م الآخر| المليون وحدة سكنية في زيها العسكري صدق أولا تصدق
على غرار حملة التشكيك في أجهزة العلاج التي اخترعتها القوات المسلحة المصرية، تم تدشين حملة تشكيك أخرى في مشروع المليون وحدة سكنية المزمع إنشائها للشباب عن طريق القوات المسلحة المصرية، بالتعاون مع دولة الإمارات الشقيقة.
وكالعادة خرج علينا المتشائمون والكارهون للزي العسكري - وحتى المحبون له - وتسابق الجميع للإدلاء بدلوه، ومع ذلك لم أرى أحد سواء على المستوى الشعبي أومستوى النخبة تناول المشروع أو القائمين عليه تناولًا فيه حكمة أوإنصاف، تمامًا مثلما حدث في موضوع الأجهزة الطبية.. الكل خرج وعارض وتهكم ووضع رأيه النهائي وصدق عليه وكأننا نتربص بأي محاولة أومجهود وليد.
لقد شعرت بعد الهجوم الثاني على جهود القوات المسلحة، إن مساحة الحرية التي انتزعناها كانت شبيهة بـ"اللقمة الحرام" بتوجع البطن ومفيهاش بركة، أوكمن وضع يده على قطعة أرض ليست ملكًا له، فلم يقدرقيمتها وبنى عليها صالة قمار، فمنذ 30 يونيو، أنحسرت مساحة الحراك السياسي وزادت مساحة الجدل والتشكيك والتربص، وتحولت ألسنتنا إلى سياط نجلد بها أنفسنا، ومعظمنا أصبح لا يدقق فيما نقول ومتى يقول ولمن يقول، وأصبحت (لا) تقال لإثبات الذات و(نعم) لإرضاء من نريد، وكأننا نوزع صكوك المحبة أو شيكات ليس لها رصيد.
لقد أخرج الجدال الدائر في مجتمعنا الآن الكارت الأحمر لأي خطوات قد تكون إيجابية؛ لأننا لم نستوعب حتى الآن أننا في طورالتكوين، ولكن على مذهب جديد كتبناه بأيدينا وهو (الديمقراطية والحرية وامتلاك الإرادة وتقريرالمصير).
هل نحن في حاجة لأن نكررالمثل الشهيرالذي يقول (أنظر الى الجزء الممتلئ من الكوب)؟، هل نحن في حاجة لأن نكررمقولة (توماس إديسون) الذى فشل حوالي ألف مرة قبل اختراع المصباح، وحينما سُأل عن فشله قال: "أنا لم أفشل ألف مرة بل اكتشفت ألف طريقة لا تؤدي إلى اخترع المصباح".
إن هذا المشروع يجب أن نفترض فيه الجدية لعدة أسباب أراها منطقية، أولها أن القوات المسلحة ليست بالغباء لتخرج علينا بمشروع وهمي وتضحي بسمعتها، وثانيها بافتراض أن المشير"السيسي" يروج لحملته الانتخابية المحتملة، فما هوالمانع من أن نقبل مقدم الصداق، أوعربون المحبة، أو رشوة انتخابية قانونية وشرعية سوف تسعد الشباب، وما هوالمانع أصلاً لأن نصدق أي برنامج انتخابي لأي مرشح، خاصة وأننا قد أصبح لدينا القدرة والجرأة على المحاسبة في حالة الإخفاق أوالتدليس علينا، تحفظي الوحيد هو من سيربح المليون وحدة سكنية.
وبصفة عامة، هل يملك أي معترض معايير جودة برامج المرشحين أومعدلات آدائهم أوصدقهم، أواحتمالية نجاحهم أو فشلهم، هل هناك شئ استوقف هذا المعترض مثلًا في برنامج الأستاذ حمدين صباحي، (ولاّ وزنه بالوقه وادعي لصاحب البرنامج وربنا يوفقه وزقه للنبي).
سأهدي هذا المثال لمن أخذ برنامج الأستاذ حمدين (بالوقه)، لقد ورد في برنامجه كيفية نهوضه بالاقتصاد، ومن بين خططه (تحرير القطاع العام من البيروقراطية واعتماد وسائل الإدارة الحديثة والتخطيط العلمي).. والله العظيم كلام زي الفل، ولكن هل ترى أن "صباحي" سينجح في هذا، أم أننا يجب أن نعدل الدستور؛ لتكون فترة الرئاسة 10 سنوات ثم نمهله فترتين ونفرغه لهذا الموضوع فقط، حتى ولو أكلنا الظلط.. صدق أو لا تصدق.