قصة «جريمة كراهية» ضد مصري وفلسطيني بإنجلترا: «هل أنتما انتحاريان؟»
شريف محي الدين
تعرض شاب مصري يُدعى شريف محيي الدين، إلى جريمة كراهية، في بريطانيا، حيث يقيم لاستكمال دراسته العليا في جامعة دورهام.
ويروي شريف، 27 عامًا، ما حدث معه وصديقه الفلسطيني إحسان، لـ"الوطن"، حيث قال: "اسمي شريف محي الدين، 27 عاما، شاب نوبي مصري جئت إلى المملكة المتحدة لاستكمال دراستي العليا في جامعة دورهام".
وقعت الجريمة، في عشية عيد الميلاد 24 ديسمبر 2017، حينما كان رفقة صديقه الفلسطيني إحسان، البالغ من العمر 27 عامًا، والحاصل على منحة "تشيفنينج" للحصول على درجة الماجستير في جامعة دورهام.
ويقول شريف: "ذهبنا سويًا في تلك الليلة إلى حانة محلية في تمام الساعة (20:05) بالتوقيت المحلي؛ للعب البلياردو، وبمجرد دخولنا المنطقة المخصصة للعب رأينا حوالي ثمانية رجال بيض اللون يقفون على البار، لكن النظرة التي وصلت إلينا من قبل هؤلاء الرجال تجاهنا جعلتنا نشعر بعدم الارتياح، لذلك قررنا الجلوس على الطاولة البعيدة عنهم لتجنب النظر إليهم، ثم فوجئنا أن طاولة البلياردو ممتلئة لذلك كنا نظن أنه سيكون من الأفضل تغيير خططنا".
وتابع: "في أقل من 10 دقائق، اقترب منا رجل أبيض يبدو في عمر الـ40، ودون دعوة جلس على الطاولة الخاصة بنا، وبدأ يسأل (من أين أنت؟)، أخذت لحظة للتفكير ما بين الرد عليه أو تجاهله، نظرًا لكونه غزو لخصوصيتنا".
يواصل شريف: "فضلت الإجابة، وقلت (مصر)، ثم أخذ إحسان مزيدًا من الوقت لاتخاذ القرار والإجابة عليه بكلمة (فلسطين)".
أجاب الرجل: "مصر؟، فلسطين؟، أنتما مسلمين؟!.. هل أنتما انتحاريين؟!".
ويستطرد شريفه حديثه قائلا: "لم نرد عليه، ما دفعه لتكرار سؤاله 3 أو 4 مرات، وفي محاولة لعدم اختلاق أي توتر معه، سألته (من أين أنت)، لكنه صرخ فينا قائلًا (أنا من هنا)، وسألنا ما سبب وجودكما في إنجلترا؟، فأجبته، من أجل استكمال دراستنا العليا في جامعة دورهام، لكن واصل حديثه بسؤال جديد (إذا أنت غني؟)، ومن بعدها بدأ في إهانة الإسلام".
كما أوضح "على الرغم من أننا لم نتمكن من التعرف بوضوح على كلماته، لكن في نهاية المطاف أدركنا أنه كان يحاول أن يقول (الله أكبر). حاولنا تجاهل هذا بقدر ما نستطيع وقررت ترك الحانة. تزامنًا مع ذلك ذهب الرجل إلى أصدقائه لبضع ثوان وعاد مرة أخرى لنا، ويسأل ( من تكره؟)، وأجاب إحسان: (نحن جميعا بشر، لا أكره أحدًا)"، بحسب ما أكد الشاب المصري.
وأضاف: "كشف الرجل جسده وأظهر لنا وشمًا يقول (أنا أكره ساندرلاند)، وقال لنا إنه من محبي فريق كرة القدم في نيوكاسل"، من جانبه، أشار إحسان إلى أنه يحب فريق تشيلسي، لافتا إلى أن "الرجل احتج على إحسان من خلال إشارة معينة بيده، وعاد مرة أخرى إلى أصدقائه، وبدأ يوجه إلينا أسئلة من هناك، ثم دعاني لتناول شراب معه على البار، لكنني شكرته على الدعوة، وأراد إحسان أن يكون مهذبًا، من خلال قوله إنه يمتلك مشروبًا بالفعل".
