لم تكن المرة الأولى التى أسمع بها عن تلك الكلية التى أنشأتها القوات المسلحة منذ سنوات قليلة بقرار من السيد الرئيس -وزير الدفاع وقتها- لتخرّج دفعات من الضباط الأطباء.. ولكنها كانت المرة الأولى التى أشعر بكل هذا الانبهار حين وطأت قدماى داخلها..!
كانت الزيارة الأولى حين أعلنت كلية الطب بالقوات المسلحة عن طلب أعضاء هيئة تدريس من المدنيين للعمل بها.. وتقدمت إليها بسيرتى الذاتية للعمل بها..!
لقد أعجبتنى الفكرة ذاتها.. أن تصبح جزءاً من مشروع لإنتاج مجموعة من الأطباء «المقاتلين» فى الوقت نفسه.. كان -وما زال- رأيى أن أكثر ما ينقص شباب الأطباء فى مصر هو الالتزام والانضباط.. فجاءت فكرة أن يصبح هناك طبيب ملتزم بالتعريف باعتباره ضابطاً فى الأساس فكرة ملهمة للغاية..!
فى أيامى الأولى كان الفضول يراودنى لمعرفة كيف سيتعلم هؤلاء الطلبة فنون العسكرية وعلوم الحرب فى الوقت الذى تثقل أكتافهم بدراسة الطب بكل ما فيه من صعوبة ومشقة.. ولكن مع مرور الوقت.. والاقتراب من هؤلاء الطلبة شيئاً فشيئاً اكتشفت أننى أمام نموذج مختلف تمام الاختلاف عما كنت أظنه..!
لقد وجدت مجموعة منتقاة من الطلبة المتحمسين أشد الحماس للتعلم.. المتفتحين على كل ما هو جديد فى العلوم الطبية الأساسية.. والراغبين فى الوصول لأقصى درجات الاستفادة من كل ما يتاح لهم من محاضرات أو مواد علمية.. كل هذا بالإضافة إلى مستوى رياضى متميز فى أكثر من لعبة.. ومستوى ثقافى أعترف أنه أبهرنى فى أوقات كثيرة..
لقد نجحت إدارة الكلية فى توقيع العديد من بروتوكولات التعاون مع الجامعات المصرية والدولية على السواء.. والعديد من المراكز والنقاط المضيئة فى مصر كمستشفى ٥٧٣٥٧ ومركز الدكتور مجدى يعقوب لأمراض القلب بأسوان.. الأمر الذى جعل الطالب يستوعب الأساليب الحديثة فى التعلم والتى تطبقها الكلية من يومها الأول..
لقد وجدت أمامى مشروعاً لإنتاج ضابط طبيب.. وليس طبيباً ضابطاً.. والفارق بينهما كثير لا يدركه البعض.. فكل منهم يدرك جيداً قيمة البدلة التى يرتديها جيداً.. وفى الوقت نفسه يحاول أن يكوّن لنفسه رصيداً غير قليل من المعلومات الطبية عبر كل الوسائل التى يتم توفيرها له.. حتى إننى وجدت بعضاً من الطلبة قد نشر أكثر من ورقة علمية فى مجلات دولية معترف بها.. بل وأصبح له تقدير علمى دولى على منصة البحث العلمى الدولية أو ما يعرف بالـRG score.. واشترك البعض الآخر منهم فى مؤتمرات محلية ودولية باسم الكلية الوليدة..!
واليوم.. وبعد أن تخرجت الدفعة الأولى من طلبة كلية طب القوات المسلحة.. يمر أمامى شريط الذكريات بمزيج من الرضا والشكر لله..
اليوم.. أستطيع أن أرى الفرحة فى عيون هؤلاء الطلبة الأبطال الذين ارتبطت بهم لدرجة لم أكن أتوقعها أبداً.. أستطيع أن أرى الحلم وهو يتحول إلى حقيقة على أرض الواقع وأنا أرى أبناء الأمس وزملاء اليوم وهم يتخرجون بحضور السيد الرئيس والقائد الأعلى للقوات المسلحة..!
اليوم.. وبعد سنوات الجهد والعرق.. بعد أيام الأمل والألم.. آن لمصر أن تفخر بأولادها..!
اليوم.. ينبغى أن نشكر كل من ساهم فى هذا المنتج.. بداية من قرار الإنشاء.. مروراً بكل من شارك من إدارة الكلية المحترمة.. وأعضاء هيئة التدريس المخلصين..
اليوم.. أستطيع أن أعلن أننى فخور بكونى كنت وما زلت جزءاً من هذا المشروع.. الذى نجح فى تقديم منتج يفخر به الوطن كله..!
إنهم فتية آمنوا بحلمهم.. وزادهم الله هدى منه ليقدموا أنفسهم جنوداً للوطن..!