بالصور| المياه الجوفية تغرق "الخمسين" بالفيوم.. والمسؤولون خارج الخدمة
جانب من مأساة القرية
يعاني أهالي قرية الخمسين التابعة للوحدة المحلية بالغرق قبلي، مركز إطسا بمحافظة الفيوم، من ارتفاع منسوب المياه الجوفية واجتياحها المنازل وإغلاق بعض المدارس الموجودة بها، وغرق الشوارع وتعطل حركة المرور بالقرية.
ورغم تقدم أهالي قرية الخمسين مناشدات واستغاثات عدة للمسؤولين، للتدخل بإنشاء شبكة صرف صحي بالقرية، قبل انهيار المنازل على رؤوس قاطنيها، إلا أن توسلاتهم لم تجد صدى، ماتسبب في هجرة بعض سكان القرية بعد توقف العملية التعليمة بها.
ولجأ أهالي القرية إلى جمع التبرعات لشفط المياه والعمل التطوعي من خلال رجال وشباب القرية، ولكن ضعف الإمكانيات حال دون السيطرة على الأزمة، حتى طالت المياه جدران المنازل، وتراكمت بالشوارع وحولتها لمستنقعات التي أصبحت مصدرًا للأوبئة والأمراض ومكانًا لتجمع الحشرات الضارة، ما يهدد صحتهم وصحة أطفالهم.
حتى الموتى في قرية الخمسين لم ينجوا من هذه الكارثة، بعد أن غرقت المقابر في المياه الجوفية، وفشلت كل محاولات وجهود الأهالي الذاتية في إنقاذها، من خلال جلب الحفارات على نفقتهم الخاصة، وإنشاء خزانات أرضية بطول المقابر لتجميع المياه فيها، ورفعها عن طريق "مواتير الري" إلى الترعة المجاورة، إلا أن كل هذه المحاولات باءت بالفشل، ما ساعد الكلاب الضالة في التنقيب عن الجثث وإخراج رفات الموتى.
القرية خالية تمامًا من أي أنشطة تعليمية، حيث يوجد بها مدرستين فقط داخل سور واحد إحداهما ابتدائية، وقد توقف العمل بها منذ العام الماضي، وتم نقل التلاميذ إلى مدرسة "الخوجة الابتدائية" كفترة مسائية، إلا أن الأهالي امتنعوا عن إرسال أطفالهم للمدرسة نظرًا لبعد المسافة التي تبلغ 5 كيلو مترات عن القرية وسط الزراعات، ما يعرض أطفالهم للحوادث، أما المدرسة الثانية فهي إعدادية ومازالت تحت الإنشاء، بعد أن اكتفت الحكومة برفعها أربعة طوابق فقط وعدم تشغيلها بسبب اجتياح الماء الجوفية لها لتصبح كلا المدرستين معطلتين.
حتى المرضى بقرية الخمسين لم يجدوا صدى لأناتهم، ولا دواء لأوجاعهم، بعد أن تسببت المياه في تعطيل العمل بالوحدة الصحية الوحيدة الموجودة بالقرية، والتي تقدم خدمتها لعدد كمن القرى المجاورة مثل (الخوجة، حلبون، علي عيسي، خويلد، المصاروة)، إلا أنها أصبحت غير مفعلة لتقديم أي خدمة طبية، وأربعة موظفين، وتغلق أبوابها يوميًا في تمام الثاعة الثانية عشر ظهرًا، بينما لا يحضر الطبيب المنتدب سوى ساعتين فقط يوم الثلاثاء من كل أسبوع، ليتكبد المرضى مشقة وعناء السفر لمسافات طويلة لتلقي العلاج، بعد أن أصبحت الوحدة الصحية مجرد مكان لتجمع النفيات والقمامة بمُحيطها.
معظم بيوت القرية، أصبحت خاوية على عروشها بعد أن هجرها ذويها بحثًا عن الحياة، لعدم مقدرتهم على إعادة ترميمها، هكذا روى عادل طرفاية حسين، أحد أبناء القرية، مُضيفًا أن القرية ليس بها صرف صحي وإنما "بيارات" لاتستطيع استيعاب كمية المياه التي تتراكم بشكل دائم، وتابع: "بنلم فلوس من بعض ونجيب موتور ونشفط المياه ونرفعها على الترع، علشان نعمل تجفيف للمنازل والطرق".
"المدارس عندنا غرقانة طول الوقت، ومش بنودي أولادنا المدرسة، من شهر رمضان قبل الماضي بعد أن تآكلت أعمدة المدارس وأصبحت غير صالحة للتعليم، أولادنا متشردين ومستقبلهم التعليمي في مهب الريح"، استغاثات عدة وجهها أهالي القرية للمستشار وائل مكرم محافظ الفيوم، ولكن دون جدوى، بحسب مارواه حسين في حديثه لـ"الوطن".
مشروع صرف صحي، واستكمال العمل بالمدرسة الإعدادية، وترميم المدرسة الابتدائية، وإعادة الوحدة الصحية للعمل وتوفير متطلبات المرضى، فقط هي أحلام أهالي قرية الخمسين بمحافظة الفيوم.