مشرد يفرغ همه فى الرسم: «كفى دموعاً.. فقد ذبلت عيناى»
«إسلام» يرسم فى الشارع
يجلس على رصيف شارع محيى الدين أبوالعز، أمامه ورقة وقلم وألوان زاهية، لا تتماشى مع ملابسه المتسخة، ينعزل إسلام محمد عن العالم من حوله، ليرسم وجوهاً يحفظها جيداً، لأناس قابلهم فى الشارع الذى يعيش وينام فيه، يظل بالساعات حتى منتصف الليل، يبدل الورقة بغيرها، ليرسم وجهاً وراء الآخر، مرة مبتسماً وأخرى حزيناً، وأخرى غامض الملامح.
فى إحدى رسوماته كتب تحتها: «كفى دموعاً فقد ذبلت عيناى.. كفى حزناً، فالألم أصبح هواى»، ثم يقلب الصفحة بعد أن يسرح قليلاً: «أنا كل اللى نفسى فيه هو إنى أعمل الحاجة اللى بحبها بس، أرسم وألون، محدش يتريق عليا ولا على شكلى ولا على حياتى».
يهوى «إسلام» الرسم منذ أن كان فى السابعة من عمره، هواية آمن بها، تحدى الظروف، ظل يرسم ويفعل ما يحلو له، وهو الشىء الوحيد الذى أحبه فى الحياة، أما المدرسة فخرج من المرحلة الإعدادية، وأهله الذين يعيشون فى منطقة ميت عقبة تركهم ليعيش بالشارع: «مش حابب أقعد مع أهلى عشان إحنا مش فاهمين بعض، أنا دماغى رسم وفن، وهما صعايدة يقولولى ده كلام فاضى».
لا يسمى أصدقاءه ومن يحبهم بالزبائن: «بعتبرهم إخواتى ومش بطلب فلوس، اللى بيدينى فلوس كويس، غير كده أنا مش عايز غير إنى أرسم». أكثر ما يسعد صاحب الـ25 عاماً، هو تشجيع الناس له، يحب سماع جملة: «رسمك حلو»، وأحياناً يقول له البعض: «مكانك مش الشارع، المفروض تبقى فى مكان أحسن»، يعود فى منتصف الليل إلى البطانية التى ينام تحتها أمام أحد جراجات محيى الدين أبوالعز، وعن حلمه: «مش عارف نفسى فى إيه، لكن مش عايز غير تعامل الناس بالاحترام معايا».