«الوثائق الخاصة».. كتاب يرصد حياة «شحات الغرام» الفنية والشخصية والسياسية
«فوزى» مع الرئيس محمد نجيب وعدد من الفنانين فى إحدى المناسبات الرسمية
انتهى الكاتب والناقد السينمائى أشرف غريب من كتابه الجديد «الوثائق الخاصة لمحمد فوزى»، الذى يُعد امتداداً لسلسلة كتبه عن وثائق أهل الفن، المُؤرخة لحياتهم المهنية والشخصية بالوثائق والمستندات والبراهين، وكان آخرها كتاب «الوثائق الخاصة لليلى مراد»، الذى حقق نجاحاً كبيراً وقت طرحه.
وقال «غريب»، لـ«الوطن»، إنه كان يعتزم طرح كتابه الجديد فى هذه الذكرى، إلا أن خضوعه أخيراً لعملية جراحية أربك حساباته، فضلاً عن وجود رؤى لدور النشر فى توقيتات طرح الكتب، مضيفاً أنه رغب فى استيفاء كتابه بالصور والوثائق، ومنها ما أحضره من بيروت، وأخرى سافر لأجلها إلى الإسكندرية، ما استنزف منه جهداً فى الوقت والحركة، بحسب قوله.
وتابع: الكتاب يستعرض تاريخ حياة محمد فوزى، حيث يرصد الفصل الأول منه عصره كاملاً، ودوره بالحياة الفنية فى مجالات التلحين والطرب والتمثيل والإنتاج والتأليف، إضافة إلى إسهاماته فى وضع الموسيقى التصويرية والتلحين لغيره من المطربين، ويُعتبر هذا الفصل تمهيداً للقارئ لمعرفة قيمة وقامة «فوزى» وإسهاماته فى الحياة الفنية آنذاك.
«غريب»: كتابى مُدعم بوثائق لا تقبل التأويل.. والدولة تعنتت معه فى مرضه.. واتبعت حيلة خبيثة للحصول على «مصر فون»
وأردف: أتحدث عن فترة النشأة منذ ولادته فى كفر أبوجندى بطنطا، مروراً ببداياته الفنية وانطلاقته فى السينما بفيلم «سيف الجلاد» عام 1944، ثم أتناول قصص حبه قبل زواجه، حيث أرصد 3 منها إبان تلك الفترة، ثم زيجاته الثلاث بـ«هداية» و«مديحة يسرى» و«كريمة»، وكذلك أهم شخصيتين نسائيتين فى حياته بعيداً عن زيجاته، وهما «أم كلثوم» و«هدى سلطان»، وطبيعة علاقته بهما ونقاط الاتفاق والاختلاف والصدام بينهم، وتفاصيل احتكاره لأم كلثوم فى شركته، ومشروعهما الذى تأخر تنفيذه 3 مرات، وتفاصيل علاقة كوكب الشرق بشخصه وبـ«بليغ حمدى».
واستطرد الناقد السينمائى فى كلامه قائلاً: أرصد المعارك التى خاضها «فوزى» فى حياته، رغم الاعتقاد السائد عنه بأنه كان مسالماً ولطيفاً، وتلك حقيقة نظراً لعلاقته الجيدة بالوسط الفنى، ولكنها لا تمنع خوضه لمعارك بسبب الحقوق التجارية والملكية الفكرية الخاصة به وبشركته «مصر فون»،
وأوضح: اخترت «سنوات العجاف» اسماً للفصل الأخير، الذى يغوص فى علاقة «فوزى» بالسياسة، وأثرها على حياته الشخصية عقب ثورة يوليو 1952، ودوره فى الحياة السياسية عبر العديد من أغنياته الوطنية، إضافة إلى إسهاماته فى مشروعات قطار الرحمة وأسبوع الشفاء وجمع التبرعات، وكذلك علاقته بالرئيسين جمال عبدالناصر ومحمد نجيب، وكيف كان محسوباً على الأخير، وكيف اتخذت الثورة موقفاً منه أثر على حياته.
وأكمل حديثه قائلاً: يتضمن الباب القصة الكاملة لشركة «مصر فون» بحقائق موثقة تُنشر لأول مرة، ومنها عقد تخصيص الأرض التى أسس عليها فوزى مصنع الأسطوانات بمنطقة العباسية، بالإضافة إلى توضيح ماهية شركائه غير المعروفين، الذين شكلوا لغزاً للكثيرين من جملة «محمد فوزى وشركاه»، كما نستعرض عقود تعاونه مع أم كلثوم وصباح ومحمد قنديل كنماذج للأصوات الفنية التى احتكرتها شركته، وطبيعة التنافس بينه وبين محمد عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ من خلال شركة «صوت الفن» وصولاً لقرار تأميم شركته.
