«مِسكة».. جارية خلدتها «أعمال الخير»
مساجدهن
السيدة «حدَق» أو كما يطلق عليها «مسكة»، كانت وفق ما يقوله «المقريزى» من جوارى السلطان الناصر محمد بن قلاوون، واستطاعت أداء دور مهم فى حياته الخاصة والعامة، وشدّت من أزره فى كل الشدائد التى مر بها، خصوصاً محاولات عزله، لكن دعمها له كان يثبته فى السلطة، مما منحها مكانة كبيرة.
وتعدّدت الروايات التاريخية حول اسمها، ومنها رواية تقول إنها كانت تُدعى «جلشانة»، ومن أحد التفسيرات أن «الست مسكة» مأخوذ من تفسير اسم جلشانة، الفارسى المكون من كلمتين «جل» بمعنى الورد، و«شان» بمعنى «مثل» أى «مثل الورد».
واختارت الملكة أشلون زوجة قلاوون، جارية خلدتها «أعمال الخير»، لتتولى رعاية الناصر محمد، منذ كان طفلاً رضيعاً، فأظهرت عنايتها به، واستطاعت رغم حداثة سن الوليد الجديد أن تأخذ له البيعة من الأمراء، ليصبح سلطاناً على مصر، ولما تقدّمت بالسن صارت متخصّصة فى عمل الأعراس السلطانية وطقوس الأعياد والمواسم وشؤون الحريم السلطانى، وجمعت ثروة كبيرة من الأموال والهدايا التى كان يغدقها عليها السلطان وحاشيته طمعاً فى التقرّب من السلطان.
وتبدأ مسيرة الست «مسكة» مع السلطان المملوكى منصور بن قلاوون إلى الفترة التى قرر فيها الزواج من أميرة مغولية تُدعى «أشلون خوندا» بعد عامين من توليه حكم مصر بعدما جاءت مع والدها، الذى استقر فى مصر، فراراً من غضب سلطان المغول عليه وعند مجيئه إليها أحضر معه أفراد أسرته من النساء والأطفال بصفة خاصة، ومن بينهم «حدق» ست الحسن والجمال، التى أحبّها المصريون، وكانت فى نفس عمر ابنته تقريباً.
وعندما أتم السلطان زواجه من الأميرة التى نزحت بعد اضطرابات سياسية شهدتها بلادها عهد إلى «حدَق» برعاية مولوده «الناصر قلاوون»، فأحاطته بذراعيها وسهرت على راحته وأرضعته وأصبحت بمثابة أمه، وعندما خلف أباه فى حكم مصر رغم صغر سنه، ظلت وفية له خلال مرات خلعه الثلاث عن الحكم، كما اختارت دخول السجن معه لرعايته، وظلت حتى نهاية حياتها على ولائها الكامل لأبناء الناصر محمد من بعده، كونهم أحفاد قريبتها «الملكة أشلون».