رانيا يعقوب تكتب: طريق الجمهورية الجديدة
رانيا يعقوب
يودع المصريون عشر سنوات حافلة بالإنجازات التنموية فى شتى القطاعات، انتهت باستحقاق انتخابى مثَّل صورة مضيئة للمصريين، ورغبة فى استكمال تلك المسيرة الناجحة بإيلاء ثقتهم فى الرئيس عبدالفتاح السيسى، ليبدأوا معه ولاية أخرى على طريق الجمهورية الجديدة التى تمضى بخطوات واثقة إلى المستقبل، تلك الولاية التى تتزامن مع ولادة عام جديد يحمل دعائم الجمهورية الجديدة، وأحلام تطول السماء ولا تعرف اليأس ما دامت امتلكت الإرادة والعزيمة، فالمصريون عازمون على المضىّ قُدماً فى استكمال تجربتهم الفريدة خلف قيادة حكيمة اتخذت بناء الوطن منهجاً، والدفاع عن مقدّراته عقيدة، وتوفير جودة الحياة لشعبه هدفاً، واستمرار خصوصية التجربة المصرية وتفرُّدها حلماً لا يسقط بالتقادم مهما كان.
مصر ترسل رسالة قوية للعالم وللمستثمرين الأجانب والمحليين والعرب، بأن الاقتصاد المصرى يُعتبر، وسيظل، الوجهة الأهم فى المنطقة على جميع المستويات والقطاعات، سواء العقارى أو السياحة والطاقة المتجددة أو حتى البنية التحتية، فمصر، بسبب الإصلاحات المهمة التى اتبعتها على مدار الفترة الماضية، فى مجال البنية التحتية واللوجيستيات والطاقة، تجنى اليوم ثمار هذه المجهودات، فهى ليست وليدة اللحظة.
ويمكن أن يرى الكثيرون الجدوى، ولماذا تصرف مصر أو تضع هذه الأموال فى البنية التحتية فى الطرق والكبارى؟ رئيس الوزراء كان يقول إن كثيرين يتساءلون لماذا هذا الطريق وهذه المجهودات وهذه الأموال التى صُرفت؟ بكل ذلك كانت الدولة المصرية تمهد الطريق والبنية التحتية لمشروعات عملاقة، وصفقات اقتصادية كثيرة سيجرى الإعلان عنها تباعاً، وهنا تتضح الرؤية الكبيرة التى تنتهجها الدولة المصرية والتى تعمل عليها على مدار سنوات من أجل الوصول إلى تلك الصفقات وإتمامها.
يعتقد البعض أن صفقة رأس الحكمة جاءت لحل مشكلة بالاقتصاد المصرى، ولكن الحقيقة أن الصفقة جاءت استكمالاً لجهود الدولة ولخطة تضعها الدولة وهى خطة طويلة انتهجتها مصر، حيث تُعد «رأس الحكمة» أكبر صفقة استثمار أجنبى مباشر فى تاريخ مصر المعاصر، فمدينة «رأس الحكمة» ليست فقط صفقة، وإنما رسالة قوية تؤكد قدرة الاقتصاد المصرى على جذب الاستثمار الأجنبى، وأن مصر ما زالت لها ريادة فى منطقة شمال أفريقيا والمنطقة العربية.
كانت «رأس الحكمة» هى بداية لمجموعة من الصفقات الاقتصادية الكبرى، خاصة أن الأزمة العالمية التى نعيشها تفرض على رؤوس الأموال أن تذهب إلى أماكن تقتنص فيها الفرص، أماكن قادرة على أن تحقق عوائد على أموال المستثمرين، ومصر، من خلال ما انتهجته على مدار سنوات، أصبحت هذه الوجهة لاستقبال الأموال، ومن المتوقع أن تكون لها تأثيرات كبيرة جداً، ليس فقط على قطاع السياحة المصرى والنهوض به وإنعاشه، ولكن على قطاعات أخرى مثل الخدمات واللوجيستيات والبنية التحتية، وسيكون لها تأثير مهم على القطاع العقارى ومواد التشييد والبناء والمطورين العقاريين، كما ستسهم بشكل كبير فى زيادة معدلات التوظيف والتشغيل والحد من البطالة، وستخفض الدين الخارجى لمصر، ومن المتوقع أن يكون للصفقة، على المدى الطويل، تأثير كبير واستثمارات أخرى متولدة منها، فهناك نحو 150 مليار دولار استثمارات فى هذا المشروع، كما نتوقع، خلال الفترة القادمة، أن تتبع «رأس الحكمة» مجموعة من الصفقات الأخرى التى تشجع المستثمرين وتعيد الثقة فى الاقتصاد المصرى، الأمر الذى سيؤدى كذلك إلى إعادة تقييم الموقف المصرى والتصنيف الائتمانى، وقد نرى فى المراجعات القادمة تقدماً ورؤية مختلفة من جانب وكالات التصنيف الائتمانى والمؤسسات العالمية.
سعت الدولة لحوار اقتصادى وطنى لوضع مستهدفات للاقتصاد المصرى خلال الفترة المقبلة، وخطة التحول إلى اقتصاد أكثر استدامة وأكثر مرونة أمام الصدمات، فهناك عدة محاور تمت مناقشتها؛ من أهمها دعم الاقتصاد الكلى ومؤشراته، خاصة فى مواجهة التغيرات الأخيرة على مستوى العالم، وكذلك دعم الاستثمار.
* عضو مجلس إدارة البورصة المصرية