دينا عبد الفتاح تكتب: سلاما إلى بيروت!
دينا عبد الفتاح
فى البداية، أود أن أتقدّم بخالص التعازى لشعب لبنان الشقيق فى الحادث المأساوى الذى شهده ميناء بيروت، وراح ضحيته أكثر من 130 شخصاً، بالإضافة إلى مئات المصابين، بينهم العشرات فى حالة حرجة، وخسائر اقتصادية قدّرها مسئولون فى بيروت بـ15 مليار دولار، منها أصول بقيمة 3 مليارات دولار فقط مؤمن عليها.
هذا الحادث الذى يُعد أشد وأكبر الانفجارات التى شهدتها بيروت فى تاريخها، يدعو العالم أجمع إلى حمل رسالة سلام إلى لبنان ومساعدتها فى تخطى هذه النكسة، خاصة بعد سلسلة الأحداث الأخيرة التى شهدتها الدولة، ويأتى فى مقدمتها الاضطرابات السياسية المتواصلة، والأزمة الاقتصادية الأخيرة التى أرهقت العملة اللبنانية ودفعتها لتخسر أكثر من 70% من قيمتها منذ أكتوبر 2019 حتى الآن، لتمثل هذه الأزمة أسوأ الأزمات الاقتصادية، التى ضربت لبنان منذ الحرب الأهلية التى انتهت منذ 30 عاماً.
فى الحقيقة، أن لبنان أحد أهم وأقرب البلدان إلى قلبى، وشعبها يتمتع بالطيبة التلقائية، والتعامل السلس الذى يغلفه الحب والسلام، وأثق فى قدرة هذا الشعب وحكومته وقيادته السياسية على تخطى المحنة الحالية والعودة من جديد، كجوهرة مضيئة فى السياحة العالمية، وقطعة متميزة فى النسيج العربى الأصيل.. وأسعدنى كثيراً تصرف القيادة المصرية المعهود فى أزمات الدول الشقيقة بتحريك طائرات المساعدات ومساندة هذا الشعب فى تخطى فاجعته والتخفيف عنه، حيث ترسل مصر حالياً طائرة مساعدات كل 48 ساعة إلى لبنان، وفقاً لسفيرنا هناك الدكتور ياسر علوى.
موسم «النقد المالى»
بدأت الشركات والبنوك العاملة فى السوق المصرية، والمدرجة بسوق الأوراق المالية، الإعلان عن نتائج أعمالها فى النصف الأول من 2020، خلال الفترة الماضية، وبالتحديد منذ مطلع الشهر الماضى.
وتمثل هذه النتائج مادة غنية بالمعلومات والوقائع للعاملين فى مجال «التحليل المالى»، وحتماً ستستخدمها شريحة كبيرة منهم فى توجيه النقد الشديد لإدارات البنوك والشركات التى لم تتمكن من الحفاظ على أرباحها السابقة، أو اختلت لديها بعض المؤشرات.
وهنا لدىّ رأى آخر، وهو «رفقاً بالنقد المالى فى زمن الكورونا»، فلا بد ألا يغفل هذا التحليل الظرف الراهن الذى يمر به العالم أجمع، وليس مجرد قطاع اقتصادى معين، أو مصر وحدها، والذى كان بمثابة الحريق الذى التهم الأخضر واليابس، واندلع فى العالم كله، ليقلب كل الموازين، ويعيد كل المؤشرات إلى نقطة الصفر، وربما أدنى منها.
لذا فالنقد المجرد من تقدير هذا الظرف لن يكون محايداً، وعلينا أن نعلم جميعاً أن ارتفاع مخصّصات البنوك للتحوّط ضد المخاطر التى قد تنشأ عن الديون غير المنتظمة، سيؤثر بالسلب على نتائج أعمال البنوك خلال الفترة المقبلة، وأن هذا القطاع رغم أنه كان أفضل القطاعات الاقتصادية على الإطلاق فى مصر خلال هذه الأزمة، وكان أكثرها صموداً أمام تحدياتها، وكذلك كان الأكثر مبادرة بمساعدة الدولة والقطاع الطبى فى محنته، إلا أنه من الطبيعى أن يتراجع أغلب مؤشراته الرئيسية خلال النصف الأول من 2020، وأن يستمر هذا التراجع للربع الثالث من العام، الأمر الذى سيؤثر بدوره على نتائج الأعمال السنوية للبنوك.
وكذلك الأمر بالنسبة للشركات، خاصة الشركات العاملة فى القطاعين السياحى والترفيهى والعقارى، فضلاً عن السلاسل التجارية، التى تقدم منتجات لم تنعم بطلب مناسب خلال الشهور الماضية.
لذا نرغب فى أن تمر هذه الفترة بسلام على الجميع، وألا نشد وطأة النقد الموجه للإدارات، دون أن يثبت أنه كان هناك تراخٍ فى أسلوب العمل مع مراعاة كل تداعيات جائحة كورونا.
لن تدوم طويلاً!
من الواضح أن تداعيات أزمة كورونا الاقتصادية لن تدوم طويلاً على العالم بأكمله، وأن مؤشرات التعافى الواضحة خلال الفترة الحالية فى مختلف الاقتصاديات فاقت كل التوقعات، وفى تقديرى أن السبب وراء ذلك أن التأثيرات الاقتصادية السابقة لم تنجم عن اختلالات هيكلية فى الاقتصاد العالمى أو الاقتصاديات الكبرى، وإنما نتجت عن ظاهرة يمكن وصفها بالعارضة، أثرت على أساليب الاستثمار والإنتاج والاستهلاك، وبمجرد أن انحدرت هذه الظاهرة أو خف أثرها، عاد المستهلكون والمستثمرون إلى ممارساتهم، الأمر الذى يبشر بأن الفترة القادمة قد تشهد قفزات فى عدد من القطاعات، بما سيؤثر على فرص التوظيف المتاحة وإمكانية استعادة الملايين لمستويات دخولهم قبل الأزمة.