متابعة العملية الانتخابية أحد فروع العلوم السياسية والقانونية أيضاً، حيث له قواعد قانونية متعارف عليها تشمل كافة مراحل العملية الانتخابية بدءاً من قيد الناخبين، مراجعة أوراق المرشحين، الحملة الانتخابية، التصويت، الفرز، إعلان النتائج.
إلا أن الانتخابات الرئاسية فى مصر لها طعم ثانٍ وأسس أخرى تؤكد فكرة أن الشعب المصرى شعب «مالوش كتالوج»، حيث توقّع كثير من المحللين السياسيين أن الانتخابات الرئاسية لن تشهد إقبالاً من الناخبين لغياب الدافعية أو الإحساس بالخطر على المرشح المفضّل لدى الناخبين، حيث اعتبر الكثيرون أن فوز الرئيس عبدالفتاح السيسى حتمى، لكن ذلك لم يمنع الإقبال الشديد من كافة الفئات والطبقات، لأن الانتخابات فى مصر اتخذت شكلاً مختلفاً تعدّى مفهوم دعم مرشح بعينه، وإنما امتد ليكون شكلاً من أشكال الانحياز لخطة محددة وإعلان موقف داعم ومؤيد لهذه الخطة وهذا الاتجاه.
أيضاً تشهد الانتخابات ظاهرة جديدة، وهى ظاهرة الرقص أمام اللجان، ظاهرة عرفتها مصر بعد الثورة، وقد شهد الحوار حول رقص السيدات اهتماماً وعراكاً على صفحات التواصل الاجتماعى ليس من منظور دينى، وإنما من موقف سياسى.
ويمكن تحديد عدة اتجاهات فى التعامل مع هذه الظاهرة:
- الرافض: وهو اتجاه سياسى رافض للعملية السياسية بالأساس لا يدرك أن أغلب ثقافات العالم ترى الرقص كأحد أشكال التعبير عن مواقف ومشاعر متباينة مثل الفرح، الاعتراض، حتى التعبير السياسى، فنجد مناطق متعددة فى العالم يتقدم فيها الرقص والغناء المظاهرات والوقفات الاحتجاجية.
- المؤيد: وهو موقف أيضاً مبنى على موقف سياسى يرى فى الرقص تعبيراً عن حالة ابتهاج وتأييد ودعم كافة الإجراءات السياسية والرئيس، بل تعبيراً عن السعادة بانتزاع مصر من براثن تيار أراد أن يصبغها بالتشدد والرايات السود، ونحن شعب ثقافته ملونة لا يحتمل التشدد فى أى اتجاه.
فى الحقيقة فى قضية الرقص يغفل الكثيرون عن كونه إحدى وسائل التعبير لدى الشعوب، فبعض الشعوب تعبّر عن الفرح وحتى عن الحزن بالرقص حتى فى وداع المتوفى، لذا لم يكن الرقص فى الانتخابات الرئاسية سوى شكل من أشكال التعبير سواء بالفرح أو الامتنان وتأكيد لموقف سياسى.
ولكن اللافت للنظر موقف ثالث من الرقص وهو موقف «المتعالى العنصرى»، وهو اتجاه يرى أن السيدات البسيطات رقصن بطريقة مهينة «بيئة»، لذا رفض بشدة وظل يهاجمهن، لكنه فى الوقت ذاته كان معجباً برقص السيدات والشابات فى المناطق الراقية اللاتى ارتدين الجينز والتيشيرتات.
وهو موقف تميز بكمٍّ من التعالى والسخرية ويعكس عجزاً عن التعبير أو الممارسة السياسية، وإنما اتخذ وسائل التواصل وسيلة لتصفية حساب، وليس هو أبداً رأياً يمكن التفاعل معه أو اتخاذه مأخذ الجد بطريقة تساعد على التقدم فى أى اتجاه.