بعيداً عن علاقته برجل المخابرات البريطانية جون جاردلنج وبعيداً عما قاله عنه رجل المخابرات البريطانية تشارلز تشوبيرج.. وبعيداً عن أى قصص ومعلومات عن طفولته وشبابه ولا عن قصص سجنه بتهمة السرقة ولا عن انتمائه الطائفى، رغم ما لكل ذلك من تأثير على البنيان النفسى وما يتأسس فيه من عقد وأحقاد وكراهية ورغبات الانتقام إلى آخره.. إلا أننا لن نتحدث إلا بلغة المنطق التى نأمل أن نكون قد تعودنا عليها!
يقول فيصل النعل (القاسم سابقاً) فى تغريدة له قبل أيام أثارت جدلاً واسعاً، ليس لقيمتها ممن دعموه وهم الصهاينة وإسرائيل.. ولا لسخافتها وبذاءتها ووقاحتها ممن هاجموها.. وإنما لبلوغها الحد الأقصى من اللعب على المكشوف فى تقديم الخدمات لإسرائيل وأجهزتها.. يقول فيصل النعل (القاسم سابقاً) وبعد ضحكة رقيعة يجيدها من عمل فى بداية حياته فى ملهى ليلى: «غالبية العرب إذا أرادوا أن يشتموك يصفونك بالصهيونى، مع العلم أن أنجح مشروع فى القرن الماضى والحاضر هو المشروع الصهيونى بينما فشلت كل مشاريع العربان، خاصة القومجية العربجية لهذا يا عزيزى يقول النعل قبل أن تستخدم كلمة صهيونية كشتيمة يجب أولاً أن تصل إلى شسع نعل الصهيونية وبعدين منحكى»!
ولأن فيصل قد بلغ ما لم نبلغه ولن نبلغه وصار شسع نعل ممتازاً ومتميزاً ومتماسكاً فى أقدام الصهاينة ممن انبروا للدفاع عنه ودعمه والرد على منتقديه، حتى بلغ الأمر المتحدث الرسمى لجيش العدو شخصياً ولصفحات وزارة الخارجية الإسرائيلية ذاتها، وهو ما يؤكد حجم ووزن النعل فيصل عند الإسرائيليين والصهاينة.. وليس سراً إن قلنا إن العنوان الأول لهذا المقال هو «العربجى» كما أساء هو للقوميين العرب المتمسكين بحلم وحدة وطنهم وشعبهم العربى.. لكننا وبكل صدق لم ننتبه فقط لكون «العربجى» مهنة شريفة يواصل صاحبها العمل الشريف من أجل لقمة العيش لا يبيع وطنه ولا يتطلع للعمل لمصلحة عدوه، بل اختار مهنة صعبة وشاقة لأكل العيش الحلال.. بل أيضاً لتذكرنا مواقف عديدة لـ«عربجية» كانوا أشرف من أشرف من أشرف ألف مثل النعل المذكور، وكلها شهامة ورجولة وجدعنة، ولذا كان العنوان الآخر «فيصل النعل»!
كان مؤتمر «كامبل بنرمان» فى بريطانيا قد انتهى بعد عامين من الانعقاد فى 1907، واضعاً خطة احتلال المنطقة العربية واستمرار احتلالها أطول فترة ممكنة (كثيرون انتبهوا أخيراً لهذا المؤتمر ويذكرونه الآن فى أغلب لقاءاتهم، ومنهم وسيم السيسى)، ومن بين الخطة إبقاء المنطقة فى تخلف ومنع التقدم والتكنولوجيا وأسرارها عنها، وإذا أجبر الاحتلال (وقد بدت مقدمات ثورة الشعوب العربية وظهر فى مصر مصطفى كامل وغيره بعد عرابى) فعلينا قادة المؤتمر المذكور يعنى ترك خلافات حدودية وزرع بذور الفتن الطائفية والمذهبية لمنع أى اتفاق بين هذه الدول التى تتحدث لغة واحدة وتؤمن بديانة واحدة ولها ثقافة مشتركة وتاريخ واحد وأحلام واحدة والأخطر امتلاكها لثروات هائلة وتحكمها فى منافذ بحرية وجغرافية واستراتيجية مهمة ثم زرع كيان يفصل المشرق العربى عن المغرب العربى»!
