بروفايل| صوفي أبوطالب.. المفكر والبرلمانى والرئيس
![بروفايل| صوفي أبوطالب.. المفكر والبرلمانى والرئيس](https://watanimg.elwatannews.com/old_news_images/large/316547_Large_20150220015000_12.jpg)
برلماني مخضرم توالت عليه الأنظمة السياسية كما تتوالى فصول العام على شجرة معمرة، أثمرت آراؤه في كل عصر حسب المناخ، وتنوعت أدواره لكن جميعها كان مبعثه القانون التشريعي، الذي صار واحدا من أعلامه ومجدديه.
تخرج صوفي أبوطالب في كلية الحقوق بجامعة القاهرة عام 1946، وفي العام 1957 حصل على درجة الدكتوراه من جامعة باريس، ثم تدرج في وظائف هيئة التدريس بكلية الحقوق في جامعة القاهرة حتى وصل إلى درجة أستاذ جامعي ودكتور بالكلية ورئيس قسم تاريخ القانون، وفي الفترة من 1975 إلى 1978 تولى منصب رئيس جامعة القاهرة.
لأسرة لها اسمها العريق بمحافظة الفيوم، تحديدا مركز طامية، ولد الطفل صوفي حسن أبوطالب، في الـ 27 من يناير عام 1925، لم يكن يعلم الذين استقبلوه في الحياة أن هذا الطفل سيكون حجة في القانون التشريعي، ويخوض معارك عديدة حول تطبيق الشريعة الإسلامية في بلد الأزهر، وأن هذا الطفل بجانب أنه سيصبح أستاذا للشريعة وعضو مجمع البحوث الإسلامية، سيكون أقرب رجل لذهن الرئيس الراحل محمد أنور السادات أثناء تفكيره في "التحول الديمقراطي بمصر".
السادات كان يريد من أبو طالب تفكيرا جديدا وأيديولوجية جديدة، تجمع بين العدالة الاجتماعية، والديمقراطية السياسية الموجودة في الفكر الغربي، وذلك لتفادي عيوب الرأسمالية والنظام الغربي الحر، والذي يضيَّق الخناق على الطبقات الفقيرة والكادحة، ونتبع النظام الغربي الديمقراطي الذي يطلق العنان للإدارة الفردية في المجال السياسي دون قيود، تحول بينه وبين العمل السياسي من جانب الدولة، وأن يتم تسجيل تلك الأفكار وتدوينها في كتاب.
وقال أبوطالب، في تصريحات صحفية، إن "الرئيس الراحل أنور السادات كان هو المحرك الحقيقي لمشروع تقنين الشريعة الذي عملت فيه لجان مجلس الشعب في أواخر السبعينيات، وانتهت منه تماما في أوائل الثمانينات".
وبدا اختيار السادات صائبا، وفي ذات مرة قال أبوطالب للسادات "أنا شخصيا من المؤمنين بأن مصر إذا انسلخت عن جلدها الإسلامي، ضاعت، وإذا انسلخت عن جلدها العربي ضاعت، وإذا تقوقعت وأغلقت عن نفسها وعلى ذكريات الماضي، وتجتر أحداث الماضي تجمدت وتخلفت".
ليس هذا فحسب، بل اعتبر أبو طالب أن حادثة اغتيال السادات هي التي عطلت فعليا "تطبيق قوانين الشريعة في مصر"؛ لأن المشروع تم ركنه في أدراج مجلس الشعب بعد ذلك، مع عدم وجود قرار من القيادة السياسية لتفعيلها مرة أخرى.
في العام 1976 انتخب أبوطالب عضوًا بمجلس الشعب عن دائرة طامية بالفيوم، وكان حينها رئيسًا للجنة التعليم بالمجلس، وفي عام 1978 تولى رئاسة مجلس الشعب إضافة إلى منصب رئيس لجنة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية بالمجلس، وخلال تلك الفترة عاصر حادث اغتيال الرئيس محمد أنور السادات في 6 أكتوبر 1981، فتولى منصب رئيس الجمهورية بالنيابة، وذلك بناءً على كونه رئيسًا لمجلس الشعب، حيث إن الدستور المصري (دستور عام 1971) يقرر بأن يتولى رئيس مجلس الشعب المنصب الرئاسي خلو منصب رئيس الجمهورية بالوفاة، وترك رئاسة البرلمان بعام 1983.
وفي مثل هذا اليوم من العام 2008، تحرك رجل التشريع المخضرم ذو الـ 83 عاما من القاهرة إلى العاصمة الماليزية كوالالمبور لحضور "الملتقى العالمي الثالث لرابطة خريجي الأزهر حول العالم"، وتخيرته يد الموت في تلك اللحظة ليفارق دنيانا تاركا حياة تشريعية حافلة ومؤلفات أسهمت في تشكيل تاريخ القانون التشريعي.