خبراء اقتصاد: قرض صندوق النقد الدولي نتائجه كارثية إن لم يصاحبه زيادة في الانتاج
منذ إعلان دكتور هشام قنديل رئيس الوزراء عن الحصول على قرض قيمته 4.8 مليار جنيه، وسهام النقد لم تتوقف عن ملاحقة القرار و بالأخص فيما يتعلق برفض نواب التيار الديني في البرلمان المنحل للقرض والذي وصفه النائب السابق سيد عسكر بأنه "ربا"، كما رفضته العديد من القوى السياسية الثورية، وقالت إنه يفتح الباب لعودة "الإذلال" الذي كنا نعيشه قبل الثورة.
وأوضح الخبير الاقتصادي مصطفي بدرة أن القرض الذي أعلن عنه وزير المالية أمس، كان مطلوبا منذ حكومة عصام شرف ثم ألحت حكومة الجنزوري في طلبه، وكان في البداية قيمته 3.2 مليار جنيه، ثم زاد إلى 4.8 مليار جنيه، حيث زاد الطلب بنحو مليار و600 مليون جنيه، وقال إن القرض تحيط به الكثير من الأسئلة المريبة فيما يتعلق بتصريحات رئيس صندوق النقد الدولي أن الصندوق شريكا في الإصلاح وهي عبارة غير مفهومة ومقلقة، على حد وصفه.
وطالب بدرة بضرورة توضيح كيفية توزيع هذا القرض والذي يرى أنه سوف يذهب لثلاثة أمور لا رابع لها إما تسديد عجز الموازنة، أو الحصول على شهادة ثقة من أجل الاقتراض مرة أخرى لتمويل مشروعات البنية التحتية، أو لدعم الاستثمارات من العملة المحلية، وأوضح أيضا أن الحصول على القرض يجب أن يواكب برنامج للإصلاح الاقتصادي بترشيد الانفاق العام، مشددا على ضرورة طرح هذا البرنامج على الأقل أمام المتخصصين، واستنكر التعامل مع الأمور الاقتصادية الهامة بمنطق الصمت وعدم الرد على التصريحات الهامة التي تنشرها جهات اقتصادية عالمية عن التصنيف الاقتصادي العالمي لمصر والتصنيف الائتماني، وطالب وزير الاستثمار بالرد والتوضيح.
و أضاف أنه من الضروري الوضع في الاعتبار أن القرض إذا لم يقابله زيادة في الانتاج فسوف يصبح عبئا لأن الفوائد المتراكمة في حالة التأخر في تسديد الدين تصبح قيمتها مرتفعة بصورة تفوق الوصف، و تساءل عن موقف النواب الذين رفضوا القرض من قبل و وصفوه بالربا و عن سر صمتهم هذه المرة.
في السياق نفسه، أوضح الخبير الاقتصادي عيسى فتحي أن صندوق النقد الدولي كان قد عرض هذا القرض على المجلس العسكري عقب ثورة 25 يناير، ولكن المجلس رفض القرض لأن الاحتياطي النقدي وقتها كان جيدا، ولكن مع استمرار المظاهرات الفئوية والوقفات الاحتجاجية تآكل هذا الاحتياطي، وأشار إلى أن حكومة عصام شرف لم تلح في طلبه بينما أعادت حكومة الجنزوري الطلب بجدية وكان الوضع الطبيعي بعد الانتخابات التشريعية وقتها أن يصبح الموافقة على الأمور المالية في يد البرلمان والذي وصف نوابه من حزبي الحرية والعدالة والنور القرض بأنه ربا وحدثت مشادات عدة انتهت بمقاطعة الحكومة حضور جلسات البرلمان، بعد أن تم تديين المسألة بدلا من تسييسها.
كما أوضح فتحي أن الاقتراض الحالي لجأ إليه قنديل لأنه أرخص كثيرا من الاقتراض المحلي الذي يتسم بفوائده المرتفعة، و يرى أنه من الملفت للنظر حضور رئيسة صندوق النقد الدولي بنفسها للاجتماع مع رئيس الوزراء وهو ما يثير التساؤل خاصة في ظل عدم وجود برلمان وانتقال الصلاحية التشريعية لرئيس الجمهورية.
ويحلل فتحي تصريحات رئيسة صندوق النقد الدولي التي أعلنت عن أن القرض سيتم توفيره بعد معرفة البرنامج الاقتصادي المصري، وأن القرض سوف يتم صرفه على هيئة شرائح وليس دفعة واحدة على أن يكون خاضعا للرقابة المستمرة، و يرى أنها شروطا أعلن عنها الصندوق بوضوح.
كما يتوقع أن تتخذ الحكومة خلال الأيام القادمة إجراءات تعمل على السيطرة على منظومة الدعم السلعي ودعم الطاقة لمواجهة عجز الموازنة المصرية الذي وصفه بأنه الأكبر، وأشار إلى أن تصريحات رئيس الوزراء خلال الفترة الأخيرة حملت مؤشرات لإلغاء دعم الطاقة وهو ما يتوقع قرب تطبيقه، و يرى أن إلغاء الدعم يجب أن يكون تدريجيا ويواجهه في نفس الوقت زيادة في الإنتاج حتى لا نغرق في التضخم و زيادة الأسعار وهو الأمرالأخطر لإثارته مشاعر الرأي العام.
و قال إن التعرض للإذلال الذي يتخوف منه البعض أمر طبيعي فطالما حصلنا على قرض خارجي ينبغي أن نتحمل توابعه، وهي من عيوب الاقتراض الخارجي حيث تفضل بعض الدول مثل اليابان مثلا الاعتماد على الاقتراض المحلي، ولكنه يعتبر الآن وسيلة للخروج من الوضع الحالي و وإن كان يجب أن يواكبه برامجا إصلاحية تسعي للانفتاح والمصالحة مع رجال الأعمال المصريين مثلما تتصالح مع قطر.