تاريخ السياط السعودية على أجساد المصريين
السوط يرتفع في يد صاحبه – السعودي في الأغلب – إلى السماء، ليسقط على ظهر ـ المصري في الأغلب – تاركًا علامات ظاهرة من الحروق على الجلد، وعلامات أكثر ظهوراً من الإهانة والذل لكرامة المصري، الذي نشأ على العزة، واستقى من تاريخه العريض كل معاني الإباء والعزة، لكن الإدارة الحاكمة للبلاد تهاونت في حق شعبها، ما سمح بتكرار هذه المواقف أكثر من مرة، على مدار العشرين عاما الأخيرة، كان آخرها واقعة أحمد الجيزاوي، ونستعرض فيما يلي أهم تلك الوقائع:
- عام 1992 كان مطلع عمليات الجلد التي تعرض لها المصريين بالمملكة، الضحية كانت طبيبًا عاد إليه ابنه من المدرسة باكياً، وحين سأله عن السبب، عرف أن مدرسه السعودي يقوم باغتصابه، فهاج الأب وماج، وذهب إلى المحكمة، وقدم بلاغاً يتهم فيه المدرس باغتصاب ابنه، فما كان من المحكمة، إلا أن حكمت على الطبيب المصري بالجلد، لأنه لا يمتلك الدليل الكافي الذي يبرهن به على كلامه، وغضب الشارع المصري غضبًا جما، وطالب الحكومة بالتدخل لمنع تلك العملية المهينة، لكن الرئيس حسني مبارك، أجاب قائلاً:"ماذا تريدون أن نفعل؟، هل نضحي بالعلاقات بين دولتين من أجل شخص واحد؟".
- عام 2007، طبيب مصري آخر اسمه أحمد زكي عبد الحافظ، يعمل في مستشفى الزلفى العام بمدينة الزلفى، جاءته ذات يوم مريضة سعودية طاعنة في السن، لديها مرض خطير، وتعوقها حركتها عن المجيء للمستشفى بصفة مستمرة، فطلب الطبيب منها المكوث في منزلها، وسيذهب هو إليها بنفسه، وفعل ذلك، وحين كان المرض يستبد بالسيدة العجوز، تذهب ابنتها إلى الطبيب في المستشفى لأخذ استشارته أو الأدوية التي تهدئ من روع مرض أمها، وذات يوم، وبينما الابنة تسير في الشارع، إذا بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تقبض عليها، لسيرها في الشارع دون محرم، وعندما سألوها عن السبب، أخبرتهم بأنها تذهب للطبيب ليداوي والدتها المريضة، فذهبت الهيئة إلى الطبيب، وقبضوا عليه، وقاموا بجلده، بتهمة الخلوة غير الشرعية مع الابنة، ولم تتحرك الحكومة أو الخارجية المصرية، لمنع الجلد أو اتخاذ قرار دبلوماسي عنيف.
- عام 2008، بدأت قصتين، الأولى كان بطلها الطبيب رءوف العربي، الذي يعمل في مستشفى السلام بجدة، وبدأ في علاج زوجة أحد أمراء المملكة العربية السعودية، وكانت تشتكي من آلام مبرحة في العمود الفقري، فقام د.العربي بإعطائها جرعات مخدرة لتسكين الألم، وتم صرف هذه الجرعات من المستشفى الحكومي بجدة، ولكن زوجة الأمير أقبلت على الجرعات لدرجة الإدمان، فتحول الأمر لتصبح قضية رأي عام، واتهم الأمير وزوجته الطبيب بتسببه في إدمانها، مما دفع المحكمة إلى اتخاذ قرار بسجنه 7 سنوات، وجلده 1500 جلدة، بواقع 70 جلدة كل عشر أيام، وكان تعليق وزارة الخارجية حينها برفض الاتهامات الموجه إليها عن تقاعسها في الدفاع عن المصريين.
- القصة الثانية كانت لطبيب أيضاً، اسمه شوقي إبراهيم، يعمل بمستشفى جدة، ووجه له القضاء السعودي خمسة تهم، ثلاثة منهم: جلب وشراء وسرقة أمبولات من عقاقير طبية محظور استعمالها وتداولها، والاتهام الرابع والخامس كان إقامة علاقة محرمة مع عدد من النساء اللاتي يحقنهن بتلك العقاقير، بحيث وجه له بشكل أساسي تهمتين: الاتجار بالمخدرات، وهتك عرض مريضاته من دون علمهن، وقضت عليه بتهمة السجن 20 عاما، وجلده 1500 جلدة، وعلقت السفارة السعودية في مصر حينها، بأن الحكم متوسط، فالطبيعي أن يتم إعدامه، وقامت وزارة القوى العاملة المصرية بإصدار قرار يمنع سفر الأطباء والعاملات المصريات إلى السعودية.
- عام 2012، وعي القصة المثارة الآن، وهي قصة المحامي اسمه أحمد محمد ثروت، المعروف بالجيزاوي الذي رفع قضية أمام القضاء المصري، اختصم فيها العاهل السعودي، للمطالبة بإطلاق سراح المصريين المعتقلين خارج القانون داخل السعودية، وقرر الجيزاوي في 22 أبريل الحالي أن يذهب برفقة زوجته للمملكة لأداء العمرة، فأوقفه الأمن السعودي في المطار، وزج به مباشرة في السجن، وأعلنت السلطات السعودية عن حبسه لمدة عام وجلده 20 جلدة، وبين الجهل بمكان محبسه في البداية، إلى اتهامات بحيازته للمخدرات بعد ذلك، وصولاً لمظاهرات عنيفة في القاهرة، تسببت في سحب القنصل السعودي، وإغلاق السفارة، تظل هذه القضية آخر القضايا هي الأهم، بعد تفجيرها أزمة دبلوماسية عنيفة، لاسيما أن المصريين تولد لديهم شعور قوي، أن الكرامة بعد ثورة يناير، أصبح لها مكانة عليا لن يمسها أحد.