"استهداف مصر".. معركة "أردوغان" الخفية لنقل فلول الدواعش من الشام إلى شمال أفريقيا
سفينة تركية لحظة إنزال أسلحة ومعدات عسكرية لميليشيات طرابلس
تحركات مريبة واتفاقات مشبوهة ودور تخريبى مكشوف تلعبه تركيا فى منطقة شرق المتوسط سعياً لتحقيق بعض المكاسب على حساب دول المنطقة، وآخر تلك العلامات تجسدت فى توقيع اتفاق شمل مذكرتى تفاهم، حيث ذكر بيان صادر عن الرئاسة التركية، أن حكومتى البلدين وقعتا مذكرتى تفاهم، الأولى حول التعاون الأمنى والعسكرى بين البلدين، والثانية حول السيادة على المناطق البحرية، وبلا شك أن مثل هذه الاتفاقيات فى ظل الدعم العسكرى التركى لميليشيات السراج من شأنه أن يؤثر على الأمن القومى المصرى باعتبار أن ليبيا من أهم دول الجوار.
العميد سمير راغب، رئيس المؤسسة العربية للدراسات الأمنية، يقول إن ليبيا دولة جوار وهناك 1150 كيلومتراً حدوداً مشتركة، بالإضافة إلى أنها دولة متشاطئة مع مصر، والساحل أيضاً ممتد بين مصر وليبيا، ما يزيد من تهديدات عبور الحدود من عناصر إرهابية أو عناصر جريمة منظمة، مؤكداً أن كليهما مؤثر، وأن وجود استقرار فى ليبيا يؤثر بشكل مباشر على الاستقرار فى مصر، وتابع: «هذا جزء كبير عانت منه مصر بعد انهيار الجيش الليبى وفقدان السيطرة على الجانب الغربى من الحدود المصرية الليبية، وفوضى السلاح التى وصلت لسيناء ووصلت إلى غزة ومناطق كثيرة، سواء تلك التى استخدمت فى عمليات إرهابية أو التى استخدمت فى الجرائم».
"راغب": وجود طريق بحرى أو جوى بين تركيا وطرابلس يهدد السلم والأمن الدوليين.. وتركيا تتولى إرسال الإرهابيين للأراضى الليبية انتقاماً من "30 يونيو"
وأضاف لـ«الوطن» أن القبض على الإرهابى هشام عشماوى فى ليبيا أكد ما كنا نقوله إن التنظيمات التى نشطت فجأة فى الصحراء الغربية تتبع الميليشيات الإرهابية الموجودة فى ليبيا، سواء التى كانت فى مناطق شرق ليبيا مثل درنة قبل أن يتم تحريرها عن طريق الجيش الوطنى الليبى أو فى مناطق أخرى، مشيراً إلى أن الوضع فى ليبيا كان يقارب على الاستقرار فى فترة 2014، ولكن الأمور اختلفت بعد دخول تركيا بشكل مباشر على الخط ودعمها الجماعات الإرهابية فى ليبيا بالكامل، وبالأخص فى مناطق غرب ليبيا، وميليشيات مصراتة، وميليشيات طرابلس، حيث المناطق التى تبدأ بالإخوان وتنتهى بـ«داعش».
وأشار «راغب» إلى أن السراج كان يدير برفقة مجموعة من الإخوان وبدأ يتحرك حتى شهر ديسمبر 2018 بشكل سرى، لافتاً إلى أن تركيا كانت تنفى ضلوعها فى تهريب سلاح وذخيرة ومعدات تستخدم فى المجهود الحربى، وقال: «كل هذا بالطبع فى مقابل أموال وليس معونات أو منح، وخصوصاً أن البنك المركزى الليبى تحت سيطرة حكومة الوفاق بقيادة «السراج»، بالتالى بعدما كانت الكرامة بدأت تُصان بقيادة خليفة حفتر، حيث بدأ يحقق نجاحات فى مناطق حول طرابلس، وخصوصاً جنوب طرابلس العاصمة، فجأة دخل الجانب التركى بدعم غير مسبوق، وخصوصاً بطائرات الدرونز، أو مدرعات أو مدفعية متوسطة أو خفيفة، وبأسلحة خفيفة ورشاشة، ما أدى إلى تغيير القوى بعد أن كانت طرابلس قريبة من التحرير فجأة حصل الدعم الذى حصلت عليه الميليشيات الإرهابية فى طرابلس ولم يحصل على مثله الجيش الوطنى الليبى الذى يعتمد بشكل كبير على السلاح الذى كان موجوداً فى ترسانة السلاح، وعن طريق ضباط سابقين فى الجيش الوطنى الليبى، بالتالى أصبح التهديد الآن هو أن ينجح مَن فى الغرب أمام مَن فى الشرق وفى هذه الحالة تصبح الميليشيات الإرهابية تحت غطاء حكومة مؤقتة تحت شعار لا دولة، وستصبح على حدودنا الغربية».
