كيف يمكن لمن يحملون الجنسية المصرية أن يرحّبوا بحكم أردوغان لهم، ويتحدثوا فى قنوات الشر كى يدعموا عدو بلادهم دون أن يرمش لهم جفن، ودون أى حمرة للخجل ودون تلعثم فى اللسان أو ارتعاشة فى اليد؟! من أين جاءت كل هذه البجاحة وكل هذه الوقاحة وكل هذه السفالة وكل هذا الانحطاط؟! هل جاءت مصادفة؟! لقد ارتكبنا أخطاء عديدة فى الماضى ينبغى ونحن فى قلب معركة الوعى أن ننتبه إليها ونبحث لها عن معالجات وعلاج وحلول.
إن مصر البلد الوحيد فى العالم التى فيها ويعيش على أرضها وترابها مَن يحملون جنسيتها وأوراق الانتساب إليها والذين يحملون هوى للأجنبى المحتل دون أى وازع من وطنية أو من كرامة بغض النظر عن كينونة المحتل وعن تاريخه.. إنما هم يقبلون فكرة حكم الأجنبى لهم ولبلادهم، كى يتحكم فيهم ويحدد مصيرهم ويتحدث باسمهم وينهب خيراتهم ويفعل بها ما يريد وقتما يريد!
والمؤسف أن هؤلاء ليسوا من أعضاء الجماعة الإرهابية وحدها، ولا من المتضررين من إجراءات سابقة من ثورة يوليو مثلاً طالت أراضى اُقتطعت منهم وعادت لأصحابها الأصليين.. لا.. بل هم ممن يحتسبهم البعض من نخبة النخبة.. يوكل إليهم -فيما يوكل إليهم- التصدى لهذه الجماعات الإرهابية!! بينما كلتاهما.. نخبة النخبة والجماعات الإرهابية.. يتعلق وجدانها بأجنبى ما.. يؤمنون بأهميته وبشرعية وجوده فوق رقابنا ويعتبرون فترة احتلاله جزءاً من تاريخنا المجيد تم تشويهه من «الوحشين - الكخة» اللى هما إحنا ممن يؤمنون بأن العثمانلى محتل، كما الإنجليز!!
هذه المأساة التى تصل إلى حد المسخرة شديدة البؤس لا ينتبه أحد إليها.. حتى أصبحنا البلد الوحيد فى العالم الذى يعيش على أراضيه -لا يستحقون أن نصفهم بالمصريين- من يهينون ثورتهم الأم ليل نهار رغم حتى التباعد الزمنى.. يصفونها بالانقلاب رغم ما أنجزته من تغيير جذرى لكل شىء فى مصر.. فلا الملكية بقيت ملكية ولا الدستور طبعاً بقى كما هو ولا الألقاب بقيت كما هى، ولا الثروة ظلت كما هى فى يد فئة بعينها حكراً دون بقية الشعب المصرى ولا نمط الحصول على الثروة نفسها بقى كما هو ولا صور وأشكال الصعود الاجتماعى كما هى ولا علم البلاد كما هو ولا سلامها الجمهورى ولا أى شىء فى أى شىء! ويبقى وصفها بالانقلاب من باب الكيد لها والتربص بها لا علاقة له لا بالمنطق ولا بالواقع ولا حتى بتعريفات العلوم السياسية!!
الأمر لا يتوقف على ثورة يوليو.. فمن تركوه ضد الثورة لم يخطر ببالهم أن المبدأ نفسه سينصرف على أحداث أخرى كبيرة ومهمة وتاريخية سينالها التشويه وسيطولها التزييف مثل الهجوم المنظم على حرب أكتوبر فى محاولة للنيل من الانتصار العظيم.
ولذلك فنحن البلد الوحيد فى العالم الذى يعيش به من يشوه انتصاراً كبيراً جداً قام به جيش الوطن باحتضان وبدعم من الشعب كله!
ونحن البلد الوحيد فى العالم الذى بين ظهرانيه من يتغنى ليل نهار دون أى وازع من وطنية بكبوات تعرض لها.. حتى إن الإخوان ليسوا وحدهم من يقومون بزفة سنوية كلما حلت ذكرى ٥ يونيو! إنما معهم جماعات وأحزاب أخرى تخلط بين السياسى والوطنى، لذا فإنهم وبسبب الثأر السياسى يدهسون كل ما هو وطنى فى زفتهم الموسمية، فلا يعنيهم نقل الإحباط وروح الهزيمة للأجيال الجديدة وكذلك لا يعنيهم تقديم خدمات معنوية لأعداء الوطن، أو إهانة بطولات كبيرة تمت ولا يلتفتون إليها على الإطلاق!
وما نفهمه أن الأقلام تدرس وتكتب لتُستنبط الدروس وتؤخذ العبر حتى لا تتكرر الأخطاء مرة أخرى.. لكن أن يبلغ حدود الشماتة والمعايرة والشطط إلى حد أن يكتب كاتب، المفترض أنه كبير، عشرات الحلقات اليومية فى إحدى الصحف القومية ولمدة تسعة أشهر متصلة! فلا نجد لذلك وصفاً! ولا يمكن تخيل أنه يفعل ذلك لأخذ العبرة بعد نصف قرن من النكسة!!!
ويجب الاعتراف بأننا البلد الوحيد فى العالم الذى تهدده جماعة من الجماعات ويبقى عناصر هذه الجماعة موجودين داخل أركان مؤسسات الدولة التى تتحمل عبء مواجهتهم.. فيتسببون فى مشاكل لها ولشعبها فى مصالح وأماكن مهمة من تربية وتعليم إلى تضامن اجتماعى وتموين يتعاملون مع الجماهير مباشرة يصدّرون لهم أفكارهم مرة ويحبطونهم مرة ويفسدون عليهم ما توفره لهم الدولة من خدمات مرات ومرات!!
والحل كان فى عمل فوق قانونى أو ثورى أو حتى يمكن تقنينه باستبعاد جماعى وشامل لكل هؤلاء باعتبار أن واحداً منهم داخل مؤسسة ما يفسد مثل عشرة داخل المؤسسة نفسها!
ونحن البلد الوحيد فى العالم الذي، ولأسباب عديدة تمت خلال الأربعين عاماً الأخيرة، لا يحتفل بالشكل المطلوب لا بعيد جلاء المحتل عن أرضه ولا بيوم إعلان الجمهورية التى أسست للنظام الجمهورى مصدر شرعية الحكم فى البلاد!
وهنا نصل إلى بيت القصيد.. حيث نحتاج إلى رؤية شاملة وواسعة لمعالجة أخطاء عديدة تمت فى السنوات الطويلة السابقة.. التى أدت إلى ما بدأنا به مقالنا من وجود طابور خامس قادر على إرباك الوطن، ومنع جمع شمله على موضوع، ولا اجتماعه على شىء واحد.
وهو ما يحتاج إلى تناول مختلف لكل القضايا السابقة إعلامياً لأنها الطريقة الأسرع، ثم فى مناهج التعليم ونشاط وزارة الشباب وفى خطة وزارة الثقافة، وكلتا الوزارتين -الشباب والثقافة- لديهما تأثير كبير وطاغٍ.
كل ما سبق سينجح فقط عندما نتعامل مع الأمر باعتباره معركة لا ترف فيها.. ولن ينجح أيضاً إلا باعتبار المعركة واحدة نيابة عن الدولة المصرية بعد ثورتها ككيان متكامل، وليس بالاجتزاء والاقتطاع!
ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد!