طارق لطفى : مشهد النهاية فى الحلقة الأخيرة من " جزيرة غمام " هو الأصعب
طارق لطفى
«الشيطان».. هكذا وصفه الجمهور والنقاد
بعد أدائه لشخصية زعيم الغجر «خلدون» بمسلسل «جزيرة غمام»، لما ظهر به من كاريزما قوية وروح غامضة تجلت فى عيونه اللامعة التى كانت تخفى خطراً كامناً. الفنان طارق لطفى يجذب الجمهور دوماً لعوالمه الخاصة بأدواره، لقدرته على تجسيدها بحرفية وواقعية فى الوقت نفسه، وفى مسلسله الجديد «جزيرة غمام» يقدم ثنائياً مختلفاً مع الفنانة مى عزالدين داخل الجزيرة.
ويكشف طارق لطفى فى حواره مع «الوطن» عن كواليس تصويره مسلسل «جزيرة غمام»، بالإضافة إلى حديثه عن ملحمة العمل التى جمعت بينه وبين مى عز الدين، بتوقيع الكاتب عبدالرحيم كمال، فضلاً عن الصعوبات التى تعرض لها خلال التصوير فى البحر الأحمر، والكشف عن خطة أعماله فى المستقبل، وإلى نص الحوار:
فى البداية، ما رأيك فى ردود الفعل على الحلقات الأولى من مسلسل «جزيرة غمام»؟
- ردود الفعل جاءت مبهرة، وجعلتنى سعيداً بعد فترة طويلة من التصوير الشاق والمتواصل، وشجعتنى بصورة أكبر على أن أقدم أشياء كثيرة أخرى والإصرار على تقديم أعمال تهم الجمهور بصفة عامة، وبعد عرض المسلسل بحلقتين فقط، تحولت حالة «اللوكيشن» إلى سعادة كبيرة ومعنويات مرتفعة، وهذا ما جعلنى فى حالة سعادة كبيرة.
هل توقعت هذا الكم الهائل من الإشادة بشخصية «خلدون» ضمن أحداث مسلسل «جزيرة غمام»؟
- عندما قرأت السيناريو قبل التصوير، تحمست للعمل بصورة كبيرة، ولكنى لم أكن أتوقع أن يكون رد الفعل بهذا الحجم، ولكنى أيقنت أن رد الفعل يكون على قدر التعب، لذلك أود أن أوجه الشكر لكل من وجه لى كلمة شجعتنى أو رفعت من قدرى.
من وجهة نظرك.. هل ترى تقديم شخصية خلدون مخاطرة أم مغامرة؟
- أعتقد أن شخصية «خلدون» جمعت بين النقيضين، فهى مغامرة بكل تأكيد لأنها لمست جوانب فى حياة الغجر لم تلتفت إليها الدراما من قبل، كما أنها ركزت على جوانب فى حياتهم الإنسانية والعملية، ويعتبر أيضاً الموافقة مخاطرة لأننى قدمت شخصية الغجرى من قبل.
تحديت نفسى بشخصية «خلدون» لتقديمها بشكل مختلف عن غجرى
بالفعل، سبق وقدمت شخصية الغجرى فى مسلسل «جبل الحلال» مع الراحل محمود عبدالعزيز، عام 2014.. فما الفارق بينهما؟
- مقاطعاً، بالتأكيد فرق كبير، فعندما يعُرض علىّ دور يشبه شخصية قدمتها من قبل، أدخل فى منافسة مع ذاتى، بأن أقدمه بصورة مختلفة عما ظهرت به، فالشخصية الواحدة لا يمكن أن تجمع بين صفات عديدة ومتنوعة، ولكنها تأخذ بعض الصفات، لذلك حرصت على أن تكون شخصية خلدون بها تفاصيل مختلفة عن ما قدمته فى مسلسل «جبل الحلال».
ما الذى جذبك إلى سيناريو «جزيرة غمام» مع الكاتب الكبير عبدالرحيم كمال؟
- بمجرد أن قرأت السيناريو انبهرت بكل تفاصيله، حيث إن أستاذ عبدالرحيم كمال كتب السيناريو بحرفية شديدة، وخاصة شخصية «خلدون» جاءت ممتعة فى تحضيرها وتنفيذها، كما أن معظم أحداث المسلسل تدور فى إطار صعيدى، وهو فى الأساس مولود فى الصعيد.