عند هذه النقطة قررنا العودة إلى بيتي، ولكن قبل أن نتمكن من الذهاب، اقترب الرجل منا مُجددًا، ولكن هذه المرة أخذ يكرر كلمة "أخرجا من البار" حوالي 12 مرة، ورديت عليه "حسنا، شكرا لك".
يستكمل شريف تفاصيل ما حدث معه وصديقه الفلسطيني: "جاءت فتاة تعمل نادلة إلى طاولة بجانبنا لجمع بعض الزجاجات الفارغة، توقعت أنها ستعتذر لنا وترحب بنا في البار، ولكن هذا لم يحدث، الأمر الذي جعلني أشعر أن جميع الناس في البار لا تدعمنا، وكانت هناك علامة وحيدة جيدة، وهو رجل كان يسير إلى المرحاض وفي طريقه جاء إلى مائدتنا، وقال (عيد ميلاد سعيد لكما)، ثم جاء شاب آخر وقال: (آسف على هذا، هو رجل طيب، ولكن هذا تأثير بعض المشروبات)".
بعد ذلك، قلت لصديقي إن الوقت حان للمغادرة، وأمسكنا معاطفنا وبدأنا في الخروج من البار.
عندما وصل شريف وصديقه إلى الباب، وجدا الرجل وبعض أصدقائه يقفون خارج البار مباشرة، يقول شريف: "نظرت إلى صديقي بينما كان يسير خلفي، بعد أن مررت من بينهم، بينما كان يسير صديقي بجانب الرجل الذي ضايقنا، صاح الأخير: (اللعنة على الله، اللعنة على محمد، واللعنة للإسلام)، نظرت إلى الوراء وقلت له: (لماذا أنت عدوانيًا جدًا؟)، ونظر إحسان إليه وابتسم، قائلا: (عيد ميلاد سعيد واستمتع بليلتك)".
"كان أحد أصدقاء الرجل يشرب كوب كبير من البيرة، الذي قرر أن يرمي بقوته الكاملة في وجهي، لكنني كنت محظوظًا لأنني في آخر جزء من الثانية وعندما كنت أرى الكوب الكبير يطير في الهواء بسرعة تجاه عيني اليسري، تفاديته بمعجزة. ليمر أمام عيني ويتحطم على الأرض"، هكذا يصف الشاب المصري بداية الاعتداء عليهما.
ويضيف: "في هذا الوقت، قلت بصوت عال (الآن، سأقوم باستدعاء الشرطة)، بعدها بدأ الرجل في الاقتراب منا، بينما أخرج إحسان هاتفه من جيبه وصرخ: (سأصور ذلك)، وأضفت (نحن لا نريد أي مشاكل)".
وواصل: "كان علينا عبور الشارع لتجنبهم، وعلى الرغم من إشارات المرور الحمراء، تابعوا السير خلفنا، وعندما توقف إحسان عن تصويره، وتحول نظرنا إلى الأمام، رأيت الرجل الذي اعتذر لنا في الحانة يحاول مهاجمة صديقي، ما دفعني للصراخ باسمه، لكن للأسف الرجل لكمه بقوة، ما دفع إحسان للسقوط على الأرض، وبمجرد أن كان صديقي على الأرض، تجمع ثلاثة من المهاجمين حوله وبدأوا بضربه بشدة من خلال الركل واللكم".
ترددت لبضع ثوان ما بين التدخل في المشاجرة أو الاتصال بالشرطة على الفور، ولكن فضلت الخيار الثاني، في تلك الأثناء حاول إحسان الهرب منهم والركض نحو الحانة، لكن سقط على الأرض مرة أخرى بسبب معاناته من دوار شديد نتيجة الضرب.
