ـ تعرف إيه عن المنطق يا مرسى؟
ـ المنطق.. إن لما واحد يضرب واحد على دماغه يقع مايحطش منطق!
الإيفيه الأشهر للراحل "مرسى الزناتى – سعيد صالح" فى مسرحية "مدرسة المشاغبين" والذى يشرح فيه المنطق بإجابة مختصرة ومركزة وقوية ليخرج من "زنقته" أمام سؤال "أبلة عفت".
"منطق مرسى الزناتى" كان إجابة "المصنفات الفنية" بعد صدمة كليب مطربة مغمورة "عندها ظروف" أقل ما يوصف به أدباً واحتراماً أنه "إباحى" لتقوم الدنيا وتنتفض العروق وهذا الطبيعى فى مجتمع يواجه التدنى ويصارعه من كل اتجاه ليأتى دور "المصنفات الفنية" بعد كارثة الكليب بهجمة "عنترية" مرتدة وتدير الضرب فى الشعراء والملحنين حتى يقع كل منهم "مايحطش منطق"!
صدمة قرار "المصنفات الفنية" رداً على تصوير الأغنية كان أسوأ من صدمة مشاهدة الكليب نفسه، فبدلاً من أن تأخذ "الرقابة على المصنفات الفنية" موقفاً حاسماً لإجازة الأغنيات المصورة قبل عرضها للجمهور قررت أن تربك صناعة الأغنية بأكملها وتُصَدر أزمة جديدة بوضعها "كلبش" للشعراء والملحنين برهن عمل تنازلاتهم بتقديم أعمالهم لمراجعتها والموافقة عليها بعد 10 أيام وهو ما يرتد فوراً بـ "تعليق" مستحقاتهم لدى شركات الإنتاج حتى تأتى موافقة "المصنفات" بالرغم من أن شركات الإنتاج تقدم أعمالها للرقابة قبل طرحها لتأخذ ختم الموافقة وتصريح بذلك فتختلق أزمة جديدة غير مبررة تثير تساؤلاً صريحاً وهو " طالما كده كده الشركة بتقدم كل شغلها للمصنفات يقدمه ليه قبلها الشعراء والملحنين بنفسهم.. هل الفكرة فى مضاعفة إيرادات الخزنة وآلا توقيف المراكب السايرة أكتر ماهى واقفة"؟!
ولا يخفى على أحد ما سيحدث من "مشورة" الشعراء "رايح ــ جاى" بين رد المراجعة و"أصل الكلمة دى ممكن تدى معنى كذا .. وأصل الجملة دى مش مريحة .. وبلاش الكلمة دى مالهاش معنى معروف" وبالطبع سيأتى هذا الرد بصورة رسمية موقعة ولن يجد الشاعر من يتكلم معه .. أما الملحن فلا أعرف صراحة كيف سيتم مراجعة لحنه للتأكد من أنه غير مسئ .. وما هو مفهوم وتعريف الإساءة فى الجمل اللحنية؟!
الغريب والمثير للدهشة حقيقة أن الأغنية الأزمة ليست فى كلماتها وألحانها فالشاعر والملحن لهما اسمهما وتوقفت مسئوليتهما عن تسجيلها بينما الأزمة الحقيقية كانت فى تصويرها ولكن يبدو أن "الرقابة على المصنفات" مع أثر الصدمة التى أصابت الجميع قد ضربتها حالة من الـ "هستيريا" جعلتها لا ترى حولها وأفقدتها التركيز أمام محاولة إثبات الوجود وأنها صاحبة سلطة فكان القرار الـ "عنترى" الصادم بضرب "كرسى فى الكلوب"!
لم نعرف بالتحديد من صاحب هذا الاقتراح العبقرى الذى ورط "المصنفات" فى أزمة كبيرة بقرار يؤذى الشعراء والملحنين ويعرقل إبداعهم ويفتح الباب أمام بعض المنتجين للمماطلة فى تسديد حقوقهم ما سيتسبب فى مشاكل لا حصر لها ونتيجة وحيدة هى تدمير صناعة الأغنية.. وأكرر.. صناعة الأغنية.. الصناعة الحقيقية لأن الأغنيات الـ "شمال" و"بير السلم" لا تعترف بوجودك كـ "رقابة " من الأساس وستستمر بالوعاتها فى "الطفح" فى وجوهنا فكان الأولى أن توجد آلية لمراقبة هؤلاء والمحطات الفضائية التى تعرض ابتذالهم أفضل وأوقر لأنك ببساطة وبمنتهى العبقرية لم تفعل شئ ... فقط ضربت المربوط وتركت الـ "سايب" ... سايب!
محاولة "الرقابة على المصنفات" أن تقوم بعملها وتثبت وجودها أمر محترم ومطلوب ولكن ... قبل أن تستيقظ وتقرر أن "تخرب بيوت" الشعراء والملحنين هل راجعت مهامها ووجدت أنها تقوم بها على أكمل وجه؟ هل استطاعت أن تحمى الجمهور من الابتذال الذى يحاصره فى الأعمال الفنية بمختلف تصنيفاتها مرئية ومسموعة؟ هل استطاعت مثلاً التعامل مع "ولاد سليم اللبنانين" فى أسطورتهم الخالدة .... "مفيش صاحب بيتصاحب – مفيش راجل بقى راجل – تجيب ورا تصبح ......" لامؤاخذة؟!
يجب على "الرقابة على المصنفات" أولاً مواجهة الأعمال الهابطة والساقطة وأن تصارع وجودها وتُفعل عمل "شرطة المصنفات" ... يجب أن تدخر جهدها لذلك حلاً للأزمة من جذورها لا أن تكون طرفاً فى الأزمة بل والأزمة نفسها.
أعتقد أن "المصنفات" تحتاج لإعادة حساباتها مرة أخرى بأن تلغى هذا القرار الـ "عنترى" دون محاولات تجميلية لأنه سيظل مسخاً مشوهاً إن كانت جادة فعلاً فى تفعيل دورها، فلا أعتقد أبداً أن من دورها "العرقلة" .. فإن كانت انتفاضتها هذه المرة حقيقية فعليها توفير آليات رقابية تستطيع تنفيذها وتؤتى ثمارها وإصدار قرارات مدروسة جيداً قبل اعتمادها.
الفرصة الآن مهيأة لاقتناصها أفضل من أن تظل "الرقابة على المصنفات" تتفاعل مع الأزمات كرد فعل بقرارات "عنترية" لـ "الفرقعة" تخرج من رحم الأزمة ويتحول قرارها فقط لـ "عنترة بن مصنفات"!