وواصل: حصلت الدولة على شركته تدريجياً بحيلة ماكرة وخبيثة، قد تبدو للناس أنها ليست تأميماً، ولكنها فى واقع الأمر تأميم، أما الفصل الأخير فيرصد فترة مرضه منذ شعوره به، مروراً برحلاته العلاجية إلى أوروبا، وصولاً للمحاولات المضنية التى بذلها الوسط الفنى لاستصدار قرار بعلاجه على نفقة الدولة، وكيف تعنتت الأخيرة آنذاك بشكل شديد، إلى أن قرروا تحمل نصف قيمة تكلفة علاجه بعد معاناة، ثم تحمل المصاريف كاملة بعد مساومات عديدة، ولكن حالته الصحية آنذاك تدهورت بشدة، حيث بلغ وزنه 35 كيلوجراماً، إلى أن توفى بعدها بأشهر عدة، فأرصد مشهد جنازته والمشاركين فيها، وكيفية تعامل الدولة مع وفاته.
هدى سلطان شقيقته كانت تراه كوالدها.. وقاطعها بعد اتجاهها للفن و«سرير المرض» أنهى القطيعة بينهما
«الكتاب يتضمن القائمة الكاملة لأغنياته وأفلامه»، هكذا أعلن «غريب» عن جزئية جديدة فى كتابه، واصفاً ما أثير عن تقديم «فوزى» ما بين 2000 إلى 3000 أغنية بالمهاترات، متابعاً: «نستعرض 36 فيلماً وما يقرب من 400 أغنية لحنها شحات الغرام لنفسه وللمطربين والمطربات الأخريات».
وأكمل: ما يتضمنه الكتاب أيضاً شهادة ميلاده ووفاته وشهادة ميلاد زوجته الأولى، وعقود أفلامه كاملة، وإيصالات تسلم مبالغ مالية من شركة التوزيع عن أفلامه، إضافة إلى محضر انتخابات جمعية المؤلفين والملحنين التى فاز برئاستها، وكذلك خطاب تحريض من المخرج حسين فوزى ضده فى إطار الحرب التى شنتها الدولة على «فوزى» رغبة فى التضييق عليه ومنعه من مزاولة مهنته، وعقود تأسيس وشراكة «مصر فون»، وقرارات التأميم والتخارج، وعقود تعاملاته مع صباح وقنديل وأم كلثوم، وكل المادة الصحفية التى نُشرت عنه على مدار حياته، وتحديداً منذ عام 1938 لـ1966.
وعن طبيعة علاقته بشقيقته الفنانة الراحلة هدى سلطان قال: كانت متقلبة، فعلاقتهما الطفولية كانت جيدة جداً، وهى كانت تصغره بـ10 أعوام، ما جعلها تنظر إليه كقدوة ونموذج، كما اعتبرته والدها بعد وفاة أبيهما، وحينما تمرد «فوزى» على أبيه، إثر رفض الأخير عمله فى الفن ودراسة الموسيقى فى القاهرة، كانت هدى سلطان ترسل إليه حوالة بريدية شهرية قيمتها جنيه، كانت أمه توفرها له بشكل مستمر، وبعد وفاة الأب والأم اتجهت الابنة قبل زواجها للإقامة مع أخيها فى القاهرة.
وتابع: اتخذت علاقتهما منحى جديداً بعد انفصالها عن زوجها، وتحديداً بعد أن اتجهت إلى الفن، حيث بمجرد أن تنامى إلى مسامعه هذه المعلومة، قاطعها بشكل حاد، ودخل فى خصومة مع من ساعدها ودعمها، حيث قاطع المخرج نيازى مصطفى نحو 3 أعوام، بحكم أنه أول من استعان بها فى السينما، إضافة إلى توقفه عن التعاون مع الملحنين الذين عملوا مع شقيقته، كما قاطع شركة «نحاس فيلم» آنذاك.
وواصل حديثه قائلاً: «تعرض فوزى لوعكة صحية بسيطة ألزمته الفراش عام 1952، وطلبت هدى سلطان من مديحة يسرى حينها الوساطة للصلح بينها وبين أخيها، وأن تستأذنه فى زيارتها له، إلا أن «يسرى» طالبتها بالمجىء مباشرة دون مقدمات، وتزامن التوقيت حينها مع استعداد «هدى» للسفر إلى السعودية لأداء فريضة الحج مع الفنان فريد شوقى، وكانت ترغب فى كسب رضا أخيها قبل سفرها.
وأكمل: اتجهت «هدى» إلى منزل «فوزى»، ودخلت إلى غرفته أثناء نومه، وبمجرد أن رآها ارتمت فى أحضانه، وبكيا وكأن شيئاً لم يكن بينهما، وتخطت علاقتهما حد الأخوة، لدرجة أنها تعبت كثيراً أثناء فترة مرضه، وساهمت مالياً فى تكلفة علاجه، وبذلت مساعيها فى علاجه على نفقة الدولة، ما عرضها للعديد من مضايقات رجال الدولة، وتحديداً شعراوى جمعة، الذى كان يرفض مقابلتها.
واختتم «غريب» حديثه قائلاً: «اتبعت منهج التوثيق فى كتابى كعادتى منذ 20 عاماً، لأن الوثيقة قولها واحد فاصل لا يقبل الشك أو التأويل، كما أنها تجب عما قبلها وتمنع ما بعدها من أى مناقشات».