«المركزى» يدرس إطلاق مبادرة جديدة لمساندة 3500 شركة متعثرة.. وخبراء: تدعم الإنتاج
البنك المركزى المصرى
بعد انتهاء الفترة المقررة لمبادرة مساندة المتعثرين التى أقرها البنك المركزى فى يونيو الماضى، يعكف «المركزى» حالياً على دراسة مقترح جديد تقدم به عدد من البنوك لتدشين مبادرة جديدة فى ظل عدم استجابة العملاء بشكل كبير للمبادرة السابقة نتيجة ضيق الوقت.
وكان «المركزى» قد أطلق مبادرته لتسوية المديونيات المتعثرة، وإعفاء العملاء من الفوائد، مع 8 بنوك حكومية، هى: «الأهلى، ومصر، والقاهرة، والزراعى المصرى، وتنمية الصادرات، والعقارى، والتنمية والعمال، والمصرف المتحد»، وذلك لأصحاب المديونيات أقل من 10 ملايين جنيه، والبالغ عددهم 3500 شركة و337 ألفاً من الأفراد، بأصل مديونية يبلغ 16٫8 مليار جنيه، حال التزامهم بسداد 100% من رصيد الدين فى 31/12/2017 نقداً، فى موعد أقصاه نهاية ديسمبر الماضى، وبعد مرور 6 أشهر على إطلاق المبادرة لم يبلغ عدد العملاء المستفيدين سوى 5 آلاف عميل.
وقالت مصادر مطلعة من البنك المركزى إن البنك المركزى طلب من البنوك تقارير مفصلة عن المبادرة القائمة، وتشمل أعداد المستفيدين ومديونياتهم وأبرز العقبات، بالإضافة للمقترحات بشأن الاستمرار أو التوقف عن العمل بها.
4.4% نسبة التعثر فى قروض القطاع المصرفى.. والبنوك تقترح سداد 50: 70% من أصل الدين والفوائد فى المبادرة الجديدة
وأشارت المصادر إلى أن البنوك تقدمت بمقترح لتدشين مبادرة جديدة على فترة زمنية أطول بين 12 و18 شهراً، تتضمن سداد من 50 إلى 70% من إجمالى الدين المستحق من أصل القرض والفوائد.
والجدير بالذكر أن محفظة الديون المتعثرة بالبنوك بلغت 4.4% من إجمالى محفظة القروض بنهاية سبتمبر الماضى، مقابل 4.3% بنهاية يونيو الماضى، حيث زادت لأول مرة منذ سنوات فى ظل الصعوبات الاقتصادية التى واجهتها الشركات عقب قرارات الإصلاح الاقتصادى، فيما تجاوزت محفظة القروض الإجمالية بالبنوك نحو 1.4 تريليون جنيه.
وأوضح المركز المصرى للدراسات الاقتصادية فى ورقة بحثية له عن المبادرة أنها تعد محاولة جيدة من قبل البنك المركزى لتسوية المديونيات المتعثرة وضماناً لاسترداد أصل المبلغ والعزوف عن نفقات التقاضى، إلا أنه فى مضمون المبادرة تفترض قدرة المتعثر على دفع الدين، بينما لا يمكن اختزال جزء كبير من هؤلاء العملاء غير القادرين عن سداد ديونهم خاصة أصحاب المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، فضلاً عن العمالة التى سيتم تسريحها فى حالة غلق هذه المشروعات.
وأضاف البحث أن المبادرة قد تكون بحاجة لبنود أشمل لكى تدر استفادتها على الشريحة الأكبر من المتعثرين، خاصةً أن مصر تمضى بخطى متسارعة نحو إقامة المزيد من الاستثمارات والمشروعات المختلفة، ويتطلب ذلك إجراء دراسة لكل الشركات المتعثرة ومعرفة الأسباب الحقيقية للتعثر، وتختلف أسباب تعثر كل شركة عن الأخرى، قد يكون غياب الخبرة والحاجة إلى التدريب سبب المديونيات، أو عدم القدرة التسويقية، أو عدم وجود دراسة جدوى جيدة للمشروع، وغيرها من العوامل التى تؤدى إلى تعثر مالى.
يحيى أبوالفتوح: المبادرة نجحت فى تسوية ديون متعثرة لـ333 شركة لدى البنك الأهلى
وأشار البحث إلى أنه بالتأكيد ستختلف كل مشكلة فى معالجتها عن الأخرى، وقد تكون دراسة أسباب تعثر كل مشروع ليست من ضمن اختصاصات البنك المركزى لكى لا يتحملها «المركزى» على عاتقه، فتوجد شركات متخصصة لإعادة هيكلة المشروعات المتعثرة.
