خفض "الفائدة" يقود مصر إلى صدارة أسواق المنطقة في نشاط الاستحواذات والاندماجات
صورة تعبيرية
كشفت مؤسسة ميرجر ماركت لدراسات وبحوث صفقات الاندماج والاستحواذ حول العالم، عن تسجيل السوق المصرية نحو 14 صفقة اندماج واستحواذ بقيمة 1.3 مليار دولار خلال 2019، مقارنة بـ15 صفقة، بقيمة 1.9 مليار دولار خلال 2018، لتستحوذ السوق المصرية على نحو 75.1% من قيمة الاندماج والاستحواذ و58.3% من حجم الصفقات المنفّذة بشمال أفريقيا خلال 2019، مقارنة بـ48.4% و39.5% فى العام السابق على الترتيب.
وجاءت تلك المعدلات بدعم من استقرار العملة المحلية، مقابل الدولار، والنتائج الإيجابية لبرنامج الإصلاح الاقتصادى التى تمثلت فى ثقة المستثمرين والتحسّن فى نشاط الاندماج والاستحواذ، وذلك فى ظل التباطؤ العالمى بهذا النشاط الذى انخفض بنسبة 11.4% خلال الربع الثالث من 2019.
مصر تستحوذ على 75% من قيم صفقات الاندماج والاستحواذ بشمال أفريقيا خلال 2019
رؤساء بنوك الاستثمار ومكاتب الاستشارات القانونية، أكّدوا أن حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالسوق المصرية ما زال ضئيلاً، مقارنة بحجم الفرص الاستثمارية المتنامية بمختلف القطاعات، متوقعين تنامى حجم هذه الاستثمارات بداية من العام المقبل، بالتزامن مع استمرار السياسة التوسّعية للبنك المركزى والاستمرار فى تخفيض الفائدة.
وقررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزى المصرى فى اجتماعها المنعقد الخميس الموافق 14 نوفمبر 2019 خفض كل من سعر عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 100 نقطة أساس أى 1%، ليصل إلى 12.25٪ و13.25٪ و12.75٪ على الترتيب، كما تم خفض سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس، ليصل إلى 12.75٪.
"سوليد كابيتال": أسعار الفائدة الحالية ما زالت تشكل عنصر ضغط على المستثمرين.. ونتوقع تخفيضاً جديداً قبل نهاية العام
وأوضح الخبراء أن تخفيض أسعار الفائدة سيسهم بشكل مباشر فى تحفيز الاستثمارات المباشرة، لاسيما بالقطاعات الصناعية والإنتاجية التى تلعب دوراً حيوياً فى رفع معدلات النمو وخلق المزيد من فرص العمل، بالتزامن مع جنى ثمار الإصلاحات الهيكلية التى شهدتها السنوات الماضية على الصعيدين الاقتصادى والتشريعى، التى أسهمت فى خلق بيئة خصبة للاستثمار، ودعمت بدورها جاذبية السوق المصرية، لمزيد من السيولة المحلية والخارجية.
وأشار الخبراء إلى أبرز القطاعات المتوقع أن تشهد مزيداً من صفقات الاستحواذ والاندماج خلال العام المقبل، يتصدّرها قطاع الطاقة، لما يتمتع به هذا القطاع من نشاط واضح خلال الفترة الأخيرة، بالإضافة إلى القطاعات الصناعية، التى تمتلك فرصاً للتصدير، فضلاً عن القطاعات الاستهلاكية.
واستحوذت صفقات قطاعى الطاقة والاتصالات على النصيب الأكبر من قيمة صفقات الاندماج والاستحواذ المنفّذة بالسوق المصرية منذ بداية 2019 وحتى الآن، وتمثّلت تلك الصفقات فى استحواذ شركة «دراجون أويل» على حصة فى شركة «بترول خليج السويس» (جابكو) بقيمة 600 مليون دولار، بالإضافة إلى صفقة بين شركة «فيون» الهولندية لخدمات الاتصالات وشركة «جلوبال تليكوم» القابضة بقيمة 578 مليون يورو، حيث تقدمت شركة «فيون» بعرض شراء إجبارى لجميع أسهم شركة «جلوبال تليكوم».
"إتش سى": الاستمرار فى السياسة التوسّعية يعزّز الاستثمارات المباشرة
توقع محمود سليم رئيس بنك الاستثمار بشركة «إتش سى» للأوراق المالية والاستثمار، أن تشهد سوق الاستحواذات والاندماجات نشاطاً ملحوظاً خلال العام المقبل بدعم السياسة التوسّعية للبنك المركزى والتوقعات الرامية للاستمرار فى خفض أسعار الفائدة، بالتزامن مع التراجع الملحوظ فى معدل التضخّم واستقرار المؤشرات الاقتصادية.
وأكد أن التوجّه نحو تخفيض الفائدة يُعد أمراً طبيعياً ومنطقياً خلال الفترة المقبلة، خاصة أن توجّهات رفع الفائدة كانت تأتى فى إطار مرحلة انتقالية حاول خلالها البنك المركزى السيطرة على ارتفاع معدلات التضخّم وامتصاص التداعيات السلبية لقرار تحرير سعر الصرف.
