بالفيديو| زين العابدين فؤاد في ذكرى "الاتحادية": "ماحناش كفرة غير بالحكام الفجرة"
السيارات تلفظ أجساما بشرية من "ماركة المغير" استولت أجسادهم على غذاء عقولهم، لا يفقهون شيئًا غير ألفاظ طُبعت على ألسنتهم، يرددونها وهم مسرعون على المجهول لتدميره، متجهين من ميدان روكسي إلى قصر الاتحادية، بأصوات رخيمة لا يقولون غير "الموت للكفرة"، ليأتي صوت الثورة من هناك متجسدا في أحد أبنائها الشاعر زين العابدين فؤاد، ويرد عليهم: "ماحناش كفرة .. غير بالحكام الفجرة"، ويتوهوا عن أنظاره لتُرتكب جريمة متكاملة الأركان في 5 ديسمبر 2012 أمام قصر الاتحادية، بعد إصدار الرئيس المعزول محمد مرسي الإعلان الدستوري الذي رفضته قوى المعارضة، وعليه اعتصمت أمام القصر لإعلان رفضها.
"ماحناش كفرة غير بالحكام الفجرة".. كلمات ظل يرددها الشاعر زين العابدين فؤاد، الذي وصف مشهد رؤيته لنزول الإخوان وأنصارهم من سيارات بأعداد غفيرة لفض اعتصام الاتحادية، الذي رفضت وزارة الداخلية فضه، وتابع، في حديثه لـ"الوطن"، أن الهتاف كُتب على جدران الاتحادية ونُقش على لافتات داخل أحد خيام اعتصام الاتحادية السلمي، التي سكنتها قوى المعارضة الرافضة للإعلان الدستوري "غير الدستوري وغير الشرعي"، على حد وصفه، الذي أصدره الرئيس المعزول محمد مرسي في 22 نوفمبر 2012، واعترض عليه العديد من القوى السياسة أثناء إحياء ذكرى محمد محمود الثانية وسقط خلالها جابر صلاح "جيكا"، فدعا المتظاهرون إلى اعتصام الاتحادية.
وأردف الشاعر زين العابدين "اختيار قصر الاتحادية حينها لكونه "رمز" لرئيس الدولة الذي أصدر هذا القرار، حيث امتاز الاعتصام بقيام الجميع بالغناء والرسم وإلقاء الشعر، وكتابتي لعدد من المقتطفات الشعرية الأخرى مثل: "يا مينا افتح كراستك .. شهدا جديدة بترفع راسنا .. يا مينا ويا شيخنا عماد .. مصر بتطرح نور وعناد"، من وحي لحظات الاعتصام"، متصفحًا تاريخ مصر باحثا عن "شهداء الدستور" في كتاب الأمة ليقف أمام شهر نوفمبر 1935، واجدا محمد عبد المجيد مرسي وعبد الحكم الجراحي، اللذين توفيا على كوبري عباس بيد قوات الاحتلال الإنجليزي رافضين دستوره، ولم يعرف أن نفس الكتاب سيحمل أكثر من 10 أشخاص جدد ضُموا لشهداء الدستور، لكن بأيادي مصرية بدءا من "جيكا" مرورا بـ"الحسيني أبو ضيف" وغيرهما.
