«أول جيش من أمتى يغزون البحر قد أوجبوا» صدق رسول الله.. فمن الجيش الذى نال هذا الشرف؟.. من الذى أوجب بحديث رسول الله؟!
إنه فارس بنى عامر.. الصحابى الذى لم يكن فتح مصر ليكتمل إلا بوجوده.. والذى سيظل التاريخ المصرى يذكره بالكثير من الخير.. فلم تكن مصر لتدخل بأكملها فى الإسلام إلا بفضل الله.. ثم بجهود عبدالله بن أبى السرح رضى الله عنه!
هو الأمير قائد الجيوش أبويحيى عبدالله بن سعد بن أبى السرح بن الحارث بن حبيب بن جذيمة بن مالك.. الذى أسلم على يد الرسول صلى الله عليه وسلم قبل فتح مكة.. وهاجر معه إلى المدينة.. ولما كان ممن يجيدون الكتابة فقد غدا من كتاب الوحى.. فلما افتتن ارتد إلى مكة.. ولما فتحت توسط له عثمان بن عفان عند رسول الله بعد توبته.. فأمنه رسول الله.. ثم حسن إسلامه.
كان عبدالله بن أبى السرح أحد القادة الذين أرسلهم عمر بن الخطاب فى جيش عمرو بن العاص.. فأبلى معه بلاء حسناً فى الشام حتى وصل معه إلى مصر.. فلما تم فتح مصر ولاه عمرو بن العاص على الصعيد فترة.. حتى تولى حكم مصر فى عهد عثمان بن عفان رضى الله عنه خلفاً لعمرو بن العاص.. وهنا تجلت بطولاته.
لقد تمكن ابن أبى السرح من فتح النوبة.. أو بلاد الأساودة كما كانوا يطلقون عليها، بعد أن استعصت على عمرو بن العاص قبله.. كما أرسل جيشه جنوباً إلى أفريقيا أكثر من مرة.. فدخل الإسلام فى عهده إلى بلاد جديدة لم يعرفها من قبل!
ولكن تظل لابن أبى السرح بطولته الكبرى.. التى جعلته يحظى بشرف البشرى فى حديث رسول الله.. وهى بناء أول أسطول فى الإسلام.
فقد كان الروم يملكون أسطولاً قوياً.. وقد هدد أسطولهم سواحل المسلمين أكثر من مرة.. فقرر عبدالله بن أبى السرح أن يبنى أسطولاً ليتمكن من مواجهة الأسطول الرومانى.. فأسند البناء إلى أهل الإسكندرية من الأقباط.. الذين كانت لهم خبرة فى بناء السفن.. فكان أن كوّن أسطولاً من مائتى سفينة!
حتى حدث ما كان يخشاه.. فقد أتى قسطنطين بن هرقل بأسطول من ألف سفينة للانتقام لدولة الروم التى هزمها المسلمون فى مواقع عديدة.. فخرج إليه معاوية بن أبى سفيان والى الشام من عكا.. وخرج له عبدالله بن أبى السرح من الإسكندرية فى أسطوله.. والتقيا فى المعركة البحرية الأولى.. والتى عرفت بذات الصوارى!
لقد انتصر المسلمون فيها.. وتحول البحر المتوسط إلى بحيرة إسلامية.. بفضل ذلك الصحابى الجليل.. وبفضل أقباط مصر.. الذين بنوا أسطول الدولة الإسلامية الأول!
وللحديث بقية.. ما دام فى العمر بقية