آخرها ضبط "عصابة الـ50 مليون جنيه".. مافيا غسيل الأموال طاعون يهدد مصر
صورة ارشيفية
رغم جهود الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة في مكافحة جرائم غسل الأموال في مصر، إلا أن حجمها أصبح يتزايد يومًا تلو الآخر، نتيجة استخدام وسائل متطورة وتقنيات عالية للتمويه والتعتيم والتضليل عبر شبكة معقدة من الترتيبات والإجراءات، وعلى درجة عالية من السرية يصعب اكتشافها.
ولجأت "مافيا غسيل الأموال" إلى قطاع العقارات الذي يعد من القطاعات المهمة التي تدر دخلا وافرا من شأنه دعم الاقتصاد المصري، ما يعوق خطط التنمية ويؤدي إلى توقف هذه المشروعات وما يترتب على ذلك من آثار اقتصادية وتفاقم مشكلات البطالة بحسب خبير أمني.
ونجحت الأجهزة الأمنية مؤخرًا في مكافحة جرائم غسل الأموال وحصر ممتلكات وتتبع ثروات ذوي الأنشطة الإجرامية آخرها، حيث وردت معلومات أكدتها التحريات بقيام مجموعة من الأشخاص بممارسة نشاط إجرامي واسع النطاق منذ عدة سنوات وغسل الأموال من حصيلة نشاطهم الإجرامي المتمثل في إقامة وتشيد الأبراج السكنية وبيعها للجمهور بإحدى مناطق القاهرة الكبرى دون الحصول على الموافقات والتراخيص اللازمة من الجهات المختصة، الأمر الذي مكَّنهم من تكوين ثروة مالية كبيرة نتيجة ارتكابهم ذلك النشاط المؤثم، ومخالفة الرسوم الهندسية وشروط التراخيص الممنوحة لهم لبناء عدة عقارات بالمخالفة للقانون.
نشاط المتهمين لم يكن الأول فقد سبق اتهامهم في العديد من قضايا البناء بدون ترخيص وسرقات تيار كهربائي وسرقة مياه واستغلال نفوذ، وأنهم لجأوا لغسل الأموال حصيلة أنشطتهم الإجرامية من خلال عدة أساليب تمثلت في بناء طوابق إضافية بالأبراج الصادر لها تراخيص مباني بالمخالفة للقانون وبيعها للمواطنين واستثمار حصيلتها في إقامة العديد من الأبراج السكنية الأخرى دون الحصول على الموافقات والتراخيص اللازمة، وكذا تأسيس الشركات وشراء سيارات وإيداع جانب من تلك الأموال بالبنوك بأسمائهم وأسماء ذويهم بهدف إخفاء وتمويه طبيعتها وقطع الصلة بينها وبين مصدرها غير المشروع، وقدرت أموال الغسل التي قام بها المذكورين من متحصلات جرائمهم ما يقرب من 50 مليون جنيه.
وفي أواخر العام الماضي، نجحت الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة في حصر ممتلكات 3 متهمين لقيامهم بغسل الأموال حصيلة نشاطهم الإجرامي من خلال عدة أساليب، بهدف إخفاء وتمويه طبيعته، حيث بلغ حجم المضبوطات فيها 35 مليون جنيه، وحصر ممتلكات أحد المتهمين لقيامه باستغلال مواقعه الوظيفي في تكوين ثروة لا تتناسب مع مصادر دخله المشروعة، وقد بلغ حجم المضبوطات 5 ملايين جنيه.
وحصرت الأموال العامة، ممتلكات 7 متهمين لقيامهم بغسل الأموال من حصيلة نشاطهم الإجرامي من خلال عدة أساليب بهدف إخفاء وتمويه طبيعتها، قدرت أفعال الغسل من متحصلات جرائمهم بمبالغ مالية قدرها121 مليون جنيه، و3 متهمين لقيامهم باستغلال مواقعهم الوظيفية في تكوين ثروة لا تتناسب مع مصادر دخلهم المشروعة، وقُدرت ثرواتهم بمبلغ 250 مليون جنيه.
كما تمكنت مباحث الأموال العامة من ضبط مهندس بالإدارة الهندسية بحي أول المنتزه "سابقًا" بالإسكندرية، سبق اتهامه في 14 قضية "إضرار عمدى بالمال العام وتربح"، محبوس حاليًا محكوم عليه بالسجن 10 سنوات، نتيجة قيامه بالتربح والإضرار العمدى بالمال العام بجهة عمله السابقة، من خلال قيامه بالاشتراك مع العديد من المقاولين بالاتفاق والمساعدة بعدم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال المخالفات التي ارتكبوها بناء مخالف لأبراج سكنية بدون ترخيص وعدم تحصيل الغرامات المستحقة عليهم، مما أضر بالمال العام، ومكنه ذلك خلال تلك الفترة من تكوين ثروة بطريق غير مشروع من متحصلات نشاطه الإجرامي بلغت حوالى (14 مليون جنيه، لجأ لغسلها بعدة أساليب بهدف إخفاء وتمويه طبيعتها، وقطع الصلة بينها وبين مصدرها غير المشروع من خلال شراء العقارات والسيارات.
وقال اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن حجم جرائم غسل الأموال في مصر يقدر بالمليارات نتيجة استغلال حالة الفوضى التي شهدتها البلاد أعقاب يناير 2011، وغسل الأموال نابع من أموال محرمة حصل عليها من تجارة غير مشروعة كالإتجار بالمخدرات والأسلحة وسرقة الآثار وبيعها.
وأضاف "المقرحي" في تصريح لـ"الوطن" أن جرائم غسل الأموال تهدد الأمن القومي المصري، وتعرف تلك الجرائم باسم "الاقتصادي الموازي" الذي يدار بعيدًا عن أعين الدولة، وعليها فإن تلك الأموال تستخدم كستار في مجال العقارات والأراضي لإبعاد الأعين عن التجارة غير المشروعة.