وأكد أن انخفاض أسعار الفائدة سيدعم بدوره الخطط التوسعية للشركات، بالتزامن مع انخفاض تكلفة الاقتراض، مضيفاً أن كل القطاعات الاستثمارية بحاجة إلى مزيد من التدفّقات والاستثمارات الجديدة، سواء عبر تنفيذ صفقات استحواذ تهدف إلى توفير السيولة اللازمة لزيادة نمو الكيانات القائمة وتدعم قدرتها على التوسّع وزيادة تنافسيتها إقليمياً، أو عبر الحصول على تسهيلات ائتمانية من البنوك.
وتوقع محمد رضا، الرئيس الإقليمى لمجموعة «سوليد كابيتال» - مصر، أن تشهد أسعار الفائدة تخفيضاً آخر قبل نهاية العام الجارى، خاصة أن الأسعار الحالية ما زالت تشكل عنصر ضغط على حجم الاستثمارات المباشرة، التى شهدت تراجعاً ملحوظاً خلال الفترة الأخيرة.
وأكد ضرورة الاستمرار فى السياسة التوسعية للبنك المركزى حتى نصل بمعدل الخفض إلى نحو 400 نقطة أساس، كسبيل لاسترجاع الاستثمارات الخارجية المباشرة، بالتزامن مع وضع آليات تنفيذ القوانين المُقرة مؤخراً وتعزيز سبل زيادة جذب المستثمرين والمؤسسات الأجنبية والترويج الفعال والنشط للفرص الاستثمارية بالسوق.
وأضاف أن السوق المصرية تتمتع بتنوع قطاعى يجعلها محط أنظار أغلب المؤسسات الأجنبية، لاسيما القطاعات الصناعية والإنتاجية، التى تعتبر المحفز الرئيسى للاقتصاد ورفع معدلات النمو وتوفير المزيد من فرص العمل، موضحاً أن جنى ثمار هذا التنوع واستغلال الفرص المتنامية بكل القطاعات يتطلب خلق المزيد من المحفزات الاستثمارية من ناحية، وتحقيق الاستقرار والوضوح على صعيد السياسة المالية والنقدية للدولة من ناحية أخرى، لاسيما فى ما يتعلق بملف الضرائب وأسعار الفائدة.
"التميمي": السوق المصرية محط أنظار المستثمرين الأجانب
من جانبه، توقع محمد جبر، الشريك بمكتب التميمى للاستشارات القانونية ومدير قطاع الاستحواذ والاندماجات، أن تشهد سوق الاستحواذات والاندماجات بالسوق المصرية نشاطاً ملحوظاً خلال الفترة المقبلة، بالتزامن مع بدء جنى ثمار الإصلاحات الاقتصادية، مؤكداً ضرورة استمرار الحكومة فى تنفيذ برنامج الإصلاح، بالتزامن مع الاستفادة من تطبيق القوانين والتشريعات المُسنة مؤخراً بهدف خلق بيئة خصبة لمزيد من الاستثمارات الخارجية.
وأكد أن السوق المصرية نجحت خلال الفترة الأخيرة فى جنى العديد من المقومات التى تؤهلها لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، لاسميا بالقطاعات الدفاعية القادرة على التأقلم مع المتغيرات الاقتصادية والسياسية، والممثلة فى كل من قطاعات التعليم والصحة والصناعات الغذائية وبعض الصناعات الاستراتيجية.
وأضاف أن هناك شهية واضحة من قبل المستثمرين الأجانب لضخ مزيد من استثماراتهم بالسوق المصرية عبر الاستحواذ على كيانات قائمة تتمتع بمقومات النمو والقدرة على تسجيل أعلى العوائد، خاصة الاستثمارات التى لديها فرص للتصدير، بالتزامن مع اتساع سوق التصدير للمنتجات المصرية عقب انخفاض قيمة الجنيه وزيادة تنافسيتها خارجياً.
"طاحون": رؤوس الأموال الوافدة لا تتناسب مع الفرص المتاحة وزيادة الترويج ضرورية
وقالت الدكتورة نرمين طاحون، الشريك المؤسس لمكتب طاحون للاستشارات القانونية، إن حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الموجهة للسوق المصرية ما زال لا يتناسب مع حجم الفرص الاستثمارية بمختلف القطاعات، متوقعة أن تسهم الثورة التشريعية التى شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة، والتى شملت إقرار عدد من القوانين الجديدة والتعديلات التشريعية التى حرصت خلالها الدولة على تيسير الإجراءات وكسر البيروقراطية والروتين، فى زيادة صفقات الاستحواذات والاندماجات خلال الفترة المقبلة، عبر خلق بيئة خصبة لمزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وأكدت أن السوق المصرية تتمتع بمقومات جذب المزيد من السيولة الأجنبية، بدعم وضوح ملامح السياسة النقدية والمالية للدولة، وقدرة المؤسسات على التنبؤ بمستقبل الاقتصاد على المدى الطويل، مُشيرة إلى أبرز القطاعات المستفيدة من القوانين الأخيرة، وأهمها قطاع الطاقة والبترول، والقطاع الصناعى، فضلاً عن القطاعات الاستهلاكية.
وفى السياق ذاته، أكدت ضرورة أن تشهد الفترة المقبلة العديد من حملات الترويج للسوق المصرية والتعريف بالإصلاحات الهيكلية التى شهدتها الفترة الأخيرة على الصعيدين الاقتصادى والتشريعى، بالتزامن مع ضرورة التزام واستمرار الدولة فى استكمال برنامج الإصلاح وتنفيذ القوانين التى أُقرَّت مؤخراً.