ومن ناحية أخرى، قال «راغب» إن وجود طريق بحرى أو جوى بين تركيا وليبيا أمر يهدد السلم والأمن الدوليين، لافتاً إلى أن تركيا تتلاعب لتهريب عناصر تنظيم «داعش»، وهى ضالعة فى دعم التنظيم الذى سقط فى سوريا والعراق وهناك الآلاف من عناصره مطلوب دمجهم فى مناطق أخرى، مؤكداً أن تركيا ستتولى هذا الدمج بنقلهم إلى ليبيا، وبذلك يصبح هناك عناصر محترفون للقتال وإدارة التوحش وخاضوا عمليات على مدى 5 سنوات ضد جيوش العالم، ويصبحون موجودين على حدودنا المصرية، بالإضافة إلى أن جميع التحركات التركية فى مواجهة مصر مدعومة للانتقام من مصر كقيادة وشعب بعد ثورة 30 يونيو التى أسقطت الإخوان الذين وصلوا إلى حكم مصر مدعومين بكافة أنواع الدعم من الجانب التركى.
وعن الأهداف التركية، تابع قائلاً إنهم يريدون أن يحكموا بالوكالة ويكون الحاكم الحقيقى فى إسطنبول، ويعودون مرة أخرى إلى عصر العثمانيين والمنطقة تصبح ولاية عثمانية، لافتاً إلى أن أردوغان يقول إنه يتابع الدول التى كانت تحت الحكم العثمانى وهناك اتصال معهم وإن العثمانيين حكموا ليبيا 400 سنة وهذا أكثر من الاحتلال الإيطالى، ويرى أنهم أصحاب الحق فى حكم ليبيا والاستيلاء على مواردها، وأشار «سمير» إلى أنه فى الوقت نفسه تعانى تركيا من أزمات اقتصادية، لذلك تحاول سرقة موارد من هنا ومن هناك ربما تسهم فى تحسين الوضع الحالى.
من جانبه، قال الدكتور محمد صادق إسماعيل، مدير المركز العربى للدراسات، إن تركيا تسعى لإحداث نوع من القلقلة فى المنطقة العربية، وحاولت كثيراً فى سوريا، سواء سياسياً أو عسكرياً، كما سعت لإحداث نوع من نفس القلقلة أو الضجة ربما فى المحيط المصرى وفى ليبيا والسودان من خلال جزيرة «سواكن»، مؤكداً أن مصر حريصة على استقرار الدولة الليبية وتدعم الجيش الليبى، وقال: «المشكلة فى ليبيا هى أن السراج شكل حكومة توافق دولى ولم تحظَ بشرعية شعبية فى ليبيا، وعلى العكس من ذلك المشير خليفة حفتر ربما يرفضه النظام الدولى أو مجموعة الدول المستفيدة من بقاء الوضع هكذا فى ليبيا ولكن يتمتع بمزيد من التأييد والدعم والمساندة سواء من الشعب الليبى أو من خلال الجيوش الوطنية فى العالم العربى، وأعتقد أن كل المحاولات بين تركيا وليبيا ستذهب سدى فيما يتعلق بالاتفاقات بين السراج وأردوغان».
وتابع فى حديثه لـ«الوطن»، قائلاً إن أردوغان أصبح اسماً سيئ السمعة فيما يتعلق بالوضع الداخلى فى تركيا، مستشهداً بآخر تقرير تحدث عن حرية الصحافة والذى يقول إن تركيا الدولة الأخيرة فى حرية الصحافة فى العالم، وذلك بسبب المعتقلين السياسيين والفضائيات التى يتم إغلاقها، فضلاً عن المشكلات السياسية، بالإضافة إلى المعارضة التى بدأت تستعيد قواها مرة أخرى، سواء فيما يتعلق بتشكيل أحزاب جديدة أو بعض الأسماء اللامعة داخل السياسة التركية التى بدأت تسعى لإحداث نوع من التغيير السياسى فى الانتخابات المقبلة.
وأضاف «صادق»: أعتقد أن أردوغان لا يعلم ماذا يريد بالضبط، وأعتقد أن السياسة المصرية سياسة حكيمة وواعية لكل تلك التحركات، غير الرشيدة من قبل تركيا وعلى «السراج» أن يعيد حساباته لأن الأصلح له أن يكون مع الحكومة المصرية وليس ضدها، وهو لا يحظى بدعم من الجيش الليبى.. أعتقد أن أسهم «حفتر» فى الصعود، وأن مثل هذه الأسهم تؤهله لقيادة المرحلة المقبلة فى الجماهيرية الليبية.