«الأحزاب الدينية».. نهاية التاريخ
![«الأحزاب الدينية».. نهاية التاريخ](https://watanimg.elwatannews.com/old_news_images/large/7957_660_mh2304201241.jpg)
تدفع أحداث 30 يونيو وما بعدها إلى التساؤل حول مصير الحركات الإسلامية فى مصر؛ فبعد نجاح الثورة الثانية خسرت التيارات الإسلامية أرضيتها الدعوية التى كسبتها طوال عشرات السنوات الماضية فى سنة واحدة من السياسة بعدما تحولت إليها ووجهت خطابها إما للتحريض وإما للتأييد بعيداً عن الكتاب والسنة.
على رأس تلك الحركات جماعة الإخوان؛ فمنذ تأسيسها عام 1928 وحتى ثورة يناير 2011 لم تكن تحلم طوال مشوارها أن يحدث لها هذا التحول الجذرى فى مسارها السياسى، فحصل الإخوان فى أول استحقاقات ثورة يناير الانتخابية على 47% من مقاعد البرلمان، ثم يأتى النصر الأكبر بفوز مرشحهم فى الانتخابات الرئاسية محمد مرسى، وسعت لتمرير دستورها وتمكين أعضائها من مفاصل الدولة، لتحصد فى نهاية عامها الأول انخفاضا فى شعبيتها بنسبة 80%، وفشلا ذريعا فى إدارة الدولة؛ فهذه الشعبية التى خسرها الإخوان فى عام حكمهم الأول لن يتمكنوا من استرجاعها على مدار السنوات المقبلة.
كذلك خسر رموز الجماعة وحزب الحرية والعدالة شعبيتهم كـ«محمد بديع» الذى تحول من المرشد العام للإخوان المحظوظ، بعد أن وصلت فى عهده الجماعة إلى سدة الحكم بعد نضالها لعقود، إلى مرشد لجماعة تتنفس أنفاسها الأخيرة بعد أن لفظها المجتمع وانقض على حكمها، بعد اعتقاد الكثير من المصريين أنه الحاكم الفعلى للبلاد وليس «مرسى»، أما خيرت الشاطر، نائب المرشد رجل الاقتصاد القوى فى الجماعة، فيراه الكثيرون داخل الجماعة العقل المدبر لاستراتيجيتها وخططها، ويعود مجددا بعد أن أصبح أحد أبرز الوجوه المصرية إلى «مطلوب للعدالة».
كذلك حزب الوسط المحسوب على الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، الذى له علاقة تاريخية بالإخوان؛ حيث خرج من عباءة الجماعة وينتمى إليها فكريا وأيديولوجيا، خسر رجاله الكثير، وعلى رأسهم أبوالعلا ماضى وعصام سلطان ومحمد محسوب.
أما الجماعة الإسلامية وحزبها البناء والتنمية فتعد الخاسر الأكبر فى الأحداث بعد ملاحقة قياداتها قانونياً بعد التحريض الصريح على المتظاهرين، على رأسهم الشيخ عاصم عبدالماجد وصفوت عبدالغنى وطارق وعبود الزمر ونصر عبدالسلام، وتحاول الجماعة الإسلامية توحيد القوى الإسلامية تحت راية واحدة هى راية جماعة المسلمين من أجل الخروج من هذه الأزمة التى كانت وما زالت العقبة الكئود فى طريق عودة الخلافة، وأعلنت الجماعة أن التصور لهذا الكيان الجديد يكون بتشكيل مجلس شورى أعلى من جميع الجماعات الموجودة على الساحة يجمع كلا من مجلس شورى الجماعة الإسلامية ومجلس شورى جماعة الإخوان ومجلس شورى جماعة الجهاد ومجلس شورى الجماعة السلفية ومجلس شورى جماعة التبليغ والدعوة.[SecondImage]
ومن الأحزاب والشخصيات التى خسرت وذهبت فى «الرجلين» حزب «مصر» الذى يترأسه الداعية عمرو خالد الذى ظل لسنوات يغازل الجماهير قبل الثورة بأنه داعية ولا يجب أن يكون له دور سياسى حتى استولى الإخوان على السلطة فظهر وجه الرجل الحقيقى بإنشائه حزبا سياسيا ليدعم الإخوان ويعلن وقوفه بجانب مكتب الإرشاد والجماعة التى صارت محظورة الآن وبذلك يكون قد انضم الحزب إلى الأحزاب الدينية المطلوب حلها وحظرها.