بماذا تصف الكاتب عبدالرحيم كمال؟
- عبدالرحيم كمال من أهم الكتاب الموجودين، وعندما يكتب صعيدى باعتباره رجلاً صعيدياً فى المقام الأول فسيكون العمل مهماً ويقدم جملاً شديدة العذوبة، ولديه جمل حوارية مُبهرة فى الحقيقة، فهو مؤلف محترم وفاهم ويعى إيقاع المشهد.
أنقذنا أحد المجاميع من الغرق وعاصفة ترابية تسببت فى اقتلاع الخيام
هل كان قرار السفر إلى البحر الأحمر لتصوير معظم المشاهد، جعلك تفكر فى الاعتذار عن العمل؟
- بالعكس، نحن صورنا فى ظروف صعبة للغاية، بدرجة حرارة متُقلبة، وكانت سرعة الرياح مُرعبة، كما شاهدنا أكثر من عاصفة ترابية شديدة، وهناك مشاهد تم تصويرها فى تلك الظروف، فالملابس كانت تطير والخيم تتحرك من جذورها، كل هذا كان صعباً أثناء التنفيذ، ولكن ذلك لم يجعلنى أرفض الدور، أو أعتذر عنه بالإضافة إلى أن رد فعل الجمهور يُنسى كل هذا التعب.
معنى ذلك أن فريق المسلسل صوّر تحت ظروف صعبة، هل توقف التصوير فى إحدى المرات بسبب سوء الأحوال الجوية؟
- أتذكر جيداً مشهداً كان يتم تصويره حول الشاطئ وجبال عالية، وشاهدنا عاصفة ترابية تسير تجاهنا فى السماء، ولم نتوقف عن التصوير بسببها ولكن تم تصوير تلك العاصفة وسوف تظهر خلال الحلقات المقبلة.
تصوير بعض المشاهد على ضوء الشموع كان تحدياً كبيراً
من التحديات الصعبة التى ظهرت، تصوير العمل على أضواء الشموع، هل تعتبر ذلك تحدياً كبيراً للمسلسل؟
- نحن نتحدث عن فترة معينة عام 1920، وفى تلك الفترة لم يتم اكتشاف المصابيح، لذلك صورنا على أضواء الشموع، وهذا التحدى الكبير يُحسب لمدير التصوير إسلام عبدالسميع فإنه استطاع أن يقدم صورة خيالية ومبهرة، دون الشعور بأن الصورة ينقصها شىء.
ماذا عن كواليس تصوير مشهد دخولك جزيرة غمام على المراكب فى الحلقات الأولى، وإقناع أهل الجزيرة بوجودك؟
- يعتبر من أصعب المشاهد التى تم تصويرها، فالمراكب التى ظهرنا بها غير مُجهزة لنقل الأفراد، ولكنها مراكب صيد فقط، ولا يوجد بها ثبات فى الماء، فكان الصيادون فقط ينتقلون بسهولة شديدة لأنها مهنتهم الأصلية، ولكن نحن كان الأمر فى غاية الصعوبة، فهناك شخص من مجاميع الأدوار الثانوية سقط فى المياه، وأنقذناه على وجه السرعة، وأشياء كثيرة أخرى سقطت فى البحر، وكان مطلوباً تحت هذا الضغط أن نكون فى حالة ثبات سواء من الممثلين أو الإضاءة أو الإخراج.
هل أثار سقوط شخص فى البحر حالة من الذعر والخوف بين باقى الممثلين؟
- بكل تأكيد سبّب سقوط أحد الأشخاص الإزعاج، خاصة أن عمق تلك المنطقة فى البحر يتراوح ما بين ٨ إلى ١٠ أمتار، ولكننا لم نتوقف عن التصوير نهائياً، واستكملناه رغم أن المراكب كانت من الأمام عالية للغاية، ومن الخلف منخفضة بصورة ملحوظة، لذلك كان السير عليها فى غاية الصعوبة، ووصول تلك المراكب إلى الشاطئ كان صعباً لأن هذا المكان كان مليئاً بالصخر، فكان لا بد أن «تشحط» المراكب بصورة معينة، كى نستطيع أن ننقل كل الأشياء بشكل سليم.
كيف جاء التحضير لشخصية «خلدون»؟
- وقفت على تفاصيل الشخصية مع المخرج حسين المنباوى، كما أن الشركة المنتجة وفرت باحثاً تحدث مع الممثلين عن الغجر ومعاملتهم ومصطلحات الحديث الخاصة بهم، حتى تم نسج عالم آخر تدربت من خلاله على الشخصيات، وتم اختيار الشكل والملابس.
