتوسطي.
ويحظى الجانب السياسي بينهما بنصيبٍ كبير من التقارب بين الدولتين، وتتمثل العلاقات السياسية بين مصر وألمانيا في أُسس مبنية على المصالح المشتركة معززة بتنوع واسع لمجالات التعاون بين الجانبين، وتفهم لمكانة ودور البلدين في إطار موقعهما الجيواستراتيجي، حيث يؤكد الجانب الألماني دائمًا على أن مصر تُعد من أهم الشركاء في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي، والذي يظهر جليًا في التأييد الألماني للموقف المصري إزاء قضية الشرق الأوسط ودعوتها إلى إقامة الدولتين "الفلسطينية والإسرائيلية"، حسبما أوردته الهيئة العامة للاستعلامات المصرية.
وأشارت الهيئة إلى أن ألمانيا تدعم مصر في سعيها نحو تحقيق وفاق بين الفرقاء الفلسطينيين، كما يوجد تقارب في وجهات نظر البلدين بالمجالات التي تتناولها اللجنة المشتركة، وهى "الحوار السياسي ـ التجارة والصناعة ـ البيئة ـ البحث العلمي ـ الثقافة ـ القضاء ـ الهجرة".
وتعدّ مصر شريكًا أساسيًا لألمانيا، لعدة أسباب أولها بسبب موقفها المعتدل تجاه إسرائيل، والذي يرجع إلى أواخر سبعينات القرن الماضي، فكان الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك يتطلع دائماً إلى ألمانيا، كونها دولة شديدة الأهيمة، ففي عام 2004 تشاور مع المستشار الألماني السابق غير هارد شرودر ثلاث مرات ببرلين، في لقاءات رفيعة المستوى لم تتكرر في عام واحد، وعلى الرغم من تولي الرئيسالأسبق محمد مرسي رئاسة البلاد، حيث حظي تدخله الدبلوماسي في النزاع الأخير بين إسرائيل والفلسطينيين، بالكثير من الثناء من برلين.
وتبتعد ألمانيا عن توجيه أي نقد بشأن الأوضاع في مصر، تأكيدًا لحق القاهرة في عدم تدخل أي دولة في شئونها الداخلية، كما تلقى الرئيس عبدالفتاح السيسي فى يونيو 2014 برقية تهنئة بمناسبة توليه منصبه من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي دعته فيما بعد لزيارة برلين في مارس الماضي، على ضوء المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ.
ومنذ وقت طويل تحظى مصر بالفعل بالأولوية فيما يتعلق بالمساعدات التنموية الألمانية، ووفقًا لبيانات وزارة الخارجية الألمانية، ذكرها موقع "دويتش فيلا" الألماني، حيث قدمت لمصر خلال الخمسين عامًا الماضية ما يعادل 5 مليارات ونصف يورو، ومنذ نهاية عام 2011 قدمت برلين 112 مليون يورو لدعم الطاقات المتجددة، وتم الاتفاق بعد الثورة على شطب 240 مليون يورو من الديون، والتي يفترض أن تساهم هذه المرونة المالية في ضمان استمرار الصحوة الديمقراطية، وهذا ما تساهم به أيضًا اللجنة التوجيهية العربية الألمانية، والتي تتولى تنسيق الحوار بين البلدين.