سيول سوهاج تكشف إهمال المحافظ والمسئولين
عجزت محافظة سوهاج عن مواجهة «غضب» الطبيعة، فأغرقتها السيول، ودمرت أراضيها الزراعية، وانهارت وتصدعت منازلها وتشردت أسرها. وأرجع الأهالى أسباب ما حدث إلى أن المسئولين فى المحافظة أهملوا الاستعدادات اللازمة لمنع أو تخفيف التأثير المدمر للسيول، كما لم يقدموا العون للأهالى بعد انحسار مياهها. ولم تتمكن 6 سدود فى منطقة غرب طهطا الجبلية من مقاومة السيول، وهى سدود تم إنشاؤها فى أعقاب سيول عام 1992، فانهارت 3 سدود منها ولم يكن للباقى فائدة، نظراً لعدم ارتفاعها بالقدر اللازم، فتخطتها المياه واتجهت إلى قريتى «حاجر مشطا» و«نزلة عمارة» فى حضن الجبل الغربى، فدمّرت زراعات الطماطم والقمح والبطاطس والبرسيم بمساحة تجاوزت 300 فدان، ثم اتجهت السيول إلى منازل القريتين ودمرت العشرات منها وأصابت غيرها بالتصدع.
وبعد السيول، أعلنت المحافظة حالة الاستنفار القصوى وتشكيل غرف عمليات لمواجهة آثارها، لكن الأهالى يؤكدون أن ذلك لم يزد على تصريحات دعائية ولم يتم شىء فعلى، فقد توجه محمود عتيق محافظ سوهاج، إلى القريتين المنكوبتين ومعه فريق إعلامى، واستغرقت زيارته على مشارف القرية دقائق ثم غادر، ولا شىء بعد ذلك. «الوطن» ذهبت إلى قريتى «حاجر مشطا» و«نزلة عمارة»، وقال «عبدالحكم أبوعثمان»، 65 سنة، إن السيول هاجمتهم حوالى الساعة الثانية من بعد ظهر الأحد الماضى، وخرج مسرعاً بأسرته، أربعة أبناء وزوجته، من المنزل بما عليهم من ملابس لينهار المنزل بعد لحظة، والآن هم فى الشارع. كما تقول «أم محمد محمد حمدالله»، 53 سنة، من قرية «حاجر مشطا»، إن هذه هى المرة الثانية التى ينهار منزلها بسبب السيول بعد سيول 1992. وحالات كثيرة مثل تلك الأسر فى القريتين». «فتوّة» اسم على غير مسمى، فهو لرجل بسيط انهار منزله المبنى بالطوب الأبيض «البلك»، ولا يعرف أين يذهب هو وأبناؤه السبعة، 4 أولاد، منهم اثنان متزوجان و3 بنات، وتركه مسئولو المحافظة ينام وسط حطام منزله هو وأسرته. ويؤكد «حسنى خلف» أحد أبناء القرية، أن ما حدث كارثة بكل المقاييس وجميع الأسر تحتاج إلى مساعدات عاجلة، ومعظم سكان القرية ينامون فى الشارع. ويضيف «محمد السيد»، 65 سنة: «أسرتى من 4 بنات و4 أولاد وزوجته، وانهار منزلنا ونعيش الآن فى خيمة صنعناها من الأجولة وشكائر بلاستيكية». وزاد على ذلك أن انحسار مياه السيول أطلق عقارب وثعابين من مخابئها تهدد الأهالى.
وتقول «عزة عبدالعال»، 35 سنة، من «نزلة عمارة»، إن لديها 4 أولاد و3 بنات وزوجها فقير، وكادوا يغرقون حيث إن ارتفاع المياه كان بنحو متر ونصف المتر، والآن يقيمون لدى جيران لهم «لحد ما يفرجها ربنا». ويقول محمد أحمد على، رئيس قسم شئون البيئة بالمجلس القروى التابعة له القريتين، إن سبب الكارثة يكمن فى عدم بناء سدود قوية لحجز السيول، والسدود التى بُنيت فى 1992 كانت بطريقة عشوائية. كما يقول جمال الدين عبدالحميد رئيس الوحدة المحلية لقرية «الصفيحة» إن عدد سكان قرية «نزلة عمارة» حوالى 14 ألف نسمة، و«حاجر مشطا» 9 آلاف. ويؤكد أن المعدات من «قلابات لوادر» لم تكن كافية لمجابهة السيول، وتمت الاستعانة بمعدات مجالس المدن القريبة، لكنها لم تحل دون وقوع الكارثة. وقالت «إلهام سليم» وكيل وزارة التضامن الاجتماعى بسوهاج، لـ«الوطن» إنه يجرى حصر أسماء المتضررين من السيول فى نزلة عمارة وحاجر مشطا، فضلاً عن صرف إعانات بواقع 100 جنيه لكل فرد داخل الأسرة.