الجعبري رئيس أركان حركة حماس.. وعدو إسرائيل الأول
"ما دام الصهاينة يحتلون أرضنا فليس لهم سوى الموت أو الرحيل عن الأراضي الفلسطينية المحتلة"، ظل يرددها خلال حياته النضالية الجهادية العامرة بالهجمات الخاطفة على القوات الإسرائيلية، إنه صاحب بصمات التغيير الدارمي للجناح العسكري لحركة حماس، وهو مهندس صفقة "وفاء الأحرار"، والتي أفرج خلالها عن أكثر من ألف أسير فلسطيني مقابل الجندي جلعاد شاليط، وتطلق عليه الاستخبارات الإسرائيلية "رئيس أركان حركة حماس" في دلالة منها على مكانته التي يحظى بها في حماس، إنه أحمد الجعبري نائب القائد العام لكتائب القسام.
عقب اغتياله قامت الدنيا ولم تهدأ، ما بين ترحيب إسرائيلي، وتهديد انتقامي فلسطيني، واستنكار عربي دولي، ولا تزال الغارارت الإسرائلية تطلق قذائفها على البيوت الغزاوية، على الرغم من وحشية الهجوم الذي وصلت غاراته إلى عشرين، إلا أن الجعبري مازال يتصدر المشهد، وكأنه شعلة الصراع، ومبعث الروح الانتقامية التي توعد بها قادة حماس.
إنه أحمد الجعبري، من مواليد حي الشجاعية شرق مدينة غزة عام 1960، حاصل على شهادة البكالوريوس، تخصص تاريخ من الجامعة الإسلامية بغزة، وحفلت حياته بالنضال ضد القوات الإسرائيلية، وهو نائب القائد العام لكتائب القسام والقائد الفعلي لها على الأرض، ومن أهم المطلوبين من إسرائيل وتتهمه دائمًا بالمسؤولية عن كثيرا من العمليات ضدها، ونجا من عدة محاولات اغتيال، وقد قصف منزله في الحرب الأخيرة على غزة، وظل متمسكًا بملف الجندي شاليط منذ أسره في 25 يونيو 2006، حتى سلمه لإسرائيل نظير الإفراج عن أكثر من ألف أسير فلسطيني العام الماضي.
استهل الجعبري حياته النضالية في صفوف حركة "فتح"، واعتقل مع بداية الثمانينيات على يد قوات الاحتلال، وأمضى 13 عاما، بتهمة انخراطه في مجموعات عسكرية تابعة لفتح خططت لعملية فدائية ضد الاحتلال عام 1982، وخلال وجوده في السجن، أنهى الجعبري علاقته بحركة "فتح"، وانتمى لـ"حماس" وعمل بمكتب القيادة السياسية لها، وتأثر بعدد من قادتها ومؤسسيها الأوائل أبرزهم الشهيد عبد العزيز الرنتيسي، والشهيد نزار الريان، ومؤسس أول ذراع عسكري للحركة الشيخ الشهيد صلاح شحادة.
وتركز نشاط الجعبري عقب الإفراج عنه من سجون الاحتلال عام 1995 على إدارة مؤسسة تابعة لحركة حماس تهتم بشؤون الأسرى والمحررين، ثم عمل في عام 1997 في حزب الخلاص الإسلامي الذي أسسته الحركة في تلك الفترة لمواجهة الملاحقة الأمنية المحمومة لها من جانب السلطة آنذاك، وفي تلك الفترة توثقت علاقة الجعبري بالقائد العام لكتائب القسام محمد الضيف.
وظل الجعبري ثالث ثلاثة في المجلس العسكري لكتائب القسام، إلى حين اغتالت إسرائيل الشيخ شحادة عام 2002، وفشلت في محاولة اغتيال الضيف عام 2003 والتي أصيب خلالها بـ"جروح بالغة وإعاقات غير محددة"، ليتحول معها الجعبري إلى القائد الفعلي لكتائب القسام إلى جانب "الضيف" القائد العام للكتائب في فلسطين، وتعرض رجل "صفقة الأحرار" لمحاولات اغتيال إسرائيلية عدة، كان أبرزها تلك التي نجا منها بعد إصابته بجروح خفيفة عام 2004، بينما قتل ابنه البكر محمد، وشقيقه وثلاثة من أقاربه، باستهداف طائرات الاحتلال الحربية منزله في حي الشجاعية.
وتتميز شخصية الجعبري بقدرات كبيرة جدا أهّلته لقيادة الكتائب، وأشارت التقاير إلى أن الجعبري نقل الكتائب، نقلات نوعية ووضع لها نظام عسكريا قويًا إضافة لإشرافه على العديد من العمليات البطولية ضد إسرائيل، ولم تقف محاولات إسرائيل لقتله، إلا أن القدر في نهار اليوم سمح لقاذفة إسرائيلية بإصابته داخل سيارته لتكتب له النهاية التي تمناها، وانتظرها عدوه بفارغ الصبر.