خبر تناقلته عدة مواقع يقول: «كشف مصدر دبلوماسى أن السفارة المصرية فى الرياض أرسلت إخطاراً عاجلاً إلى القاهرة، قالت فيه إن المملكة غيرت جميع خرائطها الرسمية، وعلى الأخص تلك الموجودة فى الكتب الدراسية والسياحية لتتضمن جزيرتى تيران وصنافير ضمن حدودها الرسمية». الحديث عن هذه الخطوة من الجانب السعودى قديم، فمنذ توقيع اتفاقية ترسيم الحدود يظهر من حين إلى آخر على مواقع الإنترنت «كتاب دراسى سعودى يضع تيران وصنافير ضمن الحدود الرسمية للمملكة» ويثور حوله لغط، ويمر الموقف دون أن نعرف وجه الحقيقة فى المسألة.
الخبر الجديد الذى تتناقله المواقع الإعلامية حول الإخطار السعودى بإدخال «تيران وصنافير» ضمن الحدود «الورقية» للمملكة يختلف، فالاتفاقية الخاصة بترسيم الحدود التى نسفها القضاء المصرى وحكم ببطلانها تنص على أن بنودها تصبح سارية بعد موافقة الحكومات والمجالس النيابية داخل البلدين، هذه الموافقات تمت فى المملكة عقب التوقيع على الاتفاقية مباشرة، وهو أمر طبيعى يحدث فى الحالات التى يشعر فيها الفرد أنه وجد غنيمة، لكن الأمر مختلف هنا فى مصر، فالمحكمة الإدارية العليا أبطلت الاتفاقية، وحتى الآن لم يتم البت فيها داخل مجلس النواب، ولم يصدق عليها بالتالى رئيس الجمهورية، فهل اتخذت المملكة هذا القرار من جانب واحد.. أم أن البعض يريد تبليع التنازل عن أرض حكم القضاء بمصريتها قطعة قطعة؟
إذا كانت المملكة قد اتخذت هذا القرار من طرف واحد فهذا تجرؤ لا ينبغى السكوت عليه، لأن السكوت سيدفع غير المملكة إلى التجرؤ، ولعلك تتابع اللغط الذى يثيره المسئولون السودانيون حول حلايب وشلاتين. لقد تناقلت وكالات الأنباء خبراً يقول إن وزير الدفاع السودانى ذكر فى جلسة مغلقة بالبرلمان السودانى أن «مصر تمارس المضايقات والاستفزازات للقوات السودانية بمنطقة حلايب، ونحن نمارس ضبط النفس فى انتظار حل المشكلة سياسياً بين الرئيسين البشير والسيسى». هل وصلنا إلى هذا الحد؟!. ضع هذا التصريح إلى جوار تصريح آخر ذكر فيه أحمد أبوالغيط أمين عام الجامعة العربية لجريدة «الشرق الأوسط» أن قيام إثيوبيا بملء سد النهضة فى 3 سنوات سيؤدى إلى سحب 35 مليار متر مكعب من حصة مصر من ماء النيل (55 مليار متر مكعب)، لتعلم حجم جرأة الغير علينا، بدءاً من السعودية ومروراً بإثيوبيا وانتهاء بالسودان!.
كل هذا يحدث ولا توجد معلومة واحدة متماسكة تحدد لنا رأساً من قدمين، لأن المسئولين لدينا لا يتحدثون، وإن تحدثوا فإنهم ينفون، وفى كل الأحوال تجدهم لا يكترثون بإثبات أو نفى كلامهم، لأنهم يؤدون بقناعة أن كلامنا لا يحتاج إلى تدليل!. الكتمان إذا صح فى أمر فإنه لا يصح فى غيره، دعنى أكرر لك أن موضوع الأرض يختلف عن غيره، وموضوع «النيل» بالنسبة للمصريين حياة. سياسة «التقفيل على الكلام» التى تتبع حالياً فى مصر لن تنفع بعد ذلك، لأن ملف تيران وصنافير، وكذا ملف سد النهضة دخلا منعطفاً شديد الخطورة، فالمملكة مصرة على الاستيلاء على أرض حكم القضاء بمصريتها، ومصر تتعامل مع الاستفزاز السعودى برخاوة، وإثيوبيا أعلنت منذ أيام أنها أنجزت 65% من سد النهضة، وأنها لم تعدل خطط ملئه، ومصر تتعاطى مع الأمر بطراوة.. كده ما ينفعش!.