واقترح «المصرى للدراسات الاقتصادية» أنه لا بد من دراسة أسباب مشكلات التعثر غير المالية، ثم تقوم شركات إعادة هيكلة المشروعات المتعثرة بالتدريب ومراجعة الموقف الحالى، ويحصل المشروع على قرض للإنتاج والتسويق تحت إشراف الشركة المختصة بإعادة الهيكلة على أن يتمتع المشروع المتعثر فى هذه الفترة بتجميد التزاماته من الضرائب والتأمينات وغيرها، إلى أن تحقق ربح فى نهاية العام، فيتم إعادة جدولة كل القروض والضرائب والتأمينات المتأخرة، وبذلك ستشمل مبادرة البنك المركزى شريحة أكبر من المتعثرين، وتحقق المبادرة نتائج فعالة فى الاقتصاد الوطنى.
وقال يحيى أبوالفتوح، نائب رئيس البنك الأهلى، إن مبادرة البنك المركزى لمساندة المتعثرين شجعت كثيراً من العملاء المتعثرين على تسوية مديونياتهم، خاصة أن المبادرة تنص على العزوف عن دفع الفوائد المتراكمة منذ سنوات، التى تتخطى قيمتها مئات الملايين، مشيراً إلى أن تنازل البنوك عن الفوائد أعطى ميزة كبيرة لأصحاب المديونيات، وشجعهم على سداد أصل الدين.
وأضاف أنه على الرغم من أن كل بنك يسعى لتسوية الديون المتعثرة وفقاً لاستراتيجياته، إلا أن المبادرة شجعت البنوك على توحيد الجهود والتكاتف لمساندة المتعثرين ودعم الاقتصاد القومى، موضحاً أن البنك المركزى يولى اهتماماً خاصاً بأصحاب المصانع المتعثرة، وكان ذلك أحد الأهداف الرئيسية عند إطلاق المبادرة، لتشجيع الصناعة وتلبية احتياجات السوق المحلية، التى ستوفر العملات الأجنبية عند الحد من الواردات، بالإضافة إلى الحفاظ على العمالة فى تلك المصانع.
السيد القصير: البنك الزراعى نجح فى تسوية ديون بـ380 مليون جنيه ضمن مبادرة «المركزى»
وأشار «أبوالفتوح» إلى أن 333 شركة متعثرة من عملاء البنك الأهلى استفادت من مبادرة البنك المركزى لمساندة المتعثرين، وتمت تسوية مديونياتها بقيمة 60 مليون جنيه خلال الأشهر الستة للمبادرة، لافتاً إلى أن إطلاق مبادرة جديدة لمساندة المتعثرين ببنود أكثر تيسيراً ستجذب شريحة أكبر من المتعثرين، وستدعم اقتصادنا القومى.
فى سياق متصل، قال ماجد فهمى، رئيس بنك التنمية الصناعية، إن مبادرة البنك المركزى لمساندة المتعثرين تمثل المحاولات الجادة التى يتبعها «المركزى» لإيجاد حلول جذرية للتحديات التى تواجه القطاع المصرفى، وكان أبرز هذه التحديات ارتفاع إجمالى الديون المتعثرة خلال السنوات الأخيرة، مما يعرقل نمو كثير من المصانع والشركات، لافتاً إلى أن الإقبال كان محدوداً على المبادرة من عملاء البنك، خاصة أن هناك كثيراً من المديونيات المتعثرة منذ فترة طويلة ولها مخصصات مختلفة.
وأضاف أن البنك المركزى اجتمع برؤساء البنوك للمناقشة وإجراء استطلاع رأى، للوصول إلى الحل الأمثل للقضاء على هذه المديونيات المتعثرة ودفع عجلة النمو الاقتصادى، مشيراً إلى أن «المركزى» يعمل جاهداً لدراسة ملف المديونيات المتعثرة وتقديم مبادرات تكون أكثر فعالية.
وأوضح أنه فى الفترة المقبلة سيكون على شركات مخاطر رأس المال دور كبير فى خروج المصانع ذات الديون المتعثرة من تلك الأزمة، من خلال دراسة وتحليل أزمات المصانع، وإعادة هيكلة المديونيات للنهوض مرة أخرى.
من جانبه، قال السيد القصير، رئيس البنك الزراعى، إن البنك تبنى سياسة جديدة لإنهاء ملف الديون المتعثرة، تعتمد على دراسة كل حالة على حدة، واتخاذ القرار المناسب بشأنها بدءاً من جدولة المديونيات، وحتى التسويات، بما يتناسب مع ظروف العملاء المتعثرين، وإمكانياتهم فى السداد.
وأضاف أنه تنفيذاً لمبادرة البنك المركزى لحل مشاكل الديون وتخفيف العبء عن العملاء فى السداد حرصاً على إعادة إدخالهم لدائرة النشاط الاقتصادى، قام البنك بمعالجة مديونيات بلغت 380 مليون جنيه لأكثر من 5 آلاف عميل متعثر، مقابل سداد مبلغ 196 مليون جنيه، وإعفاء العملاء من سداد مبلغ 184 مليون جنيه، وذلك منذ صدور مبادرة البنك المركزى لتسوية الديون المتعثرة فى يونيو الماضى.