«فاروق» لـ«الوطن»: ظاهرة ليس لها نظير فى كل النظم المالية.. ومنفذ خلفى للفساد
«فاروق» لـ«الوطن»: ظاهرة ليس لها نظير فى كل النظم المالية.. ومنفذ خلفى للفساد
فاروق
قال الدكتور عبدالخالق فاروق، رئيس مركز النيل للدراسات الاقتصادية، إن مصر بها ما لا يقل عن 8 آلاف حساب خاص يضم 300 مليار جنيه، ولا تخضع للرقابة، وتعمل خارج إطار الشرعية. وأضاف «فاروق» فى حواره لـ«الوطن»، أن الحسابات الخاصة، ظاهرة ليس لها نظير فى كل النظم المالية المحترمة، وأنها بمثابة منفَذ خلفى للفساد، نظراً إلى عدم استناد بعضها إلى سند قانونى، مطالباً رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة تحت إشرافه لتصفية تلك الحسابات الخاصة فى غضون 3 سنوات، مشيراً إلى أن اللغط حول تسميتها بـ«الصناديق» يعود إلى نص القانون الذى صدر لتدشين تلك الحسابات، لافتاً إلى أنه لا توجد دولة محترمة بالعالم بها ميزانيتان، منوهاً بأن الإصلاح المالى الحقيقى يتطلب القضاء على تلك الأوضاع، وإنهاء هذه الظاهرة الفاسدة فى النظام المالى. وإلى نص الحوار:
■ بداية.. ما الحسابات الخاصة؟ ومن أين يأتى الفساد بها؟
- الحسابات والصناديق الخاصة ظاهرة ليس لها نظير فى كل النظم المالية المحترمة، وكانت منفذاً خلفياً للفساد وجمع أموال خارج نطاق المشروعية والرقابة المالية، فهناك صناديق تُنشأ بقوانين، وأخرى بغير قوانين، فقانون هيئة المجتمعات العمرانية، فى المادة 33 منه نص على أن موارد الهيئة أكثر من مصدر، منها مصدر مبيعات الأراضى، لتكون المهيمنة على كل أراضى الدولة الصحراوية، تبيع منها كما تريد، عدا أراضى الجيش، وقيمة كل مبيعات الأراضى لا تدخل الخزانة العامة للدولة، وإنما يتم وضع أموالها فى صندوق خاص، وحساب خاص يشرف عليها مجلس إدارة، على رأسه الوزير المختص، ومن هنا يأتى الفساد، فليس هناك مانع إذاً من أن يأخذوا مكافآت بمئات الآلاف شهرياً، ويشتروا السيارات الفاخرة ويُنشئوا مبانى إدارية فخمة وفيلات؛ نظراً إلى كونها خارج دائرة الرقابة.
رئيس «مركز النيل»: لدينا 300 مليار جنيه فى 8 آلاف «حساب خاص» خارج نطاق «الرقابة»
■ ولماذا يصر البعض على أن يطلقوا عليها مسمى «الصناديق»؟
- لأن القانون الذى تم إصداره لتدشينها الصادر سنة 1973 ويحمل رقم 59، جاء نصه كالتالى: «يجوز تدشين حسابات خاصة لجمع أموال للخدمة العامة، ووضعها فى صناديق، إلا أنها تختلف عن صناديق التأمين الخاصة البالغ عددها 610، بينما تجاوز عدد الحسابات الخاصة 8000 صندوق».
■ وما الطريقة التى حدّدها القانون لكيفية استغلال تلك الحسابات؟
- الإنجليز عندما أتوا لاحتلال مصر، لم يقولوا إنهم أتوا لاستغلالنا، الأمر كذلك مع القانون، فدائماً المذكرة التى تخرج بالقانون يكون شكلها جيداً، ففى ما يخص قانون هيئة المجتمعات العمرانية، حدّد القانون أن يتم استخدام أموال تلك الحسابات فى ترفيق المجتمعات الجديدة، وبالتالى فإن الأمر من حيث الشكل يعتبر صحيحاً، لكن فى الممارسة العملية تتسبّب فى الفساد، لأنها خارج نطاق المراقبة، ولا أحد يعلم فى أى شىء تم استخدامها، فأرقامها ضخمة جداً، كما أن من يأخذ من هيئة المجتمعات شقة أو فيللا أو قطعة أرض يدفع ثمن المرافق كالكهرباء والمياه، وبذلك يدفع المواطنون أموالاً مرة أخرى، وبالتالى يجرى استخدامها بطريقة غير مشروعة.
أغلب تلك «الحسابات» لا تؤسَّس على سند قانونى.. ويوسف بطرس غالى مسئول عن توسعها بالبنوك
■ وكم يبلغ عددها؟
- لدينا ما لا يقل عن 8 آلاف حساب وصندوق خاص، ولا يوجد جهة فى الدولة، لا الجهاز المركزى للمحاسبات ولا وزارة المالية أو البنك المركزى، لديه حصر شامل وكامل بها؛ لأن القانون كان يُلزم بفتح «حساب الخزانة الموحّد» بالبنك المركزى، لكن وزير المالية الأسبق الهارب يوسف بطرس غالى فتح عام 2006 باباً لإنشاء تلك الحسابات فى البنوك التجارية، مثل البنوك الأجنبية والتجارية الحكومية وغير الحكومية، ولم نعد نعرف عدد الحسابات الخاصة، كما أن البنوك لا توجد جهة تلزمها بتقديم تفاصيل تلك الحسابات الموجودة لديها، فهى مستفيدة من وضع الفوضى والفساد، فهناك أموال تتحرّك فى الصناديق والحسابات الخاصة تُعادل 300 مليار جنيه، لكن ما يهمنا هو رصيد آخر المدة «الفوائض بالصناديق»، التى تقدر بنحو 97 مليار جنيه على الأقل.
تصفية تلك الحسابات نهائياً خلال 3 سنوات عبر لجنة تخضع لإشراف رئيس الجمهورية هى الحل
■ وما مقترحاتك للقضاء على فسادها؟
- يجب أن تتم تصفية هذه المنظومة، فلا يكون هناك ما يُسمى بالحسابات والصناديق الخاصة، فيتم تصفيتها خلال 3 سنوات، ويتم تشكيل لجنة كبيرة يُصدر تعليماتها رئيس الجمهورية، وتكون تحت إشرافه، حتى يلتزم بها الجميع، مكونة من محافظ البنك المركزى ووزير المالية ورئيس الجهاز المركزى للمحاسبات وممثلى الهيئات الرقابية الأخرى، بحيث يقومون مع فرقهم بفحص كل الحسابات والصناديق الخاصة على مستوى الدولة، ولا يجب أخذ نسبة منها، لأن ذلك يعنى مشاركتنا فى الجريمة، وهى تُعتبر جريمة فى حد ذاتها بالنظام المالى، ولا يوجد دولة محترمة بالعالم بها ميزانيتان، الأولى رسمية والأخرى سرية، لا يعرف عنها أحد أى شىء، فتسير وحدها، ويتم صرف الأموال والمكافآت والرحلات منها خاصة، ويتصرف فيها من يقوم عليها كيفما يحلو له، فهى أموال ضخمة لا بد من حصرها وضمها إلى خزانة الدولة، لأنها أموال عامة، وبالتالى يجب إلغاء تلك الظاهرة، لأنها كانت إحدى ركائز دولة الفساد فى عهد «مبارك».