"رجع الموكب شايل همه .. شايل لحمه ..شهدا ماشيين، في جنايز بعض ..شهدا من فوق الأكتاف، شايلنهم شهدا فوق الأرض ..يا بلدنا يا بطن كبيرة ..كبيرة، وبتخلّف ..ترجف، تنزف.. تزرع شهدا.. تحصد شهدا.. من قبل عرابي مات شهدا.. من بعد عرابي مات شهدا.. وفي كل طاعون، وطاعون.. وفي كل دراع بيخون.. بيموت شهدا.. علشان يضحك في الضلمه قمر"، لم يجد الشاعر زين العابدين فؤاد أفضل من هذه القصيدة حتى تعبر عن المشهد الذي رواه بأن "في رمضان السابق لأحداث الاتحادية اجتمع العديد من النشطاء للإفطار في منزل مينا دانيال، الذي سقط في أحداث ماسبيرو، ووقف الحسيني أبوضيف، الذي سقط في أحداث الاتحادية، ليُلتقط له صورة بجانب لوحة "الشيخ عماد عفت" المعلقة على أحد جدران منزل مينا، ويفطر معهم "جيكا"، وعند قطع الكهرباء وامتناع المسجد عن رفع آذان العشاء، ظل الحسيني يردد الآذان من منزل مينا، واستعيد الذاكرة أن مينا الذي مشى في جنازته الحسيني والشيخ عماد، حتى يمشي الحسيني وجيكا في جنازة الشيخ عماد، حتى يوّصل الحسيني "جيكا" إلى مثواه الأخير، ليلحق بهم الحسيني، في مشهد لن تنساه الذاكرة".
وتابع الشاعر زين العابدين فؤاد، أحد شهود العيان على اقتحام الإخوان وأنصارهم مكان اعتصام قوى المعارضة أمام الاتحادية، أن مَن فضوا اعتصام الاتحادية لم يقرأو كتابًا أو يسمعموا أغنية أو فنونا غير المادة التي تقدمها قنواتهم الفضائية، حتى لم يروا اللافتات التي كانت تحمل كلها عبارات سياسية رافضة للدستور، دون أن يكون للدين دخل فيها كما أفهمهم المحرضين على ذلك،الذين يُعتبروا القاتلين لأنهم مَن شحنوا هؤلاء الشباب.
واسترجع زين العابدين الذكريات التي سطّرها الشهداء في حياة كل مَن عاشروهم بقصيدته "الشهدا بيشربوا الشاي" التي كُتبت بعد أحداث الاتحادية وتقول: "الشهدا بيخشوا البيوت.. بيرجعوا م السفر.. بيدخلوا في الصور.. ويناموا في البرواز.. ساعات بيمنعهم.. تراب ع القزاز.. أو دموع في العيون ..تتمد صوابعهم.. ع الرموش، والجفون .. تقطف حبوب المطر.. وساعات، يشاركوكم، في شفطة شاي ..أو في حلم السكوت".
ولم ينس الشاعر المحبب إلى قلوب أغلب الثوار مصابي هذه الأحداث، ومازال يسكنهم أمل استكمال ثورة يناير بقصيدته "جرح البدن عمره ما طال الروح"، والتي تقول "الثورة طبعت كفها في الجروح .. هنلم كل جراحكوا، ونغني .. جرح البدن، عمره ماطال الروح .. يا ورد جوه القلب، والنني .. نمشي سوا، ده بكره، باب مفتوح .. إحنا الخطاوي، لو قدمكم كل .. إحنا البصر، لو نور عيونكم قل .. إنتوا الشجر، إنتوا الثمر، والضل .. إنتوا اللي ماليين الشوارع فل..إنتوا بديتوا، واحنا، بنكمل".
تاريخ مصر ممتد وما يُكتب للأمس من الممكن أن يُكتب للحاضر والمستقبل، دائرة الزمن لم تترك بصمتها في أحداث القدر، وما كتبه شاعرنا زين العابدين فؤاد في قصيدته "ذكرى الخميس الدامي" الذي يوافق 21 فبراير 1946، حيث فتحت قوات الاحتلال البريطاني النار على الطلاب المصريين في ميدان التحرير، متوافقة تماما مع ذكرى شهداء الاتحادية وغيرهم وتقول "إبكى يا عروسة، إبكى، وإبكى.. ده عريسك سافر لجل يجيب الشمس ما جاش .. ده عريسك سافر ع السونكى .. حطى دموعك على جرحه: قطن وشاش .. إبكى يا عروسه، إبكى، وإبكى..ده عريسك سافر لجل يجيب الشمس ما جاش .. ولا عادش هيضحك لك تانى .. سرقوا الضحكة منه بمدفع رشاش".