من جانبه، قال أحمد زغلول، باحث فى شئون الحركات الإسلامية: إن الخاسر الأكبر من حكم الإسلاميين هو «الصورة الذهنية» التى ترسخت فى العقل المصرى بعد حوادث العنف التى ارتبطت بقطاعات إسلامية؛ حيث رأتهم الجماهير فاشلين فى الحكم ومثيرى بلطجة ومعتدين يسفكون الدماء من أجل عودتهم للحكم، وهذه الصورة الذهنية ستؤثر بلا شك فى النظرة إلى الأحزاب «الإسلامية» عامة؛ فهى إما دموية كـ«البناء والتنمية» وإما عميلة للغرب كـ«الحرية والعدالة» وإما انتهازية كـ«النور»، وبالتالى ستفقد جزءا كبيرا من المتعاطفين معها فى أى انتخابات. وأضاف لـ«الوطن»: تظل التحديات الكبيرة التى فرضتها الممارسة السياسية على الإسلاميين عامة هى ضرورة فتح باب النقاش الجدّى حول الديمقراطية والحريات العامة والتعددية الدينية والسياسية، وتطوير رؤيتهم للحريات الفردية والأقليات والفنون والمرأة، وهنا سيتضح هل هناك إمكانية لتكرار السلفيين نفس مواقف وخطى الإخوان أم سيظلون أسرى لتراثهم الفقهى الطويل «لو تحب تعدل بما يتفق مع رؤيتك الشخصية للموضوع فلا مانع ولو تريد التركيز على نقطة بعينها فلا مانع».
وحول مصير السلفيين قال «زغلول»: «سيكون لهم خسارة مصداقية وخسارة كتلة مؤيدة وتضييق أمنى لو حدث تضييق على الإخوان، بمعنى أنه فى حالة استقرار الأمر وتمت حملة أمنية على الإخوان المسلمين فبالتالى سوف تتعرض الكيانات المؤيدة لتضييقات أمنية من سلفية القاهرة وشيوخها «عبدالمقصود وفوزى» والجماعة الإسلامية، وما حدث مؤخراً إشارة إلى ما قد يواجه الداعمين لـ(مرسى)».
وأوضح «زغلول» أن الجماعة الإسلامية خسرت الصورة الذهنية المعتدلة لدى جمهورها الذى أعطاهم 11 مقعدا بسبب تهديدات الشيخ عاصم عبدالماجد الدموية، وصمت شيوخ الجماعة وقولهم إن «عاصم» حالة خاصة، لكن الموقف العام كان مؤيدا له.
وقال الشيخ أسامة القوصى، شيخ السلفية المدخلية: إن الأحزاب الدينية هم الخاسر الأعظم؛ فهم خسروا مصداقيتهم ودعواهم أنهم أهل دين والناس فرقوا بينهم وبين دين الله وسنة الرسول، وأكد «القوصى» لـ«الوطن»، أن الشعب أدرك أن تلك الجماعات عصابات إجرامية إرهابية متطرفة تتاجر بدين الله لمصالحها الخاصة.
ونصح «القوصى» الجماعات الإسلامية بالعودة إلى الدعوة لله وترك السياسة إلى الأبد، مضيفاً: «من الواضح أن تلك الجماعات أبعد ما يكون عن التوفيق ويخرجون من مطب لمنزلق خطير ويختارون أسوأ الاختيارات ويقدمون أسوأ ما عندهم وخسروا رصيدهم فى الشارع».
وتقدم الشيخ محمد الظواهرى، زعيم السلفية الجهادية، باقتراح لحل الأزمة الخاصة بالإسلاميين تشمل تنحية «مرسى والإخوان المسلمين» عن سدة الحكم مقابل إيقاف حملة الملاحقات الأمنية وإخلاء سبيل جميع المحتجزين وتطبيق شرع الله كاملا مباشرة والإقرار بأن السيادة لله وحده وشرع الله يعلو ولا يعلى عليه.
أخبار متعلقة:
الرابحون والخاسرون بعد سقوط «مرسى»
القضاة.. انتصار «العدالة»
«تمرد».. البطل الشعبى
«الأزهر».. «يا جبل ما يهزك ريح»
الكنيسة.. تربح «الدولة المدنية»
الإعلام.. النجاة من سيف الاغتيال
«الأوقاف».. تخلع عباءة «الوسطية» وتسلم نفسها لـ«الإرشاد»
القنوات الدينية.. البقاء لله
آل مكى والاستقلال.. أوراق محروقة