م الآخر| يا أقباط الوطن.. كوز الديمقراطية اتخرم!
يتجه عدد من النشطاء الأقباط إلى تدشين حملة لرفض خوض الفريق سامي عنان سباق رئاسة الجمهورية، تحت شعار "انت جيت يا رمضان" وتهدف هذه الحملة إلى تشويه لوحاته الدعائية وكتابة كلمة "قاتل" بالاسبراي على بوستراته، أو تقطيعها أو طلائها بالدهانات السوداء.. هذا ما نشرته جريدة "الوطن" بعددها الصادر بتاريخ 17/2/2014.
ومع كامل تقديري لأرواح شهداء مصر.. سواء في ماسبيرو أو في أي مكان آخر، في النهاية هم شهداء الوطن، إلا أنني لا أجد ما يدعو الإخوة الأقباط لأن يدشنوا هذه الحملة في هذا التوقيت الحساس، خاصة وأن الكثير منا أصبح الآن يحترف مهنة الصيد في الماء العكر.
فاسمحوا لي يا شركاء الوطن والوطنية، أن أصدّع أدمغتكم بالكلمتين دول لنعرف أين نقف وماذا نريد وما هي قدراتنا وما هي طموحاتنا، وبعدها نقرر.. نعمل حملة، نعمل حفلة.. أو ننسى خالص ونعمل من بنها.
ولكن قبل أن نقرر علينا أن نسأل أنفسنا بعض الأسئلة البريئة.. هل استوعب المواطن المصري بعد أن قام بثورته البيضاء أنه اتفطم على كَبَر، هل استوعب هذا المواطن قواعد اللعبة السياسية والنظام الجديد اللي دخل عليه زي القضا المستعجل اللي بيسموه الديمقراطية، هل حاول هذا المواطن تصحيح ثقافته السياسية الموروثة ليتمكن من المشاركة في صناعة مستقبله السياسي بالطريقة الديمقراطية الصحيحة، هل هو راض عن الأحزاب العتيقة التي حولها النظام الأسبق من طيور جارحة إلى فراخ داجنة، هل هذا المواطن مستطعم الأحزاب اللي اتولدت بعد الثورة واللي لسه بتبحث لنفسها عن دور وعن أعضاء وعن برامج وعن (تمويل) من البنزينة اللي في قطر.!
وأيضاً قبل أن نجيب على هذه السلسلة من التساؤلات المحرجة، يجب أن (نفترض) أولا بأن الثورة كشفت عن فقرنا السياسي، وخرمت سقف الحريات، ونفترض أيضاً أننا لسنا عباقرة سياسة، لأننا لم نمارسها من قبل، وهذا ليس تقصيراً منا ولكن لأنها كانت حكراً على الحاكم وحاشيته، وأن نعترف بأننا لقينا نفسنا فجأة مسؤولين عن بناء المنظومة، وإقرار المصير، والاختيار بالإرادة وليس بالوكالة كما كان فى العهد الغابر، الخلاصة يجب أن نعترف بأن كل هذا أدى إلى ممارسات محمومة وكثيفة نتج عنها تخمة سياسية أدت الى إصابتنا بعسر هضم سياسي.
خلاص ..؟ اتفقنا ..؟ يبقى أولاً لازم نقر بأن ميراثنا السياسي مشوّه، ونص سوا كمان، ولازم نعترف بأننا لم نمارس الحريات بشكلها الصحيح، بل نمارسها وفقا لنظرية "أنا ومن بعدي الطوفان"، ولازم نعترف كمان إن الثورة حقنتا بجرعة زائدة من فيروس الديموقراطية الله يخرب بيته، والذي شوه تصرفاتنا ومع ذلك افتكرنا أننا نحسن صنعاً، والدليل على ذلك اعتزام بعض المواطنين تمزيق لافتات أحد المرشحين للرئاسة أو طمسها باللون الأسود أو كتابة عبارات تسيء له فى محاولة لمنعه من الترشح لانتخابات الرئاسة.. عايز حد يقول لي بقى، أي ديمقراطية هذه، ألم يكن الصندوق هو المكان الطبيعي لرفض أو تأييد أي مرشح بمنتهى البساطة وبدون أي حملات أو تمزيق لافتات..
إن ما يحدث الآن لا يدل إلا على أننا لم نشرب شفطة واحدة من عصير الديمقراطية الفاخر.. لأننا وضعنا هذا العصير في كوز مخروم!
(الآراء المنشورة كتبها القراء ولا تعبر بالضرورة عن رأي موقع وجريدة "الوطن"، وإنما تعبر عن أراء أصحابها)