بروفايل: حازم أبوإسماعيل.. الشيخ الثائر
لحيته البيضاء تزيده وقاراً، صوته الهادئ يبعث على الاطمئنان ليثلج ما فى الصدور ويلفت إليه الأذهان، فهو سلفى بعباءة إخوانية، ومدنى ذو أصول فقهية، وليبرالى يستند للمرجعية الإسلامية.
اعتاد حازم صلاح أبوإسماعيل أن يكون طرفاً مؤثراً فى اللعبة السياسية منذ أن أعلن عن نيته خوض الانتخابات الرئاسية رافعاً شعار «سنحيا كراماً»، متخذاً من الشريعة الإسلامية منهجاً ونبراساً، وكيف لا وقد لعب دوراً محورياً فى مذبحة العباسية التى قُتل خلالها أنصاره قبل أن يتسبب فى خوض اندلاع الموجة الثانية للثورة بشارع «عيون الحرية».
لم يكن يعلم أنه حينما هتف فى الجموع الغافلة «وأعدوا» ليرهب بها المجلس العسكرى ويطالب برحيل المشير طنطاوى بعد وثيقة الدكتور على السلمى التى خرجت لتفجر الحناجر الغاضبة كماء فُجر من ينبوع فتدفق فيضانه ليهلك الأخضر واليابس ستشعل فتيل الثورة من جديد، وتزهق أرواح أكثر من أربعين شهيدا طالبوا بالتغيير وساندوا ما يقرب من 420 مصابا ذاق العديد منهم مرارة ضياع البصر رغم ثبات البصيرة.
جمع فتات شجاعته ووجه خطابه لقادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة «عليكم بالرحيل الآن» ليناصبهم العداء الواضح بعد أن دأب على مهادنتهم من قبل والثناء عليهم عبر صناديق الاقتراع فى استفتاء مارس أو مليونية «قندهار» الأولى؛ ولكن دعوته لم تغير من الأمر شيئاً، فالثوار يُقتلون، والعيون ما زالت تنزف دماً، والحناجر تجهش بالبكاء متأثرة بدخان كثيف لاح فى الأفق، فلا مفر من الوجود فى الميدان، حتى وإن كان النزول وسط لفيف من الأنصار كأمير مظفر بنصر وفتوحات.
اعتاد أبوإسماعيل الاستفادة من المواقف بغض النظر عن واقعها، فرفع أسهم شعبيته كمرشح محتمل لرئاسة الجمهورية قبل أن يتم استبعاده فى وقت لاحق، وبدا كأنه الإسلامى الوحيد الذى فضل معارك الثورة على البرلمان، فبعد أن آثرت القوى والتيارات السياسية ذات المرجعية الإسلامية التفرغ لمعارك البرلمان وغض البصر عن الذين قدموا أرواحهم لتمهيد الطريق إليهم، قرر هو رفع الحرج عن زملائه وحَمل لواء الثورة من جديد متوجهاً لميدان التحرير، ليردد المؤيدون أقواله إلى أن باتت أقرب للإنشاد على أنغام «الربابات» ولسان حالهم يقول «الآن حصحص الحق، ألم نردد من قبل بأن مرشحنا هو الأفضل للقضاء على مفاسد العصر المباركى؟».
ربما رسمت الأحداث -بالرغم من لونها القاتم الملطخ بدماء الشهداء- ملامح وريث الداعية الإسلامى صلاح أبوإسماعيل، وتبارت الألسن فى المدح والثناء على الرجل حتى سُمى بـ«أسد الميدان»، وانضم لحملته العديد من الشباب المعتدل والليبرالى بعد أن حقق انتصارات فى غزو عقول المصريين، وبدا كأنه صدّيق عَصرنا، والمرشح الأقرب لحصد المقعد الرئاسى، إلا أن ذلك لم يَدُم كثيراً، فسرعان ما تعثرت خطوات الرجل وزلت خطاه، ودخل فى صراعات يصعب على النفس إحصاؤها، لينتهى به المطاف مطروداً من جنة الرئاسة، ولكنه استطاع الحفاظ على بعض أسهمه الثورية ليتأجل الصراع لمرحلة لاحقة.
أخبار متعلقة:
محمد محمود عام على «دماء الحرية»
أبطال الموقعة يسترجعون تفاصيل «السبت الدامى»: الدماء لا تزال فى رقابنا
«حيطان محمد محمود».. طريق الشهداء للوصول إلى وزارة الداخلية وسط «بركة الدم»
بروفايل: صفوت حجازى.. شيخ «العسكرى»
بروفايل: أحمد حرارة.. عيون الثورة
«الوطن» تشارك أهالى الشهداء ذكرى «الوجع الكبير»
«مشرحة زينهم».. شاهد على «الدم والرصاص»
«الحائط العازل».. أوقف نزيف الدم.. وجندى: «نقلناه من بنى يوسف للتحرير فى ساعة واحدة»
سكان «شارع الصدام».. أسبوع فى الجحيم
بروفايل: منصور العيسوى.. وزير بلا سلطة
أطباء التحرير.. جندى الثورة المجهول فى معارك الحرية
رجال الإسعاف الشعبى.. موتوسيكلات فى خدمة الثوار
حكايات «عيون» أضاءت «شارع الحرية»