أهالي مصر الجديدة للحي: الأشجار المعمرة لا تقدر بثمن.. ونطالب بنقلها
عاد من عمله سائرا بشارع عبدالعزيز فهمي بحي مصر الجديدة حيث مسكنه، أخذ ينظر للأشجار التي تعود لستينيات القرن الماضي وماقبلها، أنزل حقيبتة الصغيرة وتوقف يلتقط أنفاسه بعد يوم عمل شاق، ثم استأنف السير يعد ويتفقد الأشجار المتبقية، حتى وصل إلى ميدان هليوبوليس والمنتزه وجامع الفتح، سارحاً متخيلاً مشهد إزالتها كما حدث من قبل بحديقة الميريلاند، فوجد ابنه الصغير يندفع ناحيته يقول له "هات أشيل عنك يا بابا سرحان في إيه"، فرد عليه الأب "خايف أصحى من النوم ملاقيش الأشجار دي بكرة".
بحكم عمل علاء شحاته (40 سنة) كمهندس زراعي، أكد أن قطع تلك الأشجار يعتبر خسارة فادحة للدولة وتبديد لتراث مصر الجديدة، واستكمل مسيرته حتى عاد للمنزل، لتكون حصيلة الأشجار التي ستكون في تعداد الإزالة "40 شجرة نادرة، منها 20 شجرة من نوع المشطورة مش موجود منها غير في أسوان، مهددين بالإزالة والتلف".
"منطقتي بتتجرف ولا حياة لمن تنادي".. بهذه الكلمات تحدث الرجل الأربعيني، مشيراً أن أنواع الأشجار التي توجد بالحدائق الوسطى والمعرضة للإزالة ضمن مشروع مترو الأنفاق وإزالة قضبان المترو القديم نادرة، وفق قوله "نخيل البلح والنخيل الملوكي وأشجار البونسيانا والفيكس مش موجود منها في مصر إلا نادراً"، مضيفاً أنه على الدولة المحافظة على تلك الأنواع، واستطرد "خسارة لا يمكن تعويضها لكن في إيدينا ننقل الأشجار دي بكل حرص لحديقة الميريلاند اللي فقدت أشجارها".
يتذكر سامح منتصر، أحد سكان المنطقة عن والده، أنه عندما تم إنشاء كوبري الجلاء في شارع العروبة في الثمانينيات نقلت جميع الأشجار التي اعترضت مسار الكوبري لميدان الحجاز، ويقول الرجل الثلاثيني "حافظوا عليها من غير ماتتقطع شجرة واحدة"، لحظة توقف عندها والده وأخذ يروي لأبنائه من بعده أهمية الحفاظ على تلك الأشجار لأنها تعتبر من تراث منطقة مصر الجديدة، وتابع "الواحد لما بيشوف إزاي الألمان والإنجليز بيحافظوا على الأشجار لدرجة إن في أجهزة مخصوصة لنقل الأشجار يعرف إزاي البلد دي متقدمة"، متمنياً أن يحافظ المسؤولين والقائمين على مشروع خط المترو على ما أطلق عليها "الثورة الخضراء".
وحاولت "الوطن" التحدث لحي مصر الجديدة، فكان رد محمود دياب بالعلاقات العامة للحي "الموضوع مش تبعنا، واللي يحددها هيئة المترو مش إحنا"، بينما يقول أحمد عبدالهادي، متحدث المترو "اللي يحدد ده المحافظة أو الحي، وليس لهيئة المترو قرار في ذلك".
في الوقت الذي يؤكد فيه خالد مصطفى، متحدث محافظة القاهرة، أن تعامل المحافظة مع مترو الأنفاق يكون تعاملاً خاصا، حسب قوله "المترو بيشتغل لحاجة وطنية مش مشروع خاص"، مشيراً أنه حدث من قبل بشارع الجيش وتم إزالة الأشجار وزرع بديل لها بعد الانتهاء من المشروع، متابعاً "الأشجار النادرة بيحددها إخصائيين في وزارة البيئة وهنبلغ لجنة من البيئة بحصر تلك الأنواع".