هيلين كيلر.. معجزة الإنسانية
"عندما يُغلق باب السعادة، يُفتح آخر، ولكن في كثير من الأحيان ننظر طويلًا إلى الأبواب المغلقة بحيث لا نرى الأبواب التي فُتحت لنا" فقدت سمعها وبصرها، واستطاعت التغلب على إعاقتها، لقبت بـ"معجزة الإنسانية"، ألفت ما يقرب من 18 كتابًا، إنها الأديبة الأمريكية هيلين كيلر والتي رحلت عن عالمنا في مثل هذا اليوم الأول من يونيو عام 1968 عن عمر ناهز الـ87 عامًا.
و"هيلين" التي وُلدت قبل قرابة القرن ونصف القرن -135 عامًا- بإحدى والايات الأمريكية، لم تكن صماء المولد، عمياء الرؤية، بل أصيبت بالبلائين وهي في عمر العام ونصف، وهو ما شخصه الأطباء بأنها فاقدة لحاستيها الأهم للأبد.
في البداية تعلمت على يد مارتا واشنطن، ابنة طباخة العائلة، وعند بلوغها السابعة من عمرها أصبح لديها 60 إشارة تتواصل بها مع عائلتها، وحصلت على شهادة في اللغة الإنجليزية.
واختيرت بعدها المعلمة آن سوليفان التي كانت في العشرين من عمرها لتكون معلمة "هيلين" وموجهتها ولتبدأ معها علاقة استمرت 49 عامًا.
تعلمت "هيلين" طريقة "برايل" للقراءة فاستطاعت القراءة من خلالها ليس فقط باللغة الإنجليزية ولكن أيضًا بالألمانية واللاتينية والفرنسية واليونانية.
دخلت كلية "رادكليف" لدراسة العلوم العليا فدرست النحو وآداب اللغة الإنجليزية، كما درست اللغات الألمانية والفرنسية واللاتينية واليونانية، ثم قفزت قفزة هائلة بحصولها على شهادة الدكتوراه في العلوم والدكتوراه في الفلسفة.
وكان من الصعب على "هيلين" استيعاب ما يُدرس، ولكن معلمتها "آن سوليفان" كانت تجلس بجوارها وتنقل بإصبعها كل ما يقوله الأساتذة في المحاضرات، وكانت تجهد عينيها بالقراءة لتنقل لها كل ما تقرأه، وبذلك تخرجت من الجامعة عام 1904م حاصلة على بكالوريوس علوم في سن الرابعة والعشرين.
فكان من المتوقع أن تتحدث "هيلين" عن هذا الوفاء بينها وبين معلمتها آن في كتاب ألَّفته وأسمته Teacher وتقول فيه: "كم هي قريبة إلى نفسي (معلمتي) لدرجة أنني نادرًا ما أفكر في نفسي بمعزل عنها، لا أدري فيما إذا كان استمتاعي بجمال الأشياء من حولي يعود في أغلبه إلى الأمر الفطري لديَّ، أو بسبب تأثيرها في، وأشعر أن وجودها لا يمكن فصله عن وجودي، أفضل ما عندي ينتمي إليها، ولا توجد في داخلي موهبة أو أمنية أو متعة إلا أيقظتها بلمستها الحانية".
نشرت هيلين كيلر ثمانية عشر كتابًا، ومن أشهر مؤلفاتها: "العالم الذي أعيش فيه، أغنية الجدار الحجري، الخروج من الظلام، الحب والسلام، وهيلين كيلر في أسكتلندا"، ترجمت كتبها إلى خمسين لغة، وألفت هيلين كتاب "أضواء في ظلامي" وكتاب "قصة حياتي" في 23 فصلاً و132 صفحة في 1902.
أصبحت هيلين كيلر متحدثة وكاتبة مشهورة حول العالم كما أنها أصبحت محامية للأشخاص ذوي الإعاقة، والتقت العديد من رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية بداية بالرئيس غروفر كليفلاند وانتهاء بالرئيس ليندون جونسون، بالإضافة إلى الصداقات التي كانت تربطها بالعديد من الشخصيات المشهورة أمثال "ألكساندر جراهام بيل وتشارلي شابلن ومارك توين".
زارت خمسة وثلاثون بلدًا في القارات الخمس، وبالإضافة إلى زيارة الجرحى والمصابين، وعندما تعجَّب الناس منها قالت لهم: "إني أستطيع أن أنتقل عمياء وصماء وأنا سعيدة لأني أصبحت أقرأ أعمال الله التي كتبها بحروف بارزة لي، فدائمًا عجائبه ومحبته تشملني".