تقرير «مفوضى الدولة» بحل «الحرية والعدالة»: لا وجود قانونياً لحزب جماعة الإخوان
أجلت دائرة الأحزاب السياسية بالمحكمة الإدارية العليا، فى جلستها المنعقدة أمس، برئاسة المستشار فريد نزيه تناغو، رئيس مجلس الدولة، دعاوى حل حزب الحرية والعدالة إلى جلسة 15 فبراير المقبل للاطلاع على تقرير هيئة مفوضى الدولة الذى أوصى بـ«حله».
وحصلت «الوطن» على تقرير هيئة مفوضى الدولة برئاسة المستشار جمال ندا، نائب رئيس مجلس الدولة، الذى يوصى بحل حزب الحرية والعدالة وتصفية أمواله وعودتها إلى الدولة، الصادر فى 14 نوفمبر الحالى.
أكد تقرير الهيئة أن نظام الإخوان لم يعترض فقط على الثورة الشعبية التى تمت فى 30 يونيو، وإنما اتخذ مسلكاً تحريضياً من أعمال تهديد وعنف وتخريب طالت المواطن وممتلكات الشعب حرقاً وتخريباً.
واعتبر تقرير «مفوضى الدولة» أن «الإرهاب» الذى مُورس على الشعب المصرى خير دليل على أن النظام السابق خرج على إرادة الشعب المصرى التى ظهرت فى ثورة 30 يونيو، ومن ثم لا يوجد مكان له فى المجال السياسى والاجتماعى فى الدولة.
واستندت الهيئة فى تقريرها إلى الإعلان الدستورى الصادر من الدكتور محمد مرسى، بصفته رئيساً للجمهورية، فى 21/11/2012 والذى تضمن فى ديباجته أن ثورة 25 يناير حملت رئيس الجمهورية «هدم بنية النظام البائد»، ليكون ما ورد فى الإعلان الدستورى من هدم بنية النظام السابق هو أصل مقرر فى الثورات، فالثورة لا يمكن أن تعنى إلا زوال نظام سابق وإقامة نظام جديد يحل محله.
وتابع التقرير: «أياً ما يكون من مدى وقوع حزب الحرية والعدالة عند تأسيسه فى دوامة مخالفة القانون، إلا أن الثابت أن ثورة 30 يونيو كانت رفضاً لممارسة ومسلك الحزب الحاكم وقتذاك، وهو حزب الحرية والعدالة، حيث كان رئيسه السابق هو رئيس الجمهورية، كما كان رئيسه وقت قيام ثورة 30 يونيو هو رئيس مجلس الشعب الذى صدر حكم من المحكمة الدستورية العليا بحله لإخلاله بقانون الانتخاب». جاء ذلك فى التقرير الذى أعده المستشاران سراج عبدالحافظ وأحمد أمين المهدى فى الدعوى رقم 29878 لسنة 59 إدارية عليا، والتى أقامها المستشار أحمد الفضالى، المنسق العام لتيار الاستقلال، واختصم فيها رئيس الجمهورية المؤقت ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ووزير الداخلية، والدكتور محمد سعد الكتاتنى، رئيس حزب الحرية والعدالة، بصفاتهم من أجل حل حزب الحرية والعدالة. وشدد التقرير على ضرورة انقضاء حزب الحرية والعدالة بـ«حكم الثورة عليه فى 30 يونيو»، حيث إن إسقاط النظام يستتبع بالضرورة وبحكم اللزوم والجزم سقوط إدارته التى كان يمارس من خلالها سلطاته بحيث لا ينفك عنها، وأهمها «الحزب الحاكم».
وأكدت هيئة مفوضى الدولة، فى تقريرها، صأن «الحرية والعدالة» لا وجود له قانوناً بفعل الثورة الشعبية، وذكر التقرير أن الأحزاب السياسية وتعددها أحد المقومات التى يقوم عليها النظام السياسى والاجتماعى للمجتمع المصرى وفقاً للمادة الخامسة من دستور 1971 وتأكد ذلك فى الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011، وبناءً عليه حكمت المحكمة الإدارية العليا، فى أحد الطعون المنظورة أمامها، أن هذا الحق يستعصى الانتقاص أو المساس به.
وتابع التقرير: «إن ميزان المشروعية المؤسسة على ثورة 30 يونيو» والوثائق الدستورية التى تساند هذه المشروعية وتحدد إطارها، تساند طلب تقرير انقضاء حزب الحرية والعدالة الذى تم التعبير عنه بـ«الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين»، وتارة أخرى بأنه الإرادة السياسية التى تعبر عن إرادة ما يُطلق عليه مكتب إرشاد الجماعة الذى يتلقى البيعة على السمع والطاعة فلا يتحللون منها إلا متى سُمح لهم بذلك، وهو ما قام به المرشد العام عندما جرى انتخاب رئيس حزب الحرية والعدالة رئيساً لمصر.