فى 1917 صدر وعد بلفور المجرم، وفى 1922 تأسست الـ«بى بى سى» لتكون الذراع الإعلامية لخطة مؤتمر كامبل بنرمان، وفى 1928 تأسست جماعة الإخوان، وفى 1948 أُعلنت إسرائيل، ثم سارت الأمور إلى ما نعرفه وتعرفونه، ومنها دفاع شرس عن الوجود الاستعمارى فى بلادنا، ومن أبرزها العدوان الثلاثى الذى دحره المصريون وسحقوه، ثم التربص بالمشروع التنموى المصرى العملاق والعدوان عليه فى 67، وقبله التآمر لإجهاض الوحدة العربية فى نواتها التى تشكلت بين سوريا ومصر!
نتوقف عند الـ«بى بى سى»، المتحدث الرسمى باسم المشروع الاستعمارى، التى يتساءل البعض فى براءة عن سر موقفها من مصر حالياً دون إدراك أنها مسئولة عن إفشال وتشويه أى محاولة للنهوض وبناء بلد قوى على أرض مصر، لأن فى قوته تهديداً للكيان الذى تقرر زرعه فى المخطط نفسه، والذى يشغل فيصل «شسع نعل» لديه!
الـ«بى بى سى» لا يعمل بها إلا القليلون جداً ممن لا يخضعون لسيطرة المخابرات البريطانية، وذلك من باب تجميل الهيئة ونفى اتهامات تبعيتها للمخابرات البريطانية، الأمين الحقيقى والفعلى على مشروع كامبل بنرمان، وهى الحاكم الفعلى لبريطانيا وليس رؤساء وزرائها.. لكن فى الـ«بى بى سى» عمل فيصل النعل (القاسم سابقاً) وقبل منتصف التسعينات ومع تطورات كبيرة فى المنطقة منها انهيار الاتحاد السوفيتى وحصار العراق والانتفاضة الفلسطينية الباسلة وقتها عرضت الـ«بى بى سى» استنساخ نفسها فى بلد عربى شقيق، لكنها وضعت تصوراً رفضه الأشقاء، ومن هنا استبدل المشروع ببلد آخر ومسمى آخر وكانت «الجزيرة»، ليعاد تكليف النعل بمهام جديدة وانتقل من لندن إلى الدوحة!
هنا جاء دور الخدمات الجليلة من النعل لأصحاب المحل.. برنامج اسمه «الاتجاه المعاكس»، الذى سيقول البعض إنه بفكرته موجود فى بلدان أخرى.. لكن هذا الرد الشيطانى يتجاهل التطور الذى جرى فى البلدان الأخرى حتى استقرت فيها الأمور وحسمت قضاياها كلها.. فلا طائفية ولا استهانة برأى الشعوب التى هى أيضاً بلغت من الوعى ما يجعل فرصة الانفصال أو تحلل الدول فى بلادنا لم تكن جاهزة لمناقشة ما طرحة النعل (القاسم سابقاً) من قضايا أرادت تفكيك البلاد وإشعال نيران التعصب الدينى والمذهبى والقومى والقبلى.. حتى لم يترك النعل أزمة إلا وحولها إلى فتنة غير نائمة ملعون بطبيعة الحال فقد كان من أيقظها!!
فيصل النعل جدير بأفيخاى أدرعى.. لم نكن فى حاجة لإظهار مشاهد غرامية على الهواء.. فما نعرفه أن اللعبة كلها مكشوفة ومفضوحة لفيصل النعل.. المنعول. الملعون بالمعنى الصحيح وبكل المعانى!!