تصدر إعلان إيرلندا والنرويج وإسبانيا اعترافهم بالدولة الفلسطينية وسائل الإعلام العالمية، لقى قرارهم ترحيبا من الدول العربية والصديقة والمؤيدة للقضية الفلسطينية، حوالي 140 دولة من كل أنحاء العالم تعترف بالدولة الفلسطينية وتتبادل غالبيتها التمثيل الدبلوماسي معها، للقرار الأوروبي مغزى عميق يرتبط بمدى إدراك الدول تباعا حجم وخطورة القضية الفلسطينية التي مضى على وجودها كمأساة ما يزيد على قرن كامل بعدما صدر وعد بلفور المشئوم حيث أعطى من لا يملك من لا يستحق، وفي كل الأحوال يؤرق القرار الأوروبي بالاعتراف إسرائيل التي تراهن دوما على نسيان الشعب الفلسطيني وقضيته.
واكب قرار الدول الثلاث النصيحة التي قال بها الأمين العام للأمم المتحدة جوتيريش، حيث خاطب العرب طالبا منهم الاتحاد والوحدة حتى يمكنهم نيل حقوقهم وتحقيق أهدافهم والمكانة اللائقة بتاريخهم وحجم قوتهم السياسية والاقتصادية والجغرافية.
نال جوتيريش التقدير والاحترام وهو البرتغالي الذي عاش العرب والمسلمون في بلاده 785 عاما ولم يأنف من أن يقول ذلك مقدرا قيمة الوحدة العربية وبدا مخلصا أكثر من كثيرين أبناء العروبة.
لما قلت إن الاعتراف الإيرلندي النرويجي الإسباني من نتائج حرب غزة قصدت أن الصمود الفلسطيني جعل العالم كله يدرك مدى قوة هذا الصمود، وفي نفس الوقت مدى المعاناة التي تذكر العالم بفيتنام وما فعلته أمريكا بها على مدى ثلاثة عقود زمنية من الخمسينات حتى سبعينات القرن الماضي حتى ظفرت بحريته واستقلالها ووحدة أراضيها.
من أقوى أسلحة هزيمة إسرائيل وإضعافها، سلاح المقاومة حتى الاستنزاف، هذا ما فعلته مصر بعد نكسة 1967 حيث دارت حرب استنزاف للعدو على مدى ست سنوات تكبد فيها خسائر فادحة واسترد من خلالها الجندي المصري ثقته في نفسه وفي سلاحه وقادته، وفي النهاية تحقق النصر في أكتوبر 1973.
هذا ما يجري في غزة التي دُمرت تدميرا شاملا ولم يعد لدى جنود الكيان الصهيوني ما يدمرونه، لكن استمرار الحرب والمقاومة يعد استنزافا للجيش الإسرائيلي وهو ما لا تستطيع إسرائيل تحمله طويلا إلا بالدعم الأمريكي، لكن بعد فترة سيضعف هذا الدعم بحكم طبيعة الأشياء وبحكم المؤثرات والضغوط الداخلية والخارجية المساندة للشعب الفلسطيني البطل.
لن يموت شعب يملك هذه الإرادة والقوة والصمود.