وأوضح التقرير أن «المثالب» التى توجه إلى «ما يسمى بحزب الحرية والعدالة، من شأنها أن تنال من صحة قيامه سواء كانت منذ تأسيسه فكان على لجنة شئون الأحزاب الاعتراض على تأسيسه، وذلك لم يحدث رغم وجوب ذلك قانوناً، أو كانت المثالب قد لحقت بالحزب بعد تأسيسه فى ضوء نشاطه فيكون للمحكمة الاختصاص بنظر دعوى حله.
وشدد التقرير على أن السلطة الحاكمة حالياً ليس من حقها حل الحزب وفقاً للإعلان الدستورى الصادر من الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور لأن حل الأحزاب بحكم قضائى فقط، فى حين كان دستور 2012 يوكل حل الأحزاب السياسية إلى النظام الحاكم وفقاً لأحكام القضاء.
وواصل التقرير قائلاً: «إن أحكام التشريعات المنظمة للأحزاب السياسية والتى تتطلب أساساً ألا تكون مبادئ الحزب أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه فى ممارسة نشاطه متعارضة مع المبادئ الأساسية للدستور أو مقتضيات الأمن القومى المصرى أو الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى والنظام الديمقراطى، وعدم انطواء وسائل الحزب على إقامة أى نوع من التشكيلات العسكرية أو شبه العسكرية، فضلاً عن عدم قيام الأحزاب على أساس دينى أو طائفى». وشدد التقرير على عدم جواز أن تقوم ثورة ويبقى النظام السابق عليها قائماً بمؤسساته ورموزه؛ فالنظامان لا يمكن أن يستقيما معاً، ذلك أن الثورة لا تعنى إلا شيئاً واحداً يتحصل فى فساد ما سبق، فلا يستقيم الإبقاء على نظام فاسد ثار عليه الشعب مع نظام جديد يمثل أمل الثوار ويفتح المجال لرغبات الشعب.
وأوضح التقرير أن الواقع التشريعى لما بعد «إعلان مرسى» عبر دستور 2012 المُعطل، دستور الإخوان، يؤكد أن التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمى للسلطة من المقومات الأساسية التى يقوم عليها المجتمع، كما أكدت المادة 51 من ذات الدستور أن للمواطنين حق تكوين الأحزاب بمجرد الإخطار ولا يجوز للسلطات حلها أو حل هيئتها الإدارية إلا بحكم قضائى. واستند تقرير الهيئة إلى الإعلان الدستورى الذى أصدره المستشار عدلى منصور، الرئيس المؤقت للبلاد، حيث تنص المادة «10» منه على «لا يجوز قيام حزب سياسى على أساس الفُرقة بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو الدين، كما لا يجوز حل الأحزاب إلا بحكم قضائى». وتابع التقرير أن الدائرة الأولى بـ«الإدارية العليا»، والتى يترأسها المستشار فريد نزيه تناغو رئيس مجلس الدولة، هى الأمينة على حقوق المواطن العامة ومنها تأسيس الأحزاب لحماية حقه، إلا أنها تحرص على رد التجاوز فى استعمال الحق أو الانحراف عن أصل شرعه تقريره، كما أنها تحرص فى الدفاع عن الحقوق إذا نالت منه أو حاولت سلطة الحكم أو الإدارة باعتبارها جهة الاختصاص المهيمنة على حق تشكيل الأحزاب السياسية من مهد تأسيسها حتى حلها وتصفية أموالها على النحو الذى ينظمه القانون. وشدد التقرير على حق المحكمة فى مواجهة أى عوار من شأنه أن يقوض صحة قيام الحزب فى الواقع أو القانون باعتبارها «قاضيها الطبيعى»، مع ضرورة كشف هذا العوار مع ما يترتب عليه من نتائج فى صحيح حكم القانون. كان «الفضالى» قد طالب فى صحيفة دعواه بضرورة حل حزب «الحرية والعدالة» لأن «حزب الإخوان» رسم ذات الخطى التى شكلت ملامح الحزب الوطنى من السعى للهيمنة على مؤسسات الدولة والتغلغل فى كل مناحى الحياة محاطاً فى ذلك بدعم ورعاية تنظيم الإخوان.