براءة الضابط الشهم
همس أحمد، 22 سنة، مسجل خطر، فى أذن صديقه عرفة، 19 سنة: «الشارع فاضى مفيش فيه حد».
كان الشارع خالياً من المارة تقريباً، وفارغاً من الضوء والضجيج.. فقط الظلام والصمت، واللصان وحدهما فى شارع الشعب الموازى لشارع الهرم أمام مبنى المحافظة بمنطقة العمرانية.. «تعالى نسرق حقيبة السيدة دية»، ويشير إلى إحدى السيدات تسير على قدميها بالشارع، ويستقل المتهمان دراجة بخارية ويقتربان من السيدة ويتمكنان من اختطاف حقيبتها، ويطاردهما ضابط شرطة ويقتل أحدهما.
وقائع تلك المطارد تضمنت 7 مشاهد..
المشهد الأول:
الساعة العاشرة والنصف مساء يوم الأحد الماضى، يجلس الصديقان أحمد وعرفة على دراجة بخارية على ناصية شارع الشعب الموازى لشارع الهرم بمنطقة العمرانية، يشعل أحدهما سيجارة الحشيش ويتحدثان عن وقائع السرقات التى ارتكباها فى المنطقة وعن سرقتهما لحقائب السيدات، وتثبيت المارة فى المنطقة، ونجاحهما دائماً فى الهروب من رجال المباحث لأنهما يختاران التوقيت المناسب لارتكاب تلك الجرائم. يضحك أحمد ويقول لعرفة: فاكر أول مرة كنا بنسرق فيها، سرقنا 25 جنيه من طفل شحات.. وكان الواد هيفضحنا بس الحمد لله ربنا ستر».
المشهد الثانى:
ربة منزل تنزل من سيارة ميكروباص وتسير على قدميها، وتعبر من أمام المتهمين بشارع الشعب للوصول إلى منزلها، يهمس أحمد لـعرفة: «يللا نروح نسرق الشنطة دى، شكل ملابس الست كويسة ومعها فلوس، واحنا عايزين نشترى مخدرات حتى لو لقينا معاها 50 جنيه كويسة مش وحشة».
المشهد الثالث:
يراقب المتهمان رواد الشارع حتى تأكدا من عدم وجود أحد فى الشارع، والساعة كانت تشير إلى الحادية عشرة، يستقل المتهمان الدراجة النارية ويقتربان من السيدة، ويقوم عرفة بخطف الحقيبة، ويهرب أحمد بالدراجة النارية، وفى ذلك الوقت تنطلق صرخات من السيدة: «امسكوا حرامى، حرامى خطف الشنطة»، وتشير إلى المتهمين أثناء استقلالهما الدراجة النارية، وتقول إنهما تمكنا من سرقة حقيبتها وبداخلها مبلغ ألف جنيه بينما لم تتوقف عن الصراخ.
المشهد الرابع:[FirstQuote]
فجأة تظهر سيارة ملاكى ماركة «لانسر»، تلقى السيدة بنفسها أمام السيارة وينزل منها شخص ويقول لها: «مالك يا ستى فيه إيه؟»، ترد عليه، وهى تشير إلى المتهمين، إنهما سرقا حقيبتها، الأهالى يتجمعون حول السيدة التى تصرخ، وتقول: سرقونى.. يستقل ذلك الشخص سيارته ويسير وراء المتهمين بسرعة، حتى تمكّن من اللحاق بهما، وصدم الدراجة بسيارته فسقط الاثنان معاً على الأرض.
المشهد الخامس:
يُخرج أحد المتهمين (أحمد) طبنجة من ملابسه ويطلق رصاصة فى الهواء، ويحاول الهرب جرياً على قدميه، الأهالى يساعدون ذلك الشخص ويقومون بالإمساك بالمتهم «عرفة»، بينما لا يتوقف زميله عن إطلاق الرصاص عشوائياً، فيخرج ذلك الشخص طبنجة من سيارته ويقول للأهالى إنه ضابط شرطة سابق، ويطلق الرصاص فى الهواء لإرهاب المتهم الهارب، إلا أن المتهم يستمر فى إطلاق الرصاص عليه.
المشهد السادس:
يطارد الضابط المتهم ويجرى وراءه من شارع إلى شارع قرابة 12 دقيقة، ولم يتوقف المتهم عن إطلاق الرصاص على الضابط حتى دخل المتهم فى شارع جمال الدين الأفغانى بينما يتجمع الأهالى على صوت إطلاق الرصاص، مما دفع الضابط لإطلاق الرصاص على المتهم فاستقرت طلقة فى قدمه فسقط على الأرض وانطلقت منه صرخات ولحق به الضابط وأخذ منه حقيبة السيدة وأعادها لها مرة أخرى، واختفت السيدة عقب تلك المطاردة.
المشاهد السابع:
حضر اللواء محمود فاروق مدير المباحث الجنائية، والعميدان جمعة توفيق رئيس مباحث القطاع، ومحمود خليل مفتش المباحث، والمقدم هشام حجازى رئيس المباحث، إلى مكان الواقعة وتم التحفظ على الضابط والسلاح المستخدم فى الجريمة، وتمت مناظرة الجثة وتبين أن القتيل مسجل خطر يتزعم تشكيلاً عصابياً لسرقة المارة ورواد المنطقة بالإكراه، وكشفت التحريات أن الطبنجة التى كانت بحوزة القتيل «صوت»، وأنه استخدمها للهرب من الأهالى.
الشرطة استمعت للأهالى لكشف ملابسات المطاردة والواقعة كاملة، ولم تتوصل إلى السيدة التى سُرقت حقيبتها، كما استمعت إلى أقوال الضابط الذى أطلق على القتيل الرصاص، وتبين أنه ضابط شرطة سابق وأنه يعمل موظفاً فى الأمم المتحدة حالياً، وأشار فى أقواله إلى أن السلاح الموجود بحوزته مرخص.[SecondQuote]
رواية الأهالى لضباط المباحث تلخصت فى أن الضابط كان فى حالة دفاع شرعى عن النفس والغير، وتجمهروا أمام قسم شرطة العمرانية حتى يتم الإفراج عنه لأنه ليس له أى علاقة بالجريمة.
تحرر محضر وأُخطر اللواء محمد الشرقاوى، مدير الإدارة العامة للمباحث، المستشار أحمد البحراوى المحامى العام الأول لنيابات جنوب الجيزة، وباشر التحقيقات، وانتقل للمعاينة مدحت مكى، رئيس نيابة العمرانية، وقررت النيابة إخلاء سبيل الضابط المتهم بالقتل بعد أن أكدت التحريات إن المتهم قام بتصويب سلاح نارى ناحية الضابط، مما دفعه لمبادلته إطلاق النار.