دقوا "الشماسى".. عايزين نسترزق
الصيف هو موسم رزق بالنسبة لهم لا يضاهيه أى موسم، يخرج العاملون فى صناعة الشماسى باكراً ولا يعودون إلا آخر الليل، ورش مزدحمة بعمال، مواد خام تملأ الطرقات، بدأ الصيف ودبت الروح مرة أخرى فى شرايين الورش التى كانت مغلقة بسبب الركود.
فى إحدى ورش صناعة الشماسى فى الدرب الأحمر، جلس عامل على مقعد خشبى مهترئ يقشر أطراف أعواد الخرز، وإلى جواره آخر يثبت على أطرافها قطع ألومنيوم تشبه حبات البلح، وثالث يشبك أعواد الخرز فى عمود خشبى كبير بواسطة ترس ألومنيوم، يقطع أحاديثهم الجانبية صوت ماكينة الخياطة الذى يعلو فجأة ثم سرعان ما يهدأ، «أحمد جمال»، 20 عاماً، ورث الصنعة أباً عن جد، ورشتهم فى الدرب الأحمر هى الأكبر والأقدم فى السوق: «أنا بشتغل هنا من وأنا عندى 7 سنين بدأت صبى، ثم مساعد، ثم صنايعى».
تختلف حسب أنواعها وأحجامها، هناك الشماسى الخشب الكبيرة، ويتراوح قطرها من 150 إلى 200 سنتيمتر، ويبدأ سعرها من 500 جنيه، والشماسى الصغيرة يتراوح قطرها ما بين 90 و150 سنتيمتراً، وتبدأ أسعارها من 120 جنيهاً، ويشتريها الباعة والمصطافون: «بيشتغل فى الورشة دى 5 عمال، شغلهم بيتقسم لمراحل، كل شخص منهم يتولى مرحلة معينة، شخص يقطع الخرز، آخر يركب البلح، وثالث يركب الترس، وشخصان يقطعان الأقمشة التى يتم تركيبها فى الشمسية»، مشيراً إلى أنهم يصنعون فى اليوم ما يقرب من 50 إلى 100 شمسية، من السابعة صباحاً حتى الخامسة أو السادسة مساء.[SecondImage]
مدكور عبدالعظيم، عامل فى الورشة، يفرح كغيره من العمال بموسم الصيف، ففيه يزداد الطلب ويزداد الرزق، عكس الشتاء الذى ينخفض فيه الإقبال ما يجعلهم يلجأون إلى تصنيع حقائب من القماش تباع للسائحين فى الأقصر وأسوان: «الصين بتنافسنا دلوقتى فى الشماسى لكن فرق كبير بين المستورد واللى احنا بننتجه، الصينى مش عملى خالص واللى بيتكسر منها ما بيتصلحشى».
وينتقد «عبدالعظيم» عدم اهتمام الدولة بصنايعية الشماسى الذين بدأوا فى الاختفاء، ولم يبق منهم سوى القليل، حيث يسجل فى البطاقة «عامل بدون عمل» لعدم وجود تأمينات عليه، بسبب رفض أصحاب الورش التأمين عليهم لأنهم عمالة غير أساسية وعملهم موسمى: «بنحاول ندخر أموالنا على قد ما نقدر عشان تكفينا طول السنة لأننا بنواجه صعوبة طول الشتاء بسبب عدم وجود شغل».
لكل مهنة أمراضها، ومهنة تصنيع الشماسى تصيب العاملين فيها بأمراض على الصدر بسبب وبر الأقمشة والأتربة المنتشرة: «لما بنتعب بنقعد فى البيت من غير ولا مليم، صاحب الورشة ما يعرفكش إلا وانت سليم».