فى رثاء إسماعيل عبدالحافظ: «أتعبتَ من بعدك»
القلق الذى دب فى نفوسهم منذ الإعلان عن مرضه وحاجته للعلاج فى الخارج تحول أمس إلى حزن، بعدما فارق المخرج الكبير إسماعيل عبدالحافظ الحياة، فى مشهد يصلح أن يكون جزءا من الدراما التى طالما صنعها.. الكاتب الكبير وحيد حامد عبّر عن حزنه على وفاة عبدالحافظ قائلا: كان رجلا شديد الوطنية، مخلصا لقضايا البسطاء، ويعتبر رائدا من أهم رواد الدراما المصرية التى أثرت فى الشعب المصرى والعالم العربى كله، فأغلب أعماله كانت تنتمى إلى ملف تنوير المواطن وتشريح المجتمع، يكفى «ليالى الحلمية» بأجزائه الخمسة، ورائعة «خالتى صفية والدير»، وكان لى شرف التعاون معه فى مسلسل «العائلة».
يملك حامد اعترافا وصفه بالخطير فقط ليؤكد قدرة الراحل، قاله لـ«الوطن»: كنا مرشحين فنانة قديرة للقيام بدور الأم فى مسلسل العائلة، لكنها اعتذرت قبل التصوير بيوم واحد، ففوجئت بإسماعيل عبدالحافظ يرشح الراحلة العظيمة خيرية أحمد للدور، وهو ما أزعجنى لأنها ممثلة كوميدية والدور تراجيدى جدا، ولكنه قال لى: «هتشوف يا وحيد إن خيرية هتعمل الدور كويس»، وفعلا بعدما رأيت أداء العظيمة خيرية أحمد فى الدور تعلمت قاعدة ألا يتدخل أحد فى عمل الآخر، وكانت لدىّ الشجاعة لأن أعتذر لخيرية أحمد وسط الاستديو كله.
الوفاة هنا لم تكن مصابا فنيا فحسب، فقد لمست جانبا إنسانيا، فقد الرجل صديق العمر، فبدت الفاجعة أكبر، لم يقاوم المؤلف محمد صفاء عامر دموعه، تركها تنسال وهو يتحدث عن الراحل، فهو ثانى مؤلف عمل معه بعد أسامة أنور عكاشة، وكان بينهما علاقة ود وعمل تفوق كل ما يتخيله البعض. «كنت أجد سعادة مفرطة فى أن أذهب إليه فى اللوكيشن لأجلس معه» قالها عامر باكيا، وهو يتذكر زيارته الأخيرة له فى الرعاية المركزة، فرغم أن الأطباء طمأنوه عليه، وجلس معه ساعتين يتبادلان الحديث ويمزحان ورنت ضحكاتهما فى الغرفة الطبية، فإن شعورا بالخوف انتابه «قلبى انقبض.. ومكنتش عايز أسيبه؛ كنت حاسس إنها المرة الأخيرة لنا سويا».
مسلسل واحد جمعهما، لكنه ترك فى نفسه الكثير، كان اختيار عبدالحافظ نجما سوريا لأداء دور صعيدى فى حدائق الشيطان خطوة مفاجئة على صناع الدراما وقتها، وانطلاقة جديدة للنجم السورى فى مصر، لذا بدا حزن جمال سليمان كبيرا، فالراحل من وجهة نظره «واحد من أعظم مخرجى الدراما التليفزيونية، وقدوة لجميع المخرجين فى العالم العربى، لأنه من القلائل الذين لم يتعاملوا مع الدراما التليفزيونية باعتبارها ترفيها، وإنما كان يراها مشروعا تنمويا وتنويريا، ومع ذلك لم يتعالَ على الجمهور، وكان دائما يضع نفسه مكان الإنسان البسيط محاولاً مخاطبته بلغة مفهومة له وقريبة منه».
وأضاف «سليمان»: «عبدالحافظ له أفضال كثيرة على الفن العربى، فقد تربى فى مدرسته عدد من كبار النجوم فى الوطن العربى وأنا منهم، لذا سيكون واجبا علىّ أن أذكر فضله هذا وأن أحكيه لابنى».
استطاع عبدالحافظ أن يقطع غيابها عن الدراما، أعادها بكل قوة فى «امرأة من زمن الحب» وأعاد إليها رحيله الألم والغصة من تجاهل الدولة لكبار مبدعيها، قالت سميرة أحمد وهى تغالب دموعها: «كان من أعظم المخرجين، قدم أعمالا ستظل خالدة فى أذهان الجمهور فى الوطن العربى، ولا تتصور حجم الإهانة التى تلقاها فى أواخر أيامه بحثا عن علاج على نفقة الدولة»
كان العمل مع عبدالحافظ حلما لكل المؤلفين، لذا كان خبر وفاته صدمة لمن تعاملوا معه ومن تمنوا العمل معه، ومنهم المؤلف مجدى صابر الذى قال: كان لدىّ أمل أن رحلة «عبدالحافظ» العلاجية بفرنسا تؤتى ثمارها، وتعيده إلينا سالما معافى من مرضه، لكن القدر حال دون ذلك، واغتال حلما جميلا، وكان من ضمن أمنياتى وطموحاتى أن يُكتَب فى أرشيف أعمالى عمل يجمعنى معه، لكن لم يقدر لى ذلك.
من «شهده ودموعه» انطلق خالد زكى، لذا صدمه الرحيل، وقال: أشعر بحزن شديد لفقدان عمدة مخرجى الدراما العربية، حيث فقد الفن العربى عامة والمصرى خاصة قامة كبيرة فى الدراما التليفزيونية، ، والكثير من الأعمال الدرامية التى سكنت قلوبنا وعقولنا، وقد شرفت بالعمل معه فى «الشهد والدموع» بجزأيه عامى 1983 و1984، فيما اعتبرته صابرين أباً لجيلها بأكلمه،
تحكى عنه: كان يجلس فى لوكيشن التصوير بالجلابية، ويأكل مع العمال وينصف العامل على نجم العمل، تعلمنا منه السياسة والثقافة والفن، وتعلمت منه البساطة فى التمثيل، ومن يتعرف عليه للمرة الأولى يشعر وكأنه مجبور أن يتعامل معه على أنه والده، ولأننا كلنا ولاده هنقف وناخد عزاه.
يوسف شعبان أكد أن رحيله ومن قبله شريكه أسامة أنور عكاشة خسارة فادحة للدراما المصرية، فقد اشتركا فى صنع كلاسيكيات الدراما المصرية.