دبلوماسيون: عدم مساعدة العرب ليبيا ضد "داعش" أفسح المجال لأمريكا
داعش في ليبيا
أكدت مصادر دبلوماسية عربية عدم وجود قلق من شن الولايات المتحدة غارات جوية ضد معاقل تنظيم "داعش" الإرهابي في معقلها الرئيس في مدينة سرت الليبية، موضحة أن هذا التدخل، وإن بدى مفاجئا، سبقته غارات أمريكية أخرى خلال الشهور الأولى من العام الجاري، فضلا عن وجود تمهيد لهذا التدخل خلال الفترة الاخيرة عبر الأنشطة الاستخبارية والعسكرية الغربية، التي شهدتها الفترة الأخيرة منذ توقيع اتفاق الصخيرات.
وأكدت المصادر، لـ"الوطن"، أن الحكومة الليبية المؤقتة السابقة قدمت طلبا عبر جامعة الدول العربية للدول الأعضاء، من أجل توجيه ضربات مكثفة ضد تنظيم "داعش" الإرهابي في مدينة سرت، بناء على طلب ليبيا، لكن الدول العربية لم تستجب لهذا الطلب، نتيجة حسابات داخلية وخارجية كان أبرزها عدم الوصول لاتفاق سياسي في ليبيا، ومن ثم رفض المجتمع الدولي التدخل في هذا التوقيت لصالح أي طرف ليبي، لمنع تغيير معادلة التفاوض بين الأطراف الليبية خلال مفاوضات السلام التي تمت برعاية الأمم المتحدة.
وأوضحت المصادر عدم استجابة الدول العربية للطلب الليبي وعدم مبادرتها للمشاركة عسكريا في محاربة الإرهاب في ليبيا، أفسح المجال أمام عمليات نوعية تقوم بها الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية.
فيما قال مصدر دبلوماسي مسؤول بجامعة الدول العربية إنها تراقب عن كثب الوضع في ليبيا بعد الغارات الأمريكية، موضحا أن هناك تنسيق مع حكومة الوفاق المعترف بها من المجتمع الدولي وجامعة الدول العربية، الذين يدعمان أي جهود للوقوف أمام تمدد خطر تنظيم "داعش" الإرهابي في ليبيا، مشيرا إلى أن جامعة الدول العربية تأمل في أن يتم التوافق بين الأطراف الليبية على الصورة الأكثر فعالية في محاربة الإرهاب بإشراك جميع الأطراف.
خلاف: أي تدخل عسكري بري في ليبيا سيتطلب موافقة مصر والجامعة العربية
وقال السفير هاني خلاف، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون العربية، إن شن الولايات المتحدة بغارات جوية ضد معاقل "داعش" في ليبيا كان أمرا مفاجئا، لكنه كان متوقعا في ضوء الأنباء عن الأنشطة العسكرية والاستخبارية الغربية في ليبيا خلال الشهور الماضية، مستبعدا أن يتطور هذا التدخل الأمريكي إلى عمليات برية على الأرض.
وأضاف خلاف، لـ"الوطن": "العمليات البرية لا يمكن أن تبدأ بهذه الصورة المفاجأة التي اعترف خلالها البنتاجون بالغارات على سرت، حيث سيتطلب ذلك توافق بين الشرعيات المتنازعة في ليبيا، وليس الاكتفاء بموافقة حكومة الوفاق الوطني التي يقودها فايز السراج، فلا بد من التوافق مع الشخصيات المقيمة في طبرق مثل رئيس مجلس النواب عقيلة صالح وعبدالله الثني والفريق خليفة حفتر قائد الجيش، كما لا تزال هناك خطوات لم تحسم بعد في ليبيا مثل الاتفاق على شخصية وزير الدفاع الجديد، أما على المستوى العربي، فلا بد أن توافق مصر وجامعة الدول العربية على مثل هذا التدخل".
وشدد السفير على أن أي قرار بالتدخل البري لن يكون قرارا منفصلا لحكومة الوفاق الوطني الليبية، بل يخضع لحسابات أخرى سواء تتعلق بالشأن الداخلي في ليبيا أو الأطراف الإقليمية المعنية بالأزمة، خاصة دول الجوار، معتبرا أن مصر يمكنها المساهمة في تدريب الجيش الليبي ومساندة في محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي، كما أن العديد من المستشارين الغربيين يدربون أيضا قوات ليبية، ما يقلل من احتمالية اللجوء إلى التدخل البري المباشر، مضيفا: "من الطبيعي أن تأتي تلك الغارات من الولايات المتحدة، التي تعد أكثر الدول المشاركة في توجيه الضربات الجوية ضد (داعش) ضمن التحالف الدولي".
وتواصلت "الوطن" مع العديد من المسؤولين بجامعة الدول العربية بالمندوبية الليبية الدائمة لدى جامعة الدول العربية والسفارة الليبية في القاهرة، وتحفظوا جميعا على التعليق على التطورات الراهنة في ليبيا خاصة مسألة الغارات الأمريكية.