عبرت الشارع إلى جانب الحانة، وأوقفت زوجين، وطلبت من الرجل أن يتصل بالشرطة. إلا أنه أجاب ببرودة "لا أعرف رقم الشرطة"، في حين ردت السيدة العجوز التي تقف مع الرجل إن رقم الطوارئ هو 999، اتصلت بهم على الفور.
بعد انتهاء المهاجمون من ضرب صديقي، كانوا في طريقهم نحوي بينما كنت أنهيت اتصالي بالشرطة، السيدة العجوز طالبتني بعدم الخوف، ووقفت إلى جانبي، ما أجبرهم على الدخول للحانة مرة أخرى.
بعد دقائق معدودة جاءت سيارة شرطة، وبدأ ضابط شرطة في مساعدتنا، وهنا تبدأ قصة أخرى مع المستشفى، وشهاداتنا في مركز الشرطة.
يقول شريف: "بمجرد دخول قسم الطوارئ في المستشفى، كنت أساعد صديقي في الوقوف، وسألته امرأة في الاستقبال إذا كانت هذه هي المرة الأولى التي يوجد فيها بالمستشفى، فأجاب "نعم"، لذلك قالت إنه يحتاج إلى إعطائها بياناته الكاملة، وطلبت منه توضيح اسمه، فأخذت بطاقته الجامعية من سترته وأعطتها لها، ثم ظلت تسأله المزيد من الأسئلة، ثم همست له "ما هو دينك، وما هو عرقك؟"، صدمت كون أن البلد كله يريد أن يعرف ديننا، وخلال انتظار أكثر من 3 ساعات ونصف في المستشفى، لاحظنا دخول رجلا أبيض مصاب بلكمة في وجهه، ومعه اثنين من ضباط الشرطة المرافقين له إلى الاستقبال، وكانت المفاجأة لنا أنه لم ينتظر حتى لمدة 5 دقائق قبل عرضه على الأطباء.
وأخيرًا، بعد فترة طويلة جدًا من الانتظار، فحص الطبيب إحسان وأخبرنا أنه مصاب بارتجاج في المخ، بالإضافة إلى العديد من الكدمات في وجهه والكاحل واليد.
على جانب آخر، أخبرنا ضابط الشرطة أن العاملين في البار قالوا للشرطة إنهم لا يملكون كاميرات مراقبة، وعلى الرغم من أن الجميع يعرف بعضهم البعض وكان هناك أصدقاء للمهاجمين داخل الحانة، لم يكشف أحدًا عن هويتهم.
مع مرور الوقت، انتهت الشرطة من أخذ أقوالنا، وطلب الضابط من صديقي منحهم معطفه وبنطاله الجينز، وارتداء ما يشبه زي السجن، وقيل لنا إنه إذا أردنا توجيه الاتهامات وإحالة القضية إلى المحكمة، فإن الأمر سيستغرق من 6 أشهر إلى سنة، وقد ينتهي الأمر بأن تطلب منهم المحكمة الاعتذار، وربما دفع تعويضات، وإذا كان بينهم من لديه سوابق جنائية، قد ينتهي به الأمر إلى السجن لبعض الوقت.
وفي وقت لاحق، في تلك الليلة العصيبة، أثناء ما كنا في المستشفي، قالت لنا الشرطة إنها اعتقلت اثنين من المهاجمين، وأنهم واجهوهم بالاتهامات الموجهة إليهم، إلا أنهما احتفظا بحقهما في الصمت، وبالتالي بعد التقاط الصور والفيديوهات لهمت تم إطلاق سراحهما.
وقال لي ضابط الشرطة: "أنا آسف من جانبي كضابط شرطة أريد توقيفهما، لكن الحكومة تُضيق علينا سلطتنا في هذا الأمر، لذلك سيكون علينا الإفراج عنهما".
في إطار متصل، قال إحسان إنه لم يكن يتوقع حدوث ذلك في ليلة عيد الميلاد، خاصة وأنه وقت للتسامح والحب والتعايش. وهي أول مرة يقضي فيها ليلة عيد الميلاد خارج وطنه فلسطين.