هل المدارس الدولية الشكل الجديد من الاستعمار الحديث؟ هل عادت عقدة الخواجة من جديد مع أجيال المستقبل؟ في حقيقة الأمر لست من هواة نظرية المؤامرة خاصة عندما يكون القرار في يد أولياء الأمور الذين يدفعون مئات الألوف للزج بأبنائهم في المدارس الدولية ليتلقى فلذات أكبادهم التعليم الأمريكي والبريطاني والألماني والفرنسي، والسؤال هنا: أين اللغة العربية؟ أين لغة الضاد من كل ذلك؟ ماذا يعرف هؤلاء الصبية عن الهوية العربية؟ في مشهد مستفز بأحد المولات الشهيرة يقف "شلة" من الصبية ممن لا يتعدى عمرهم عن 15 عاما ويتحدثون الإنجليزية بطلاقة، ثم تشاركهن بعض الفتيات وتبدأ صوات الضحك الرخيص ومشاهد التفاهة الغريبة عن ثقافتنا تظهر للمارين، وعند هذا المشهد المتكرر تسأل "أين أهلهم؟". أتذكر أنني عندما التحقت بقسم اللغة الانجليزية بكلية الآداب جامعة القاهرة دخل علينا شيخ المترجمين الدكتور محمد عناني وتحدث معنا بلغة عربية فصيحة وأكد أننا نتعلم الثقافة الغربية لثراء ثقافتنا العربية وليس من باب التغريب أو البرطنة.
وبعد ذلك بسنوات سافرت إلى المملكة العربية السعودية وعملت بمعهد اللغة الإنجليزية جامعة الملك عبدالعزيز والتقيت بوكيل التطوير وقتها الدكتور عبدالله البارقي، ذلك الشاب العربي السعودي الذي عاد من الولايات المتحدة الأمريكية حاملا لواء الرفعة والرقي الأكاديمي لأبناء وطنه، وقد أصبح الآن عميدا للمعهد ويصر على الحفاظ على الهوية العربية مع تقديم الثقافة الغربية والمقبول منها للطلاب.
نماذج مشرفة قابلتها في كل أنحاء العالم العربي تؤكد على أهمية عدم الانسياق وراء ذلك الوهم التغريبي.. كل أشكال الاستعمار الفكري مرفوضة وعلى أولياء الأمور زرع مباديء الوطن والثقافة والهوية في قلوب وعقول أبنائهم.. وإن استمر هذا الإذلال الفكري سيكون النتاج مجموعة من المخنثين فكريا. ويجب تشجيع الشباب على قراءة كتب الثقافة العربية والتحدث بالعربية والكتابة بالعربية وليس بالفرانكو أراب، وعلى الإعلام تأكيد مبدأ اللغة والهوية والوطن.. وأنا مع تعلم اللغات الأجنبية لكن مع الحفاظ على هويتنا العربية تلك الثقافة العريقة الغريبة بين الكثير من أبنائها.