ما مرجعيتك فى اختيار الملابس وارتداء «بالطو» على الجلباب؟
- كان الأمر بالتشاور بينى وبين المخرج حسين المنباوى، وفى البداية اقترح ارتداء «بالطو» على الجلباب، وبذلنا مجهوداً كبيراً من أجل البحث عن «بالطو» قديم، ثم وضعنا عليه بعض الأشياء اللافتة للنظر، وقطعت جزءًا منه كى يكون طائراً مع الهواء، ويتناسب مع الشخصية.
جاءت تعليقات كثيرة من الجمهور على شكل الشعر، كيف جاءت كواليس العمل على مظهره؟
- حرصت على أن أمشط شعرى للأمام، حتى يعكس ذلك انطباعاً مُختلفاً للمشاهد، فشخصية خلدون فى الأساس تعمل مع سيدات راقصات، وتركت اللحية طويلة لإثارة الجدل، فهو شخص متناقض فى جميع تصرفاته.
لماذا تم الاستقرار على أن تكون لهجة المسلسل بالصعيدى؟
- اللهجة الأساسية صعيدى سوهاجى، وكان يرافقنا باستمرار مصحح لغوى، فلقد جاء بالحلقة الأولى تفسير لهذا الأمر، عندما قالت إحدى السيدات العجوز «الغجر يحبوا أن يذوبوا داخل شكل البلد، حتى لا يكونوا أغراب»، لذلك اتفقنا على التحدث بالصعيدى فى المسلسل، خاصة أن اللهجة الغجرية غير متداولة وغير مفهومة وصعب أن نحفظها، كما أن الجمهور لن يفهم شيئاً منها، ولكن حرصنا على وضع مفردات صغيرة من كلامهم وتوظيفها مع اللهجة الصعيدى بمساعدة باحث فى اللغة الغجرية.
مى عزالدين مريحة فى التعامل
«جزيرة غمام» يجمع بينك وبين الفنانة مى عز الدين بعد فترة غياب تصل إلى ١٢ عاماً بعد مسلسل «قضية صفية»، ما الفارق بين تلك السنوات؟
- لم يختلف شىء، فعلاقتنا الشخصية قوية، وتركنا أثراً طيباً فى نفوس بعضنا البعض، مى شخصية مريحة فى التعامل، وكواليس العمل جاءت ممتعة، فدائماً كان يردد المخرج حسين المنباوى جملة محددة قائلاً، «العمل شبه أبطاله»، كل شخص كان ملتزماً مريحاً، ولم يفعل أحد أى مشكلات، والأشخاص كانت تساعد بعضها.
المسلسل يشبه على الحجار بشكل كبير
ما رأيك فى عودة على الحجار لأغانى التترات من خلال المسلسل؟
- المسلسل يشبه على الحجار بصورة كبيرة، وأغنية التتر من أهم الأشياء التى أضافت للعمل، لأن الجمهور كان يفتقد صوته، فلقد غنى على الحجار أهم تترات المسلسلات على مدار الـ 30 عاماً الماضية.
هل تعرضت لأى إصابات خلال التصوير؟
- لم نتعرض بفضل الله لإصابات، ونحاول تكثيف التصوير حيث يتبقى حوالى ٨ أيام فقط، لنتابع رد الفعل بصورة أكبر.
ما أصعب المشاهد بالنسبة لك خلال تصويرها؟
- مشهد نهاية المسلسل فى الحلقة الأخيرة، من أصعب المشاهد فى تصويرها، وسيكون مفاجأة للجميع.
ما المميز من وجهة نظرك فى مسلسل «جزيرة غمام»؟
- «جزيرة غمام» يدور فى فترة زمنية 1920، وهى شبه جزيرة فى الصعيد على البحر، وهذا شىء يعتبر نادراً، لأن الصعايدة معظمهم على النيل، كما أنهم يعملون فى الصيد وهذا شىء يعتبر نادراً أيضاً، يأتى ذلك بعاداتهم وتقاليدهم ومورثاتهم، فالمسلسل له طابع خاص ومختلف عن باقى المسلسلات المعروضة.
هل كان من الصعب عليك الجمع بين تصوير أكثر من عمل خلال فترة زمنية متقاربة خاصة مع مشاهد السفر؟
- بالفعل، إرهاق شديد وسفر كثير، ولكن الشخصيات كلها جاءت مميزة، كان من الصعب أن أرفض أى شخصية فيها، لأنها لن تأتى مرة أخرى بسهولة.
