محمد حسن فاتوري يكتب: اختراق الهوية العربية
محمد حسن فاتوري
مرت الثقافة فى الفترات القريبة بالعديد من المتغيرات المتسارعة التى تحمل فى طياتها أيديولوجية التنميط والاختراق الثقافى، وهى تتجلى فى صياغة ثقافية عالمية مندمجة لها قيم ومعايير وسلوك وعادات، وسيطرة غربية على سائر الثقافات بواسطة استثمار المكتسبات والعلوم والتقدم التكنولوجى فى مجال ثورة الاتصالات وثورة المعلومات والتتويج التاريخى لتجربة مديدة، السيطرة بدأت منذ انطلاق عملية الغزو، الأمر الذى يؤدى إلى نشوء قيم ليس لها مرجعية فى الثقافة العربية، ما أدى إلى حدوث تشويش للهوية الثقافية وفقدان التوازن، ونظراً لكون بعض الثقافات مدعمة بوسائل تكنولوجية تقابلها فى الجهة الأخرى ثقافات مجردة من تلك الوسائل، ما يؤدى إلى عدم التكافؤ فى عملية تبادل العناصر الثقافية تبعاً لعوامل التفاعل الحضرى، وإذا كانت الاستقلالية نسبية ومتغيرة فكذلك نجد التبعية الثقافية والتى تعنى فى جوهرها استلاب الأمة.
وتمر الهوية العربية أيضاً بتحديات كبرى ترتقى إلى وجود اختراق فى هوية الإنسان العربى الثقافية، ويمكن القول إن التأثيرات الثقافية للتحديث الاقتصادى وارتفاع مستوى التعليم والتقدم التكنولوجى قوية جداً ومؤثرة وربما أن هذا الجانب هو الأكثر إثارة للجدل والخلاف بين العديد من المفكرين العرب إلى درجة أنه أصبح عنصراً خلافياً فى أسباب موجة المد الدينى الحاصلة، لقد اتضح أن موجة المد الدينى التى تجتاح عدداً من الدول العربية أصبحت مصدراً للاضطراب والتشتت.
من طرق مواجهة مثل هذه المشكلات والوقاية منها: أن عدم مواجهة هذه المشكلات ووقاية الشباب منها يساعد على حدوث آثار سلبية مثل (انتشار الجريمة بأنواعها - انحراف الشباب - انتشار العنف - التطرف السياسى والدينى - تعاطى المخدرات والكحوليات.. وغيرها)، وهذا يتطلب منا مواجهة هذه المشكلات أو إيجاد آليات وتوصيات لمساعدة الشباب على كيفية التعامل معها والوقاية منها، من خلال العمل على شمول الخدمات لجميع المحتاجين من الشباب وإشباع الحاجات الأساسية للشباب وتحقيق العدالة وتنمية الروح الاجتماعية لدى الشباب، ما يؤدى إلى تقوية روح الانتماء والمسئولية تجاه وطنهم ومساعدة الشباب على التكيف مع النظم الاجتماعية والثقافية القائمة فى مجتمعهم وإكسابهم القدرة على العمل الجماعى والتعاون وتحقيق أهداف اجتماعية مشتركة.