ما أهم ما يميز تجربة «ليلة السقوط»؟
- عدة أشياء، منها التعاون مع ممثلين عراقيين متميزين يصلحون أن يكونوا نجوماً كباراً فى العالم العربى، وأنا سعيد بهذا الاحتكاك وتبادل الثقافات، لأننى اكتسبت أصدقاء مُهمين خلال الفترة الماضية، فكل شىء كان مُسخراً بالنسبة لنا، إذا طلبنا أى شى نجده حاضراً على الفور، حتى لو كان قوات أو مدرعات يتم تحضيرها على الفور لمساعدتنا.
هل كان هناك مشاهد صعبة؟
- كان هناك مشهد تم تصويره باستخدام مفرقعات، ولسوء الحظ كان هناك لغم بجوارها، فعندما انفجرت المفرقعات حدث انفجار شديد للغم، ولكن بفضل الله لم يصب أحد، ولكن حدثت حالة من الرعب.
ما الأسباب التى جعلتك توافق على مسلسل «ليلة السقوط» بعد «القاهرة كابول» بالعام الماضى رغم تعرضهما لقضية التطرف؟
- كان تحدياً كبيراً بالنسبة لى، فالعملان مختلفان فى سرد شكل التطرف، وكنت على رهان مع ذاتى أن أقدم شيئاً مختلفاً عن «القاهرة كابول»، فالتطرف يحتاج إلى مئات الأعمال حتى يتم تقديمه، من أجل مناقشة الأفكار السيئة داخل البشر، ومحاولة تصحيحها.
هل تعرضت لأى تهديدات بالتزامن مع تصوير مسلسل «ليلة السقوط»؟
- تلقيت شتائم بشكل صريح بعد مسلسل «القاهرة كابول»، وأعتقد أننى سأتعرض لهذا الأمر بشكل مضاعف بعد عرض شخصية عبدالله الدباح فى «ليلة السقوط»، لأننا نستعرض التصرفات الفردية للمتطرفين فى العمل المأخوذ من أحداث حقيقية، لذلك أتوقع أن تكون مساحة الهجوم أكبر هذه المرة.
أحلم بتجسيد شخصيتى معاوية بن أبى سفيان ونجله «يزيد» وسأقدم تجربة جديدة على المسرح القومى
ما الشخصية التى تتمنى تقديمها؟
- أتمنى تقديم شخصية معاوية بن أبى سفيان ونجله «يزيد»، الذى ولد فى خلافة الصحابى عثمان بن عفان، فهما من الشخصيات الجدلية وأتمنى تقديمهما فى المستقبل، كما أن التاريخ ملىء بالشخصيات الأخرى المهمة التى تستحق تقديمها فى عمل فنى.
هل تعود إلى خشبة المسرح قريباً؟
- أستعد لتحضير مسرحية جديدة على خشبة المسرح القومى، النص من تأليف الكاتب عبدالرحيم كمال، ومن المقرر أن نبدأ العمل على المسرحية بعد العيد، وستكون جديدة ومختلفة.
متى سيتم عرض فيلم «حفلة 9»؟
- الفيلم تم وقف تصويره مع الأسف الشديد، رغم أنه كان يتبقى ٦ أيام فقط على الانتهاء منه، ويرجع السبب وراء ذلك إلى تعرض المنتج لأزمة مادية، وهو ما أعتبره خسارة كبيرة لكون العمل كان جيداً ومليئاً بالأحداث المشوقة، أما الأزمة الأكبر فهو تغير شكل جميع الأبطال بعد مرور عامين على إيقاف التصوير.
لماذا ابتعدت عن السينما خلال الآونة الأخيرة؟
- لأننى لم أتلقَّ عروضاً سينمائية تليق بمشوارى الفنى، فأعتقد أننى وصلت لمرحلة مهمة على مستوى ما قدمته فنياً، وهو ما يجعلنى أنتقى العمل الجيد «مش هقدم أى حاجه وخلاص».
ما خطتك للفترة المقبلة؟
- ما زلت أواصل تصوير مسلسل «جزيرة غمام»، وأنتظر عرض مسلسل «ليلة السقوط»، ومن بعدهما سوف أحصل على فترة راحة طويلة مع أسرتى.
«ليلة السقوط»
سيتم طرح المسلسل فى شهر سبتمبر المقبل، وقصة العمل تدور بين عامى ٢٠١٤ و٢٠١٧، وتتناول أحداث الموصل إبان سنوات احتلالها من قبل تنظيم داعش، وتستعرض الظروف المأساوية التى عاشها أهل الموصل خلال تلك الحقبة، وكيف تمكنت القوات المسلحة العراقية بالشراكة مع قوات البيشمركة وقوات الحشد الشعبى من دحر الإرهاب.